عملية إسرائيلية في سوريا طالت الصواريخ الدقيقة.. ما دلالاتها وتبعاتها؟
أكد موقع "أكسيوس" الأميركي الخميس تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية برية خاصة في سوريا.
وأطلقت رئاسة الأركان الإسرائيلية اسم "الطبقة العميقة" على العملية التي استهدفت بالمتفجرات التي تم إحضارها من تل أبيب مصنعًا إيرانيًا للصواريخ الدقيقة تحت الأرض في مصياف بمحافظة حماة غرب سوريا.
وفي التفاصيل، نشر "أكسيوس" أن تل أبيب راقبت الموقع الإيراني مدة 5 سنوات، وتم إرجاء العملية مرات عدة نظرًا لحساسيتها، ثم أُبلغت واشنطن بها قبل الشروع فيها.
وفي دمشق، قالت وسائل الإعلام التابعة للنظام السوري أن "عدوانًا سافرًا" أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 17 شخصًا وإصابة 15 آخرين.
وأفادت منصات التواصل الاجتماعي السورية بأن القصف خلف دمارًا واسعًا في الطرقات القريبة من منطقة الاستهداف بريف حماة.
ووفقًا لـ"أكسيوس" فإن إيران قررت بناء مصنع تحت الأرض في عمق الجبال في مصياف، وادعت المصادر أن إسرائيل أدركت أنها لن تتمكن من تدمير المنشأة بواسطة غارة جوية، فقررت الذهاب إلى عملية برية.
وبينما تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن العملية "أسفرت عن أسر إيرانيين أيضًا"، نفت وكالة "تسنيم" هذه المعلومات نقلًا عن مصدر إيراني، مشيرة إلى أن المزاعم الإسرائيلية في هذا الإطار "مجرد أكاذيب".
وأضافت وكالة "تسنيم" المقربة من الحرس الثوري أنه ما من قوات إيرانية متواجدة في الموقع المستهدف، فهذا المكان منطقة تمركز للجيش السوري، وفًقا للمصدر الإيراني.
وعلى الصعيد الرسمي في طهران، قالت وزارة الخارجية الإيرانية في تعليقها على الهجوم الإسرائيلي إنه "جريمة".
ما حسابات الرد الإيراني على إسرائيل؟
وفي هذا الإطار، أعرب مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان عن اعتقاده أن الرد الإيراني على إسرائيل موضوع على الطاولة، مشيرًا إلى أن طهران لديها حسابات معينة، وبالتالي فإن الاحتلال يترصد وينتظر الرد.
وفي حديث للتلفزيون العربي من طهران، أضاف صدقيان أن حكومة الحرب الإسرائيلية ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تحديدًا يريد توسعة نطاق الحرب، لافتًا إلى أن إيران كانت قد اعتبرت أن الأعمال الإسرائيلية تهدف إلى تأزيم الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، من أجل توسيع نطاق الحرب، وخلاص نتنياهو وحكومته من المستنقع الذي وقعوا فيه في غزة.
ورأى أن الإيرانيين بما يخص الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، محصورين في زاوية، فهم يريدون الرد، لكنهم لا يودون أن يكون هناك توسيع لنطاق الحرب، ولا يريدون لهذا الرد أن يخدم نتنياهو.
وأكد صدقيان أن الإيرانيين يتحدثون بالفم الملآن عن الرد ويقولون بأنه رد كبير، مشيرًا إلى أن القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي صرح بأن هناك ردًا سيكون حاسمًا ومركبًا.
ما أهداف عملية "الطبقة العميقة"؟
من جهته، اعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، أن هذه العملية الإسرائيلية هي مؤشر إلى التصعيد الذي تتحدث عنه تل أبيب في الفترة الماضية، مستذكرًا تصريحًا لوزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت الذي قال قبل عدة أيام إن الحرب في غزة انتقلت إلى ما يسمى المرحلة الثالثة وهي "العمليات الموضوعية"، وإن مركز الثقل العسكري الآن سينتقل بشكل تدريجي إلى الجبهة الشمالية.
وأوضح في حديث للتلفزيون العربي من عكا، أن إسرائيل تدرك أن انتقال مركز الثقل إلى الجبهة الشمالية يعني إمكانية أن تتطور الحرب في هذه الجبهة إلى حرب متعددة الساحات، تكون إيران طرفًا فيها.
وأضاف أن الجزئية الهامة الآن هو أن إسرائيل أعلمت مسبقًا الولايات المتحدة بهذه الضربة، مشيرًا إلى أن الهدف من هذه العملية هو الردع أو القضاء على ترسانة الأسلحة الموجودة بحوزة حزب الله.
وأعرب عن اعتقاده أن الحكومة الإسرائيلية ممثلة برئيسها بنيامين نتنياهو معنية بتأزيم الحرب وإطالة أمدها وبتوسيع نطاقها، بالإضافة إلى توريط الولايات المتحدة.
وأردف أنطوان شلحت أنه بات واضحًا الآن أن أي حرب شاملة في الجبهة الشمالية يمكن أن تؤدي إلى دخول إيران فيها، لا تستطيع إسرائيل أن تخوضها في ضوء النتائج الكئيبة التي توصلت إليها الحرب على قطاع غزة.
وتابع: "حتى باعتراف كل المحللين العسكريين الإسرائيليين، فإنه في حال اندلاع حرب في الجبهة الشمالية، لا يمكن لإسرائيل أن تخوضها لوحدها إلا بدعم مباشر من الولايات المتحدة".
علاقة شائكة وتسودها مشاكل
من ناحيته، أشار الأكاديمي ونائب مساعد وزير الدفاع الأميركي الأسبق جيم تاونسيند، إلى أن العلاقات الإسرائيلية الأميركية لا ترتبط بالتنسيق بشأن كل شيء، وليس هنالك ضوء أخضر توفره واشنطن لتل أبيب لكي تقوم بعملياتها.
وفي حديث للتلفزيون العربي من واشنطن، أضاف تاونسيند أن العلاقة بين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن شائكة وتسودها مشاكل، مشيرًا إلى أن إسرائيل لا تطرق باب أميركا لتطلب الموافقة بعد الآن.
وقال تاونسيند: "يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية أُخطرت بهذه العملية قبل إجرائها، وإذا ما أرادت إسرائيل ضوءًا أخضر أو تنسيقًا كان يتعين عليها تنسيق ذلك منذ فترة طويلة".
وأردف تاونسيند أن إسرائيل تشعر أنها تريد أن تخطر الولايات المتحدة، ولكن نتنياهو يريد أن يقوم بما يريده هو، بغض النظر عما يقوله جو بايدن أو أي شخص آخر.
وبينما لفت إلى أن إسرائيل كانت ترصد هذا الموقع لسنوات عديدة منذ أن طُور، أشار تاونسيند إلى أنه لا يستخدم فقط لصناعة الصواريخ الدقيقة، ولكن أيضًا للبراميل المتفجرة والصواريخ الحرارية التي يستخدمها النظام السوري.
وتابع تاونسيند أن هذا الموقع الذي استهدفته إسرائيل مهم للغاية لإسرائيل ولا يمكن لواشنطن أن توقفها، مشيرًا إلى أن تل أبيب حاولت أن تهاجم هذا الموقع من ذي قبل، لكنها أجلت العملية لأنها اعتقدت أنها لن تكون ناجحة.
وخلص إلى أن إسرائيل لن تجر الولايات المتحدة الأميركية إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إيران يمكنها أن تفعل ذلك إذا ما باشرت بشن حرب، وإذا استخدمت الصواريخ الباليستية أو السلاح النووي أو وكلائها.