الأحد 8 Sep / September 2024

عنف وتعدٍ على القانون.. ما علاقة إدارة أوباما بفضيحة "وثائق أوبر"؟

عنف وتعدٍ على القانون.. ما علاقة إدارة أوباما بفضيحة "وثائق أوبر"؟

شارك القصة

"وثائق أوبر" تؤكد تورط مسؤولين بإدارة أوباما في أنشطة غير قانونية لصالح الشركة - رويترز
"وثائق أوبر" تؤكد تورط مسؤولين بإدارة أوباما في أنشطة غير قانونية لصالح الشركة - رويترز
كشفت "وثائق أوبر" أنّ شركة سيارات الأجرة الشهيرة سعت إلى الوصول إلى القادة الأميركيين والعالميين بعهد أوباما وفرض نفسها بأساليب غير قانونية وعنيفة.

تحت عنوان "وثائق أوبر"، اتهم استقصاء صحفي نشر أمس الأحد، شركة "أوبر" التي تقدم خدمة حجز سيارات سياحية مع سائق، بـ"خرق القانون" واستخدام أساليب عنيفة لفرض نفسها، بمساعدة كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

فقد حاولت الشركة الضغط على زعماء عالميين كبار، بينهم الرئيس الأميركي جو بايدن، والمستشار الألماني أولاف شولتس، بينما تشير الوثائق إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، "ساعد أوبر سرًا" عندما كان وزيرًا للاقتصاد، حيث سمح للشركة الوصول إليه وإلى طاقمه مباشرة، من دون الإجراءات الإدارية المعتادة.

حلفاء في دوائر السلطة

ووفق تحقيق نشرته "الغارديان"، أرسل مدير الحملة الانتخابية لأوباما ديفيد بلوف في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 رسالة إلكترونية إلى زميله السابق في الحملة، ماثيو بارزون، للتسويق للشركة بين كبار الدبلوماسيين في بريطانيا والعالم عبر لقاءات دبلوماسية.

حينها، كان بلوف يعمل لدى "أوبر"، وكُوفئ برزون آذاك على جهوده في جمع التبرعات لحملة الرئيس الأميركي بحصوله على منصب سفير الولايات المتحدة في بريطانيا.

وتقول الصحيفة البريطانية: إنّ الرسائل المسربة هي مثال واحد على كيفية استفادة "أوبر" من سمعة بلوف ووصوله إلى شبكة أوباما للترويج لأجندتها في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأوسط، وفقًا لما أطلقت عليه اسم "وثائق أوبر".

وبالفعل، نظم موظفو السفارة في المملكة المتحدة حدثًا في ديسمبر/ كانون الأول بمشاركة بلوف الذي خاطب الحاضرين حول اقتصاد العمل الحر، وتمت دعوة وزيرة الأعمال حينها آنا سوبري ووزير الأعمال في حكومة الظل كيفين برينان وأعضاء برلمانيين مؤثرين ومسؤولين حكوميين وصحفيين ورجال أعمال في المملكة المتحدة.

فأصبح بلوف أحد الشخصيات المركزية في جهود الضغط العالمية التي تبذلها "أوبر"، مستخدمًا خبرته للوصول إلى القادة والمسؤولين والدبلوماسيين. في حين اعتمدت "أوبر" أيضًا على وجه آخر من إدارة أوباما عمل مستشارًا سياسيًا واسمه جيم ميسينا، الذي كان نائب بلوف ويده اليمنى، حيث تشير الملفات المسربة إلى أنه في بعض الحالات حاولت "أوبر" استخدامه للوصول إلى المسؤولين الحكوميين.

ويتابع التحقيق الاستقصائي أن فحص عشرات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني والاتصالات الداخلية المسربة من "أوبر" يعطي نظرة ثاقبة حول مناورات الشركة وراء الكواليس؛ فقد كان رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك ماتيو رينزي، ونظيره الإسباني ماريانو راخوي، وحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من بين أولئك الذين سعت "أوبر" للوصول إليهم من خلال قنواتها الدبلوماسية، وأحيانًا بنجاح متفاوت.

في المقابل، تقول "الغارديان": إنّ عمل هؤلاء الأشخاص في الشركة كان يتناقض مع تعهد إدارة أوباما بإنهاء الاستخدام البغيض للعلاقات الحكومية، لتعزيز مكانة الشركات.

ورغم ذلك، تظهر الملفات أن بلوف الذي انضم إلى الشركة عام 2014 بصفة نائب أول للرئيس للسياسة والإستراتيجية، كان ينتقل من بلد إلى آخر لمساعدة "أوبر" في حملتها الحثيثة لكسح قطاع النقل. 

وعمل بلوف في "أوبر" حتى يناير/ كانون الثاني 2017، رغم أن وجود قوانين صارمة حول ممارسة الضغط داخل الولايات المتحدة، وبعد شهر من رحيل بلوف، تم تغريمه 90 ألف دولار من قبل مجلس الأخلاقيات في شيكاغو بسبب الضغط غير القانوني على عمدة شيكاغو آنذاك، رام إيمانويل.

"وثائق أوبر"

أما "الغارديان" فحصلت على نحو 124 ألف وثيقة مؤرّخة من 2013 إلى 2017، وتَشاركتها مع الاتّحاد الدولي للصحافيّين الاستقصائيّين، بما فيها رسائل بريد إلكتروني ورسائل تعود إلى مديرين في "أوبر" في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مذكّرات وفواتير.

وأمس الأحد، نشر عدد كبير من المؤسّسات الإعلاميّة، بما في ذلك "واشنطن بوست" الأميركيّة و"لوموند" الفرنسيّة وهيئة الإذاعة البريطانيّة تقارير حول "وثائق أوبر"، مسلطة الضوء على بعض ممارسات "أوبر" خلال سنوات توسّعها السريع.

وكتبت صحيفة "الغارديان": "لقد خرقت الشركة القانون وخدعت الشرطة والمُنظّمين واستغلّت العنف ضدّ السائقين وضغطت سرًا على الحكومات في كلّ أنحاء العالم".

تعقيبًا على التسريبات، أصدرت جيل هازلبيكر نائبة الرئيس المكلّفة الشؤون العامّة في "أوبر"، بيانًا قالت فيه: "لم نُبرّر ولا نبحث عن أعذار لسلوكيّات سابقة لا تتوافق مع قيَمنا الحاليّة". 

وأضافت: "نطلب من الجمهور أن يحكم علينا بناءً على ما فعلناه في السنوات الخمس الماضية وما سنفعله في السنوات المقبلة".

بعد انتشار "وثائق أوبر" قالت الشركة إنها لن تبحث عن أعذار لسلوكيّات سابقة - رويترز
بعد انتشار "وثائق أوبر" قالت الشركة إنها لن تبحث عن أعذار لسلوكيّات سابقة - رويترز

العنف وسيلة ضغط

في السياق، تُشير التقارير الإعلاميّة إلى أن الشركة التي تتّخذ من سان فرانسيسكو مقرًا، كانت تشجّع السائقين على الانخراط في أعمال خلال تنظيم سائقي سيارات الأجرة التقليديين احتجاجات ضد "أوبر" في باريس.

وعندما عبّر عدد من كوادر الشركة عن القلق بشأن المخاطر التي قد يتعرّض لها السائقون أجاب رئيس الشركة حينها ترافيس كالانيك على تلك المخاوف بالقول: "أعتقد أنّ الأمر يستحقّ ذلك. العنف يضمن النجاح".

بالإضافة إلى ذلك، تبنّت "أوبر" تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة منها بلجيكا، وهولندا، وإسبانيا، وإيطاليا، حيث عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانوا يتعرّضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلاميّة للحصول على تنازلات من السلطات.

كما اتُهم كالانيك بتشجيع ممارسات إداريّة عنيفة ومشكوك فيها، على خلفية تمييز على أساس الجنس وحوادث تحرش أثناء العمل، واضطرّ إلى التخلّي عن دور المدير العام للمجموعة في يونيو/ حزيران 2017. وعندما أعلن استقالته من مجلس الإدارة في نهاية 2019، قال إنّه "فخور بكلّ ما أنجزته أوبر".

وكان لرئيس حملة أوباما السابق بعض الخبرة الشخصية عن كيفية تأجيج العنف بين سائقي سيارات الأجرة، وبدا أن المسؤولين التنفيذيين داخل "أوبر" ينظرون إلى مثل هذه الحوادث أحيانًا على أنها رافعة مفيدة لتحسين سمعة الشركة.

 وهو أمر بدا أن بلوف يعترف به، ففي عام 2016، قال في خطاب ألقاه في القاهرة: "لقد رأينا بعض العنف في جميع أنحاء العالم، لكن هذا عادة ما ينتهي به الأمر إلى تسريع المشاركة التنظيمية مع الحكومة" بحسب ما نقلت الصحيفة البريطانية.

"زر" لحالات الطوارئ

إذا طرقت الشرطة الباب، فسيكون لدى أوبر خط دفاع ثانٍ، نظام "إخفاء وإقفال البيانات"، مما جعل من المستحيل لجهات إنفاذ القانون الوصول إلى المعلومات المخزنة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالشركة.

في الإطار، تؤكد التسريبات الصحفية أن لدى "أوبر" نظام متطور خاص بإخفاء وإقفال البيانات، وأشارت إليه على أنه "زر" يمكن تنشيطه لمنع الشرطة من الوصول إلى بيانات الشركة الحساسة في حال المداهمة. حتى إنه زعم أن كالانيك قام بتنشيط النظام مرة واحدة على الأقل.

فقد أظهر بريد إلكتروني أن كالانيك طلب في إحدى المرات: "الضغط على مفتاح إقفال البيانات في أسرع وقت ممكن"، لمنع الوصول إلى البيانات في أمستردام.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات - ترجمات
Close