الجمعة 15 نوفمبر / November 2024

فاتنة الفاتنات.. هل كانت كليوباترا جميلة حقًا؟

فاتنة الفاتنات.. هل كانت كليوباترا جميلة حقًا؟
الأحد 31 مارس 2024

شارك القصة

لطالما كانت كليوباترا أيقونة للجمال - غيتي
لطالما كانت كليوباترا أيقونة للجمال - غيتي

في فبراير/ شباط 2007، تصدّر موضوع "جمال" ملكة مصر كليوباترا عناوين الأخبار في جميع أنحاء العالم، بعد العثور على عملة معدنية صغيرة في مجموعة جمعية الآثار في نيوكاسل، غيّرت فهم المؤرخين لها.

فكليوباترا التي لطالما كانت أيقونة للجمال، وصوّرتها أفلام هوليوود على أنّها فاتنة الفاتنات وذات الجمال الفائق، ظهرت على العملة المعدنية بأنف بارز كالبوق، وجبهة مائلة، وذقن مدبّبة بشكل حاد، وشفاه رفيعة، ومحجر عين مجوّف، ما جعل الصحفيين يقعون في صدمة.

فهل كانت كليوباترا حقًا صاحبة الجمال الشهير الذي غالبًا ما تُصوّر به؟

من هي كليوباترا؟

ولدت كليوباترا عام 69 قبل الميلاد، وكانت الثالثة من بين ستة أطفال محتملين لبطليموس الثاني عشر.

وكانت الأسرة البطلمية، وهي عائلة ملكية مقدونية يونانية على علاقة بالإسكندر الأكبر، وحكمت العائلة مصر منذ عام 305 قبل الميلاد.

تقليديًا، أخذ الحكام الذكور اسم بطليموس، في حين كان اسم الملكات البطلمية عادة كليوباترا، أرسينوي أو برنيس.

كيف بدت كليوباترا؟

يقول البروفيسور كيفين بوتشر من جامعة وارويك المتخصّص في العملات اليونانية والرومانية، وخاصة العملات المدنية والإقليمية للإمبراطورية الرومانية والشرق الأدنى الهلنستي والروماني، وخاصة المناطق الساحلية في سوريا ولبنان: إنّ الصور على العملات المعدنية مفاجئة لأولئك الذين نشأوا مع "كليوباترا هوليوود"، لكنّها الصور المؤكدة الوحيدة التي لدينا لها.

ويضيف بوتشر في موقع "هيستوري اكسترا" (historyextra) أنّ "هذا لم يمنع الناس من محاولة استبعادها باعتبارها غير دقيقة ومفرطة في الأسلوب، آملين أن يكون هناك وجه آخر خفي لكليوباترا من شأنه أن يتوافق بشكل أفضل مع توقّعاتهم.

ويؤكد أنّه على الرغم من أنّ هذه الصور قد تبدو غير مقنعة للبعض على اعتبار أنّ فنانين غير ماهرين قد رسموها، إلا أنّه لا يوجد سبب للاعتقاد بأنّ صور العملات المعدنية هذه خاطئة.

صُدم الصحفيون بصورة كليوباترا على العملة المعدنية
صُدم الصحفيون بصورة كليوباترا على العملة المعدنية- غيتي

ففي ذلك الوقت، كان أسلوب التصوير الشامل رائجًا في دول البحر الأبيض المتوسط، ويبدو أن صورة كليوباترا لم تكن استثناءً من هذا الاتجاه.

وربما تمّ المبالغة قليلًا في سمات الوجه، مثل الأنوف الكبيرة أو الذقن المحددّة، ولكن فقط لأنّ تلك السمات كانت الأكثر تميزًا للفرد الذي تمّ تصويره. وبهذا المعنى كان المقصود منهم أن يكونوا واقعيين.

فعلى سبيل المثال، تُظهر الصور المعدنية لوالد كليوباترا، وهي أندر بكثير من صور كليوباترا نفسها، أنفًا بارزًا وجبهة مائلة؛ لذا فإن هذه الخصائص الجسدية ربما كانت سمات عائلية.

كما أنّ عشّاقها لا يتطابق جمالهم مع المفاهيم الشعبية الحديثة، فيوليوس قيصر لديه رقبة هزيلة ومجعّدة ويخفي رأسه الأصلع بتاج.

أما ذقن عشيقها مارك أنطونيو البارز وأنفه المكسور فلا يشبهان ملامح ريتشارد بيرتون، الذي مثّل دور زوج كليوباترا في فيلم "كليوبترا" عام 1963 والذي مثّلت فيه دور كليوباترا أسطورة هوليوود الراحلة إليزابيث تايلور.

عملة معدنية تُصوّر أنطونيو عشيق كليوباترا
عملة معدنية تُصوّر أنطونيو عشيق كليوباترا- غيتي

وتمّ سك العملات المعدنية في أماكن مختلفة في شرق البحر الأبيض المتوسط، من الإسكندرية في مصر إلى ميناء باتراس في اليونان.

وعلى الرغم من أنّ الصور الموجودة على العملات المعدنية تختلف في الأسلوب من فنان لآخر، إلا أنها متّسقة بشكل عام في التفاصيل، مما يشير إلى أنّ الفنانين كانوا يتبعون الإرشادات عندما كانوا ينقشون القوالب لسك العملات المعدنية.

ومن المحتمل أنّهم كانوا ينسخون صورة رسمية وافقت عليها الملكة بنفسها، بما في ذلك الأنف والذقن.

هل كانت كليوباترا جميلة؟

يقول بوتشر: على الرغم من ولعها الأسطوري بالملابس الأنيقة، إلا أنّ صور كليوباترا متواضعة إلى حد ما، حيث ترتدي إكليل القماش الخاص بالحاكم الهلنستي حول رأسها، مع ضفائر مشدودة إلى الخلف وملفوفة عند أسفل الجمجمة.

ويضيف أنها ترتدي فوق كتفيها عباءة تغطي ثوبها. ويتدلى من أذنها قرط صغير، ويلتف حول رقبتها عقد من اللؤلؤ، وهو التلميح الوحيد للثراء الذي وصفه الشاعر الروماني لوكان الذي صوّر كليوباترا "التي تزيّن رقبتها وشعرها بكل غنائم البحر الأحمر".

ويردف بوتشر بأنّه في بعض العملات المعدنية، يبدو أنّ عباءة كليوباترا مثبّتة في مكانها بواسطة مشبك من خيوط اللؤلؤ، وهو كنز ربما كان له أهمية كبيرة في ذلك الوقت.

وعن رد الفعل السلبي الحديث على جمال كليوباترا ، يقول بوتشر: "بالنسبة لنا، تتعارض حقيقة صورها المعدنية مع أسطورة كليوباترا الأكبر بكثير، وهي أسطورة عظيمة لدرجة أنها استهلكت الشخص الذي يقف وراءها".

هل كان جمال كليوباترا خرافة؟

برأي بوتشر، لم تخترع هوليوود تقليد الفاتنة الجميلة، إذ تمّ تصوير كليوباترا على أنّها امرأة قاتلة وغريبة لا تقاوم، ووصفها الشاعر هوراس بالوحش القاتل، كما وصفها المؤرخ الروماني كاسيوس ديو بامرأة ذات جمال فائق، ولديها القدرة على إخضاع الجميع.

وبعد حوالي قرن من وفاة كليوباترا، شكّك كاتب السير اليوناني بلوتارخ بصفاتها الجسدية التي لا مثيل لها، فكتب: "لم يكن جمالها في حد ذاته لا مثيل له على الإطلاق، ولا لدرجة أن يذهل من رأوها"، لكنّ مع ذلك يُنسب إليها "سحر لا يقاوم".

وأضاف: "كانت كليوباترا ذكية وموهوبة، وكانت لديها موهبة جعلت الناس يشعرون أنهم محور اهتمامها، وهذه كانت سمتها الرابحة مع قيصر وأنطونيو لا جمالها".

حتى المؤرخ الروماني كاسيوس ديو، أقرّ بأن كليوباترا "كانت لديها معرفة بكيفية جعل نفسها مقبولة لدى الجميع".

وفي هذا السياق، قال بوتشر: "كانت الفاتنة الجميلة والماكرة من نتاج دعاية أغسطس قيصر، وقد أوجد عن غير قصد أعظم قصة حب في التاريخ. لكنّ العملات المعدنية تقدّم لنا قصة من نوع آخر لشخصيتين سياسيتين طموحتين نسجتا المستقبل معًا: أنطونيو الحاكم الروماني وكليوباترا ملكة الملوك".

المصادر:
العربي - ترجمات
Close