أصدرت محكمة في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين حكمًا بسجن عارضة أزياء يمنية لمدة خمس سنوات بعدما دانتها بـ"تعاطي المخدرات وممارسة الدعارة"، في قضية شابتها انتهاكات بحسب منظمات حقوقية.
وأُوقفت انتصار الحمادي البالغة من العمر 20 عامًا في فبراير/ شباط عند نقطة تفتيش في صنعاء، بينما كانت في طريقها إلى جلسة تصوير.
واتّهمتها السلطات الحاكمة في العاصمة اليمنية بارتكاب "فعل مخل بالآداب" وحيازة المخدرات، وبدأت محاكمتها في يونيو/ حزيران، فيما تؤكد المنظمة الحقوقية أنّ كلّ الاتهامات "مفبركة".
ممثلة في بلد الحروب
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء "سبأ" الخاضعة لسلطات الحوثيين أمس الأحد، أُدينت الحمادي "بجريمة تعاطي المخدرات"، و"ممارسة الفجور والدعارة"، و"تحريض فتيات أخريات على ممارسة الدعارة". ولم يتّضح إن كان بإمكانها استئناف الحكم.
ولاقى الحكم ردود أفعال مستنكرة وحملة تضامن واسعة على منصات التواصل الاجتماعي مع الحمادي ورفيقاتها.
1 ينطوي منطوق الحكم الإبتدائي الصادر يوم أمس بحق انتصار الحمادي وثلاث فتيات أخريات على عيوب جوهرية تجعله حكماً جائراً ، حيث تماهى مع مطالب النيابة على هزالتها ، ولم يلتفت لأي من دفوع الفريق القانوني الإجرائية والموضوعية رغم وجاهتها .
— Rasheed Alfaqih (@ralfaqih) November 8, 2021
وتعمل الحمادي المولودة لأب يمني وأم إثيوبية، بوصفها عارضة أزياء منذ أربع سنوات، ومثّلت في مسلسلين تلفزيونيين يمنيين عام 2020. وتفرض حكومة الحوثيين غير المعترف بها دوليًا في المناطق لخاضعة لسيطرتها في البلد الغارق بالحرب، قوانين اجتماعية صارمة، غالبًا ما تؤدي إلى تقييد حرية المرأة في المجتمع المحافظ للغاية.
ولدى العارضة الآلاف من المتابعين على إنستغرام وفيسبوك. ونشرت عشرات الصور على الإنترنت مرتدية ملابس يمنية تقليدية، أو الجينز أو سترة جلدية. وارتدت في بعض صورها الحجاب، وفي أخرى ظهرت من دون غطاء للرأس.
ودانت المحكمة كذلك امرأة أخرى بتعاطي المخدرات وممارسة الدعارة، وحكمت عليها بالسجن خمس سنوات، وامرأة ثالثة بإدارة مكان لممارسة الدعارة، وحكمت عليها بالسجن ثلاث سنوات.
وجاء في البيان أن القضية شملت عددًا من "الجرائم الدخيلة على المجتمع اليمني المحافظ والمستنكرة والمدانة من شرائح المجتمع كافة، إلى جانب أنها تأتي في سياق الحرب الناعمة على اليمن"، في إشارة إلى حملة تنديد على وسائل التواصل الاجتماعي بالقضية.
الأحكام الأخيرة الصادرة من محاكم #صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مخيفة، وفي أغلبها تكون أحكام نهائية ولا تخضع لدرجات التّقاضي المتعارف عليها قانونيًا. كان واضح في قضايا ما أسموها بالتخابر والعمالة للعدوان ويبدو ان قضية #انتصار_الحمادي ستعامل بهذا الشكل.#اليمن
— Belal Al-shaqaqi (@Belal_ALshaqaqi) November 8, 2021
انتهاكات جسيمة
وأدانت مؤسسة تمكين المرأة اليمنية، ووحدة الدعم القانوني، والعون القضائي للنساء في اليمن ما اعتبرته جريمة استمرار اعتقال الحمادي وزميلاتها، كذلك أدانت تلك المنظمات استخدام المحاكم الخاضعة لسيطرة الحوثيين، لتلفيق التهم بجرائم لا تستند إلى نصوص قانونية تجرمها في القانون اليمني بحسب بيان مشترك.
وفي يونيو/ حزيران، تحدّثت هيومن رايتس ووتش عن إجبار سلطة الحوثيين الحمادي على"توقيع وثيقة وهي معصوبة العينين أثناء الاستجواب، وعرضت إطلاق سراحها إذا ساعدتهم في إيقاع أعدائهم بالجنس والمخدرات". وتابعت أن حراس السجن "أساؤوا إليها لفظيًا"، وأطلقوا عليها وصفًا غير لائق.
وقال مركز الخليج لحقوق الإنسان في يوليو/ تموز إن الحمادي حاولت الانتحار بسبب قرار إدارة السجن المركزي بنقلها إلى قسم الدعارة. وبحسب أفراد من عائلتها، فإنّها المعيل الوحيد لأسرتها المكوّنة من أربعة أفراد، بمن فيهم والدها الكفيف وشقيقها الذي لديه إعاقة جسدية.
اختطاف واحتجاز وانتهاكات واسعة.. بدء محاكمة عارضة أزياء وممثلة يمنية، وهيومن رايتس ووتش تُدين المحاكمة وتصفها بالجائرة.. من هي انتصار الحمادي؟ #اليمن @AnaAlarabytv pic.twitter.com/tfotRWGp4q
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 1, 2021
ومنذ 2014، خلّف النزاع في اليمن عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80%من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية، وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقاً للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3,3 ملايين شخص.
وازدادت منذ اندلاع النزاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية حالات الزواج المبكر بين العائلات اليمنية الباحثة عن لقمة عيشها وسط الانهيار، وارتفعت معدلات العنف ضد النساء مع الانزلاق نحو أكبر أزمة إنسانية في العالم.