الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

قبل اختراع الثلاجات.. كيف كان الناس يحافظون على الطعام؟

قبل اختراع الثلاجات.. كيف كان الناس يحافظون على الطعام؟

شارك القصة

نصائح من "العربي" عن تخزين الأكل في الثلاجة (الصورة: أرشيف غيتي)
هل سبق لكم وتساءلتم منذ متى يستخدم الناس الثلاجات، أو كيف كانوا يحافظون على الطعام طازجًا قبل اختراع هذه الآلات؟

ربما يتذكر البعض منا كيف كانت الحياة قبل انتشار أجهزة الهواتف الذكية، ولكن ماذا عن الأجهزة الأخرى التي غالبًا ما نأخذها كأمر مسلم به داخل منازلنا، وأبرزها الثلاجات؟

تستخدَم الثلاجة الكهربائية للحفاظ على جودة المأكولات وغيرها من المواد الغذائية القابلة للتلف في حال تعرضها للحرارة، والتي يمكن أن تنقل الأمراض بسبب نمو البكتيريا.

ورغم أن آلة التبريد تعتبر اختراعًا حديثًا كون أول ثلاجة كهربائية تم صنعها عام 1913، إلا أن طرق التبريد والحفاظ على المواد الغذائية كانت موجودة منذ آلاف السنين.

فقبل ذلك، وجد الناس طرقًا أخرى لتخزين طعامهم، ففي المناطق الباردة كان بإمكان القدامى تخزين طعامهم بكل بساطة في الجليد والثلج. أما في الأماكن الأكثر دفئًا، فكان الناس يقومون بتجفيف الطعام في الشمس. 

أول ثلاجة قبل الميلاد

ونشأت إحدى الطرق المتقدمة لتخزين الطعام في بلاد فارس حوالي 400 قبل الميلاد، حيث كان الناس هناك يخزنون الطعام في هياكل تسمى "ياخشال". 

وكلمة "ياخشال" مكونة من جزأين باللغة الفارسية "ياخ" أي الجليد، و"شال" أي الحافظ.

أما هذه الهياكل فهي عبارة عن مبانٍ مقببة مصنوعة من الرمل والطين والرماد وصوف الماعز وغيرها من المواد الغذائية، التي تعزل الحرارة الخارجية عن الداخل ما يساهم في الحفاظ على الجليد حتى خلال أشهر الصيف الأكثر دفئًا.

ووفق موقع "هيستوري أوف رفريجيرايشان"، فقد كان يتم خلال فصل الشتاء جلب الثلوج من الجبال المجاورة والاحتفاظ بها في "الياخشال" طوال العام.

"الياخشال" في أباركوه، إيران – موقع "وورلد هيستوري"
"الياخشال" في أباركوه، إيران – موقع "وورلد هيستوري"

ولكن في كثير من الأحيان كان يتم نقل المياه الباردة من الجبال عبر قنوات يتم توجيهها إلى الجانب الشمالي من الجدار الذي كان مظللًا، ما كان يسمح أيضًا بإنتاج الجليد طوال العام، والذي يحفظ خلف الجدران السميكة التي يصل سمكها أحيانًا إلى أكثر من مترين.

بالتالي، هذا العزل ومياه التبريد المستمرة التي تتدحرج على جانبها، كان يساهم في الحفاظ على الجليد المخزن هناك في الشتاء مجمدًا طوال فصل الصيف.

كما تحتوي هذه المباني التي لا يزال الكثير منها قائمًا حتى اليوم، على خندق في الأسفل لالتقاط الجليد المنصهر والسماح له بإعادة التجمد خلال ليالي الصحراء الباردة. 

تخزين الطعام في العصور الوسطى

خلال العصور الوسطى، كان الناس يحفظون اللحوم عن طريق تمليحها أو تدخينها، كما يقومون بتخليل الخضر أو تجفيفها بما في ذلك الحبوب. 

فمعظم أنواع الخضر والفواكه التي كانت تستهلك في الشتاء وفترات الجفاف كانت مخللة أو مجففة، حيث يتم بعد ذلك تخزينها في أماكن باردة مثل الأقبية والكهوف. 

وهذه العملية كانت تحفظ الطعام، كون الرطوبة تسمح بالنمو الميكروبيولوجي السريع للبكتيريا والتي توجد في جميع الأطعمة الطازجة التي تحتوي على سوائل. فلا عجب أن أقدم طرق حفظ الأطعمة التي يعرفها الإنسان، هي تجفيفها.

رسم توضيحي من عام 1850 حول حفظ السمك عن طريق التمليح - غيتي
رسم توضيحي من عام 1850 حول حفظ السمك عن طريق التمليح - غيتي

بالتالي، تم استخدام التجفيف لحفظ جميع أنواع الأطعمة، مثل الحبوب والقمح قبل تخزينها في مكان جاف، حيث يتم تجفيف الثمار في الشمس في أجواء دافئة وتجفيفها بالفرن في المناطق الأكثر برودة. 

أما لحفظ اللحوم، فكان التمليح هو الطريقة الأكثر شيوعًا للحفاظ على أي نوع من اللحوم أو الأسماك تقريبًا، فعادةً كان يتم تقطيعها إلى شرائح رفيعة وحفظها في الملح الذي يسحب الرطوبة ويقتل البكتيريا، بحسب موقع "ثوت كو".

بيوت الجليد

في وقت لاحق، تم ابتكار ما يعرف بمنازل الجليد أو حفر الجليد المستوحاة من "الياخشال"، حيث كانت عملية التبريد تتم بواسطة حفرة تحت الأرض مليئة بالجليد. 

فعلى سبيل المثال، في أميركا لم تكن أنظمة التخزين البارد موجودة في المطابخ كما هو الحال اليوم، ولكن تحت الأرض، وتحديدًا كان يتم إنشاء حفرة بعمق سبعة أقدام ويبنى فوقها كوخ أو مبنى صغير لاحتجاز الهواء البارد للمساعدة في الحفاظ على العناصر القابلة للتلف، مثل اللحوم المعبأة في الثلج والقش العازل للحرارة، وفق موقع "أميريكان هيستوري".

وأصبحت البيوت الجليدية شائعة جدًا بحلول القرن التاسع عشر، عندما أصبح توصيل الثلج أمرًا شائعًا، إذ انتشرت شركات متخصصة في توصيل كتل الجليد لملء حفر الجليد خلال أشهر الصيف.

نقش يصور منظر مقطعي لبيت الثلج في القرن التاسع عشر - غيتي
نقش يصور منظر مقطعي لبيت الثلج في القرن التاسع عشر - غيتي

صناديق الثلج

وفي نهاية القرن التاسع عشر، احتفظ الكثير من الناس بطعامهم طازجًا في صناديق ثلج مصنوعة من الخشب. 

وتحتوي هذه الخزانات على كتل كبيرة من الثلج للحفاظ على برودة الطعام، وكانت صناديق الثلج مبطنة بالقصدير أو الزنك للعزل.

خزانة الثلج في عشرينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"
خزانة الثلج في عشرينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"

فنمت أعمال توصيل الثلج إلى البيوت، حيث كانت المزيد من المنازل تطلب الثلج للحفاظ على الطعام.

توصيل الثلج إلى المنازل في عشرينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"
توصيل الثلج إلى المنازل في عشرينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"

الثلاجات الكهربائية

وبحلول ثلاثينيات القرن الماضي، تحول تبريد الطعام إلى الثلاجات الكهربائية، سبقتها مجموعة متنوعة من التجارب والمحاولات لابتكار نظام تبريد كهربائي يعمل في المنازل. 

وأحد هذه الأجهزة التي أظهرت بعض الأمل الأولي كان جهاز DOMELRE، أو ما عرف بـ"الثلاجة الكهربائية المنزلية"، التي تم إصدارها عام 1914.

كانت هذه الثلاجة عبارة عن جهاز تبريد صغير يمكن استخدامه في أي صندوق ثلج ليحل محل الثلج نفسه. وقدم الجهاز تنظيمًا أكثر دقة لدرجة الحرارة، لكن السوق لم يكن حينها جاهزًا بعد للتبريد الكهربائي؛ إذ لم تكن الآلة موثوقة وباهظة الثمن.

لكن أول ثلاجة حظيت بشعبية كبيرة في المنازل الأميركية، كانت ثلاجة "جنرال إلكتريك مونيتور"، في عام 1927.

وبعد أن كان التخلص من الطعام خلال فترة الكساد الكبير أمرًا غير محبوب، نمت مبيعات الثلاجات بفضل الأسعار المخفضة التي قدمتها الشركات المصنعة آنذاك.

ومع ذلك، بدأ الارتفاع الحقيقي في مبيعات الثلاجات عام 1935، عندما شجعت القروض الجديدة الأميركيين على التحول إلى الكهرباء.

ثلاجة "جنرال إلكتريك مونيتور" المستخدمة في ثلاثينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"
ثلاجة "جنرال إلكتريك مونيتور" المستخدمة في ثلاثينيات القرن الماضي – موقع "أميريكان هيستوري"

ومنذ ذلك الحين، أدى التطور التكنولوجي إلى جعل هذه الآلات أكثر تقدمًا، حيث تأتي العديد من الثلاجات اليوم مزودة بفلاتر مياه مدمجة وصانعات ثلج، حتى إن بعض الناس يختارون ثلاجات ذكية يمكن أن تساعدهم في التخطيط للوجبات واختيار متجر البقالة.

تابع القراءة
المصادر:
ترجمات
Close