طريق قيس سعيّد غير معبّدة.. واشنطن تدعو إلى "ديمقراطية شاملة" في تونس
أعلنت سفارة الولايات المتحدة في تونس في بيان، أن وفد الكونغرس دعا للإسراع في اعتماد قانون انتخابي تشاركي، وشدد على أهمية وجود قضاء مستقل ومجلس نيابي فعّال.
ويأتي ذلك عقب لقاء الرئيس التونسي قيس سعيّد بوفد من الكونغرس في قصر قرطاج، بحضور القائمة بأعمال السفارة الأميركية نتاشا فرانشسكي.
وبحسب مراسلة "العربي"، فإنّ عنوان زيارة الوفد الأميركي كان أهمية وجود عملية ديمقراطية شاملة تكون عماد المسار السياسي في البلاد، في ظل تباعد لافت في وجهات النظر بين تونس وواشنطن.
مضمون متناقض
حل الوفد الأميركي مرة أخرى بقصر قرطاج محمّلًا بالرسائل، فأعلن كل من الطرفين عن مضمون اللقاء، ليختلف المضمون المعلن حد التناقض بينهما.
فبينما دعا الوفد الأميركي إلى تشاركية أوسع في الانتخابات التشريعية المقبلة ومجلس نيابي نشط، ردّ الرئيس بأن الديمقراطية تُختزل في المؤسسات.
ويعتبر القيادي في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب" أحمد غيلوفي أن سعيد يريد أن يقول إن "لا حاجة لنا للمؤسسات لكن هناك روح للديمقراطية يعبر عنها الشعب والدستور".
دوافع سياسية
في غضون ذلك، لا تبدو الطريق أمام سعيّد معبدة في ظل أزمة سياسية معقدة تبدو انعكاساتها واضحة على الملف الاجتماعي والاقتصادي.
وبحسب مراسلة "العربي"، فإنّ القوى الأجنبية تشترط مشاركة كل الأطراف في حلّ هذا الملف، وهو ما يزيد الضغوط على الرئيس سعيّد الساعي لاستكمال مسار الاستفراد بالسلطة.
ويشير مدير منتدى ابن رشد للدراسات الإستراتيجية كمال بن يونس إلى أن أولوية الحكومة الأميركية هي التنسيق العسكري والأمني وضمان مصالح الولايات المتحدة في تونس وشمال إفريقيا، واعتبار تونس بوابة للقارة، ومنطقة آمنة بين ليبيا التي تشهد حربًا طويلة والجزائر.
احتواء قيس سعيّد
وحول تفاعل الرئاسة التونسية مع تصريحات المسؤولين الأميركيين، يلفت بن يونس في حديث إلى "العربي" من تونس إلى تفاعل على مستويات مختلفة، "فهناك تأكيد على السيادة الدولية ورفض التدخل الأجنبي".
ويشير إلى أنه منذ 25 يوليو/ تموز 2021 كان هناك تنسيق كبير بين السفير الأميركي السابق ورئاسة الجمهورية ووزارة الخارجية فيما سمّته أطراف الإدارة الأميركية "احتواء الرئيس قيس سعيّد أو احتواء السلطة التونسية ومسايرتها وعدم مصادمتها كما فعل بعض أعضاء الكونغرس الذين وصفوا ما جرى وقتها بأنه انقلاب على الدستور".
ويؤكد بن يونس أن هذا المسار يتواصل، فيما تدفع فرنسا في هذا الاتجاه كي لا تخسر تونس بعد أن خسرت مواقعها في ليبيا والجزائر وفي المغرب.
ويضيف: "لا يريد البنتاغون أن يخسر تونس حيث كان فاعلًا رئيسيًا في دعم الانتفاضات الاجتماعية والثورات العربية عام 2011".
الديمقراطية التونسية خيار أمني
ويرى بن يونس أن أميركا استثمرت في الديمقراطية التونسية باعتبارها خيارًا أمنيًا، حيث تريد نجاح التسويق لتجربة من التعايش بين العلمانيين والإسلاميين.
ويقول: "إن وزارة الخارجية الأميركية تصدر تقريرًا سنويًا حول أوضاع حقوق الإنسان في كل الدول العربية بما في ذلك الدول النفطية الخليجية الحليفة لأميركا وهي بمثابة عتب الحبيب".
كما يلفت إلى ممارسة ضغوطات خارجية على تونس، من خلال العقوبات العسكرية الأميركية إضافة إلى الضغوطات على صندوق النقد الدولي لعدم تقديم مساعدات.
ويخلص بن يونس إلى محاولة سعيّد تكريس مركزية الدولة بشكل مبالغ فيه رغم الاحتجاجات الأميركية والغربية التي تهكّم عليها مرارًا، لكنه يعتبر أن الضغط الاقتصادي قد يدفع سعيّد لتقديم تنازلات أكبر.