استخدمت الشرطة الإسرائيلية برنامج "بيغاسوس" للتجسس الذي طوّرته شركة "إن إس أو" من دون إذن قضائي، بحسب ما ذكرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، في قضايا داخلية منها ذات طابع سياسي وتتصل بنجل رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.
وأشارت التقارير التي نشرتها الصحيفة، إلى أن الشرطة الإسرائيلية تنصتت عبر "بيغاسوس" (pegasus) على صحافيين وسياسيين وناشطين إسرائيليين.
وتعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي نفتالي بينيت بالنظر في الاتهامات، مشيرًا إلى أن البرنامج "أداة من أداة مكافحة الإرهاب ومنع الجريمة"، على حد قوله.
أموال طائلة
وقد تجسست الشركة المطورة للبرنامج في الأعوام الماضية على نحو 100 صحافي و600 شخصية سياسية ونحو 90 ناشطًا حقوقيًا وأصحاب شركات عبر دول العالم، وفق ما نشرته وسائل إعلام دولية، لكنها المرة الأولى التي يوجه السلاح التكنولوجي إلى الإسرائيليين أنفسهم.
فقد أدرّ البرنامج أموالًا طائلة لتوريده إلى دول عدة استهدفت معارضيها وخصومها وجيرانها.
يستقطب الموضوع أنظار العالم، لمعرفة كيف ستدير حكومة بينيت الملف، وهي تنتظر التحقيقات التي لم تكترث لها حينما سلّط البرنامج على حقوقيين فلسطينيين قبل أشهر، بحسب صحيفة "هآرتس".
قدرة مميزة على الاختراق
في هذا السياق، يشير مستشار التحول الرقمي وتقنية المعلومات غيث القرشي إلى أن برنامج "بيغاسوس" تميّز بقدرته على اختراق جميع الهواتف.
ويقول في حديث إلى "العربي" من الدوحة: "لم يعلن حتى الآن على أي برنامج أو طريقة صارمة ونهائية لمنع بيغاسوس من اختراق أجهزة الحكومات أو الأفراد".
ويلفت إلى أن امتلاك هذه الأداة يمثل قوة يرغب فيها الجميع، ويستبعد أن تؤثر القيود التي فرضت على البرنامج على البعد التجاري للشركة الإسرائيلية. ويشير إلى أن "إن أس أو" (NSO) قد تجد غطاء قانونيًا جديدًا للتهرب من القيود المفروضة.
ويلحظ إلى أن إسرائيل تبيع برنامج التجسس لدول أخرى، لكنها تحصل في النهاية على جميع البيانات.
الحرب على الإرهاب
من جهته، يعتبر الباحث في المركز العربي أسامة أبو رشيد أن كون الشركة المطورة للبرنامج إسرائيلية يعطيها ميزة خاصة، وهي أن إسرائيل تقدم نفسها شريكًا موثوقًا به بالحرب على الإرهاب، ولا سيما بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.
ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن: "إن برنامج بيغاسوس لا يستطيع أن يستمر دون دعم تكنولوجي أميركي من شركات مثل ديل وغيرها".
ويرى أن إسرائيل تدرك تأثير إدراج البرنامج على القائمة السوداء الأميركية، لافتًا إلى أنها استطاعت أن تكسب المزيد من الزبائن في ظل عالم اليوم الذي يبحث عن هذه التكنولوجيا.
ويلفت أبو رشيد إلى أن الأمر لا يتعلّق الآن بمكافحة الإرهاب بل بقمع الحريات؛ فإسرائيل "استطاعت أن تسوق نفسها كحل للدول التي تريد أن تقمع المعارضين".
فضيحة أحدثت صدمة داخلية
بدوره، يلفت الباحث السياسي ساري عرابي إلى "الصدمة" التي أحدثها استخدام الشرطة للبرنامج في إسرائيل. ويشير إلى استخدام الشرطة للبرنامج بشكل واسع للتجسس على أوساط متعددة ومختلفة داخل الكيان الإسرائيلي ضمن قطاعات متعددة.
ويقول في حديث إلى "العربي" من رام الله: "إن نتنياهو بدأ باستخدام هذه الفضيحة سياسيًا في المحاولة لتوحيد الرأي العام الإسرائيلي ضد حكومة بينيت وجهاز الشرطة".
ويضيف: "هذه الفضيحة تمثل كنزًا لليمين الإسرائيلي المناوئ للحكومة الحالية". ويرى أن التحقيق في هذا الملف سيستمر حيث لا يمكن التغطية على هذه الفضيحة "في مجتمع يعتبر الديمقراطية صمام أمان".
كما يستبعد عرابي أن ينعكس ذلك على مصالح "إن إس أو" التجارية وقدراتها، لافتًا إلى دور تقنية التجسس في مد جسور إسرائيل في الدول العربية وحصولها على معلومات أمنية.