على بعد حوالي 80 ميلاً من أقصى غرب سور الصين العظيم، وجد علماء الأحافير آثارًا لعالم أكثر قدمًا. فعلى مدى العقدين الماضيين، اكتشف الباحثون أكثر من 100 عينة من الطيور الأحفورية التي عاشت قبل حوالي 120 مليون سنة، خلال زمن الديناصورات.
ومع ذلك، فقد ثبت صعوبة تحديد العديد من هذه الحفريات: فهي غير مكتملة وأحيانًا يتم سحقها بشدة.
نوعان جديدان من الطيور
وفي ورقة بحثية جديدة نُشرت في "جورنال أوف سيستيمكس أند إيفوليوشن"، فحص الباحثون ستة من هذه الحفريات وحدّدوا نوعين جديدين. وكان لأحد هذين النوعين الجديدين ملحق عظمي متحرك في طرف فكه السفلي ربما ساعد الطيور في الحصول على الطعام.
وقالت جينغماي أوكونور، المؤلفة الرئيسية للدراسة والمنسقة المشاركة لعلم الحفريات الفقارية في متحف شيكاغو الميداني: "لقد كانت عملية طويلة ومضنية لاستكشاف ماهية هذه الأشياء، لكن هذه العينات الجديدة تتضمن نوعين جديدين يزيدان من معرفتنا بحيوانات الطيور الطباشيرية، ووجدنا مجموعات مع سمات الأسنان التي لم نشهدها من قبل في أي ديناصورات أخرى".
وقال المؤلف المشارك جيري هاريس: "تأتي هذه الحفريات من موقع في الصين أنتج أحافير لطيور، لكن جميع أحافير الطيور التي تم وصفها حتى الآن لم يتم حفظ جماجم بها مع الجثث".
وأضاف: "تساعد عينات الجمجمة الجديدة هذه في سد تلك الفجوة في معرفتنا لطيور هذا الموقع وتطور الطيور ككل".
وبحسب الدراسة، فقد تطورت مجموعة صغيرة من الديناصورات إلى طيور تعايشت مع الديناصورات الأخرى لمدة 90 مليون سنة. والطيور الحديثة هي أحفاد مجموعة الطيور التي نجت من الانقراض والتي قتلت بقية الديناصورات، ولكن العديد من الطيور التي كانت في عصور ما قبل التاريخ انقرضت أيضًا.
موقع "تشانغما"
ويسمّى موقع الحفريات في شمال غرب الصين "تشانغما" وهو مكان مهم للباحثين الذين يدرسون تطور الطيور. ويعد ثاني أغنى موقع للطيور الأحفورية (زمن الديناصورات) في العالم.
والعينات الست التي فحصتها أوكونور وزملاؤها في هذه الدراسة هي في الأساس مجرد جماجم وأعناق، وهي أجزاء لم يتم حفظها في عينات معروفة من غانسوس. كذلك تحطمت الحفريات إلى حد ما مع الوقت الذي قضته في أعماق الأرض، مما جعل تحليلها صعبًا.
وسمي أحد الطيور المكتشفة حديثًا "ميمانافيس" على اسم ميمان تشانغ، عالمة الحفريات الصينية التي أصبحت أول امرأة تقود معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم في بكين. وسمي الآخر "بريفيدينتافيس" ويعني "طائر قصير الأسنان".
ومثل طيور اليوم، كان "ميمانافيس" بلا أسنان. وكان لدى "بريفيدينتافيس" أسنان صغيرة، وإلى جانب تلك الأسنان ظهرت ميزة غريبة أخرى وهي وجود عظم في مقدمة الفك، حيث سيكون ذقنه إذا كان للطيور ذقن، بحسب أوكونور.
وحيد القرن العملاق
وكشفت حفريات عثر عليها في إقليم غانسو بشمال غرب الصين النقاب عن فصيل من وحيد القرن العملاق لم يكن معروفًا من قبل كان يعيش منذ أكثر من 26 مليون سنة، بحسب دراسة نشرتها دورية كوميونيكشنز بيولوجي في يونيو/ حزيران الماضي.
ويشير توزيع حفريات وحيد القرن العملاق، بعدما عثر على حفريات أخرى في الجانب الآخر من جبال الهيمالايا في باكستان، إلى أن "هضبة التبت لم تكن قد وجدت بعد ولم تكن حائلًا أمام حركة أكبر الثدييات البرية".
وكان وحيد القرن العملاق، على غرار النوع الذي اكتشفت حفرياته مؤخرًا، ويحمل اسم باراسيراثيريوم لينشيانيز، بلا قرن وله رقبة طويلة تجعله أطول من الزرافات، وربما يصل وزنه إلى 20 طنًا أي ما يعادل عدة أفيال، ومن المرجح أنه كان يعيش في الغابات المفتوحة.
بقايا إكثيوصور
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أضيف كنز أحفوري جديد إلى الكنوز المكتشفة والتي تعطي صورة عن العالم قبل ملايين السنين. فقد تم العثور على إكثيوصور يبلغ عمره حوالي 180 مليون عام في بحيرة بمقاطعة روتلاند البريطانية
ووجد الإكثيوصور، وهو أحد الزواحف البحرية، بهيكل عظمي يصل طوله إلى حوالي 10 أمتار ويملك جمجمة تزن حوالي طن. ويُعتبر أكبر وأكثر أحفورة مكتملة من نوعها تمّ العثور عليها في المملكة المتحدة. ووصف هذا الاكتشاف بأنه أحد أعظم الاكتشافات في تاريخ علم الحفريات البريطاني.
وأشار الباحث ورئيس الجمعية اللبنانية لدراسة الأحفوريات والتطور، داني عازار، إلى أهمية هذا الاكتشاف في فهم الماضي.
وقال في حديث إلى "العربي" من بيروت: "يساعدنا فهم هذا الإكثيوصور على فهم التنوع البيولوجي الذي كان موجودًا". ولفت إلى أهمية العثور على الهيكل العظمي الكامل للحيوان.
وأشار إلى أن وجود الرواسب الناعمة يساعد على حفظ الأحفوريات.