على وقع استمرار المواجهات بين القوات الروسية والأوكرانية حول محطة زاباروجيا النووية، برز أمس السبت العرض التركي للتوسط في هذه الأزمة بين موسكو وكييف.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أبلغ نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أن بلده يمكن أن يلعب دور الوسيط في ما يتعلق بمحطة زاباروجيا النووية في أوكرانيا.
وأفادت الرئاسة التركية بأن الرئيسَين بحثا في اتصال هاتفي العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، وناقشا التطورات المتعلقة بصادرات القمح الأوكرانية، وعبّرا عن عزمهما مواصلة تشييد محطة أكويو النووية في تركيا وفقًا للخطط المحددة.
جاء ذلك تزامنًا مع تصريحات لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي قال فيها إن محطة زاباروجيا النووية تعرضت لأضرار مادية بسبب العمليات العسكرية التي جرت في محيطها.
وبينما أعلن الجيش الأوكراني أنه شنّ ضربات على مواقع روسية في المنطقة المحيطة ببلدة إنرهودار الجنوبية قرب زاباروجيا، اتهم وزير الدفاع الروسي القوات الأوكرانية بممارسة ما أسماه "إرهابًا نوويًا" عبر قصفها المحطة.
توطد العلاقات
في هذا السياق، أشار الكاتب الصحافي باكير أتاجان، في حديث إلى "العربي" من إسطنبول، إلى أن العلاقة التركية الروسية توطدت بشكل كبير خلال الحرب الأوكرانية، وذلك بسبب المصالح المشتركة في حوض البحر الأسود، وكذلك الأمر بالنسبة للعلاقة مع كييف، وذلك يعود إلى التقاطع الإستراتيجي والجغرافي بين الدول الثلاث.
وفي مارس/ آذار الماضي سيطرت القوات الروسية على المحطة. وأرسلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعثة إلى المحطة النووية الأسبوع الماضي وسط مخاوف من أن يؤدي التصعيد إلى كارثة نووية في القارة الأوروبية على غرار كارثة تشيرنوبيل.
من جهتها رأت إيلينا سوبونينا، مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط، خلال حديثها مع "العربي" من موسكو، أن روسيا منفتحة على أي وساطة، وحتى أنها هي التي بادرت لزيارة وفد وكالة الطاقة الدولية، بخاصة إذا كانت الوساطة عن طريق تركيا، فالمكالمة الهاتفية بين الرئيسين أردوغان وبوتين ترجمت مدى تطور العلاقات بين البلدين، ولاسيما أن الزعيمين سيجمعهما لقاء قريب في أوزبكستان.
ضغوط غربية
وأكدت سوبونينا أن التحرك التركي يأتي رغم الضغوط التي تتعرض لها إسطنبول، من الولايات المتحدة حتى ما قبل الحرب الأوكرانية، ولا سيما أن واشنطن فرضت عقوبات أحادية الجانب على تركيا لتوقيع الأخيرة صفقة منظومة صاروخية مع موسكو.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد أعلنت أمس السبت، أن محطة زاباروجيا فُصلت عن آخر خطّ كان لا يزال يربطها بالشبكة الكهربائية الأوكرانية وباتت الآن تعتمد على خط الاحتياط.
وقالت مديرة مركز آسيا والشرق الأوسط، إن روسيا ستنتظر تقرير وكالة الطاقة المزمع إصداره حول المحطة، فيما اعتبر أتاجان بمداخلته أن تركيا تخشى من كارثة حقيقية في زاباروجيا، ومن تكرار مأساة "تشرنوبيل" التي عانت منها دول البحر الأسود، لكنها تتعرض لضغوطات غربية بسبب وساطتها، كون الغرب يحاول الاستثمار السياسي في ما يتعلق بأزمة محطة زباروجيا.