الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

علاقات فرنسا مع إفريقيا.. هل ما يزال الإرث الاستعماري متحكمًا بباريس؟

علاقات فرنسا مع إفريقيا.. هل ما يزال الإرث الاستعماري متحكمًا بباريس؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "قراءة ثانية" تلقي الضوء على تاريخ فرنسا الاستعماري في إفريقيا (الصورة: تويتر)
يتجلى تكريس الفرنسيين لنهجهم الاستعماري على القارة السمراء في المجال الطبي مثلًا، فأثناء جائحة كورونا دعا أطباء إلى إجراء تجارب اللقاحات على الأفارقة الفقراء.

مرّت أكثر من 40 سنة على انتهاء الاستعمار الفرنسي المباشر لدول في إفريقيا وجنوب شرق آسيا، الذي دام قرابة 4 قرون سادت فيها الدموية ونهب خيرات الشعوب المستعمرة ومحاولة فرنسة فرض ثقافاتها.

وفي ظل بقاء بعض المناطق في العالم تحت السيطرة الفرنسية حتى اليوم، في ما يعرف بفرنسا ما وراء البحار، يدور جدل حول ما إذا كان لهذا الإرث الاستعماري الطويل دور مستمر في تشكيل السياسات الفرنسية الخارجية والداخلية في عصرنا الحاضر.

التماهي مع سياساتها

إذا ما نظرنا إلى الواقع السياسي والاقتصادي للبلدان التي استعمرتها فرنسا سابقًا، نجد حضورًا فرنسيًا واضحًا.

فعلى المستوى السياسي، وقعت عشرات الانقلابات العسكرية في عدة دول إفريقية في النصف الثاني من القرن العشرين، وكانت باريس حاضرة في جلّها بحثًا عن نخبة عسكرية تتماهى مع سياساتها وتمرر لها مصالحها الاقتصادية.

إلى جانب الهيمنة الفرنسية على النخبة السياسية والعسكرية في إفريقيا، تقيّد باريس السياسات الاقتصادية لتلك البلدان، بفرض شروط على استخدام العملات الإفريقية المحلية، وإجبارها على استخدام الفرنك الخاص ببعض الدول، مع توقيع المصارف المركزية هناك لتعهدات والتزامات بما يتعلق باستخدام المخزون الاحتياطي من العملات الأجنبية.

هذا بالإضافة إلى هيمنة الشركات الفرنسية الكبرى على أسواق الذهب والمعادن الأخرى.

بقاء العقلية الاستعمارية؟

وفي ضوء ذلك، صرح الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك في سابقة تاريخية عن هذه العلاقة الاستغلالية قائلًا: إن جزءًا كبيرًا من الأموال الموجودة لدينا في فرنسا متأتية من الاستغلال الذي مارسناه لقرون في إفريقيا.

وعلى صعيد ثالث، يتجلى تكريس الفرنسيين لنهجهم الاستعماري على الأفارقة في المجال الطبي مثلًا، فأثناء جائحة كورونا دعا أطباء فرنسيون إلى إجراء تجارب اللقاحات ضد الفيروس على الأفارقة الفقراء.

أما داخل حدود فرنسا ذاتها، فتتعامل الشرطة بقوة مفرطة وشرسة مع التظاهرات التي ينشط فيها متظاهرون من أصول إفريقية، وهو حسب حقوقيين تأكيد على بقاء العقلية الاستعمارية الفرنسية.

ماضٍ استعماري

في هذا السياق، يرى مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس سلام الكواكبي أن "الوجود في الدول الإفريقية ليس حكرًا على فرنسا، فالعديد من الدول الغربية لها علاقات مع هذه القارة".

ويشير الكواكبي، في حديث إلى "العربي" من باريس، إلى أن "دولًا عديدة مثل أميركا وروسيا تمتلك مناطق نفوذ حول العالم، وبالتالي هذه السياسة ليست حكرًا على فرنسا".

ويقول: "فرنسا لم تتخلص من ماضيها الاستعماري والإرث الثقافي الاجتماعي، بعيدًا عن السياسة والاقتصاد".

ويضيف: "ما تمارسه فرنسا في هذه الدول لا يختلف عما تقوم به دول غربية أخرى، لكن يبقى أن باريس تتعامل مع عدد أكبر من البلدان نظرًا للظروف التاريخية".

وبموضوع العملة الموحدة، يوضح الكواكبي أن "موضوع الفرنك ليس هيمنة بل اتحاد نقدي يفيد الطرفين".

مصالح متبادلة

من جهته، يرى الأكاديمي والباحث في الشؤون الفرنسية والدولية بيار لوي ريمون أنه "منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ولغاية سقوط جدار برلين كانت فرنسا تتحكم في مستعمراتها الإفريقية بشكل منفرد".

ويشير لوي ريمون، في حديث إلى "العربي" من ليون، إلى أن "هذا الواقع أعطى باريس مناطق نفوذ كبيرة في وقت مبكر في القارة الإفريقية".

ويشدد الباحث الفرنسي على أن "ما تقوم به باريس اليوم هو شكل جديد من الممارسات في تلك الدول وليس استعمارًا".

ويقول: "هناك مصالح مشتركة للطرفين في العلاقات بين الدول الإفريقية وفرنسا".

تابع القراءة
المصادر:
العربي