في بلد يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بات خشب الأشجار مصدرًا بديلاً للطاقة في اليمن، الذي لم يسلم هو الآخر من أزمة التضخم العالمي وارتفاع أسعار الطاقة، في ظل معاناته من حرب مستمرة منذ 2014.
وعلى مشارف مدينة تعز في جنوب غربي البلاد، التي يحاصرها الحوثيون لكنّها لا تزال تحت سيطرة الحكومة، يجمع حسين عبد القوي وزملاؤه خشبًا من أشجار قطعت حديثًا في غابة قبل رميه في الجزء الخلفي من شاحنة صغيرة.
وفي حديثه إلى "فرانس برس"، قال عبد القوي: "بدأنا في قطع الأشجار وبيعها لأنه ليس لدينا وسيلة أخرى للعيش"، مضيفًا: "هذه كارثة" أخرى لليمن، لكنه يؤكد أنّه "لا خيار أمامنا سوى بيعها، مثلما لا خيار أمام الناس سوى شرائها".
وتسبب الانتعاش العالمي بعد كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، في ارتفاع أسعار النفط خلال العام الماضي وعدم استقرارها.
أمام مخبز عبد السلام دابوان في مركز تسوق في تعز، تتراكم جذوع وأغصان مقّطعة، قبل أن تُحرق في الأفران لتحضير الخبز، الغذاء الأساسي خاصة للعائلات الأكثر فقرًا في اليمن. ويقر الخبّاز أمام فرنه بأنّه اضطر إلى استخدام الخشب بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار الغاز والوقود.
ويوضح أنه لو لم يقم بذلك، لكان اضطر لزيادة أسعاره على ضوء زيادة كلفة الوقود. ويوضح: "نستخدم الحطب لمنح الناس ما يحتاجون"، داعيًا الحكومة إلى مساعدة التجار في مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة.
ومنذ سنوات، يلجأ الكثير من اليمنيين إلى الحطب للطهو والفحم للتدفئة، بعد اشتداد أزمة المشتقات النفطية التي شهدتها البلاد في الأعوام الأخيرة، الناتجة عن الحصار، حيث فُقد الوقود في الكثير من المدن أو ارتفعت أسعارها بشكل كبير.
"عمليات فوضوية"
وبحسب الخبير البيئي أنور الشاذلي، فقد جرى قطع أكثر من ستة ملايين شجرة منذ بداية الحرب، خصوصًا في صنعاء حيث تستخدم على نطاق واسع في المخابز والمطاعم، بحسب أرقام رسمية. ويؤكّد الشاذلي أنّ قطع الأشجار "موجود في جميع البلدان ولكن بطريقة منظّمة".
ويتابع أنه في اليمن وخاصة في تعز يتم قطع الأشجار "على مستوى سطح الأرض مما يؤثر على المياه الجوفية والأنظمة الزراعية والتنوع البيولوجي ويساهم في تآكل التربة".
ويحذّر الخبير من أنّ السلطات يجب أن تتدخل من خلال منع عمليات القطع "الفوضوية"، وتدريب الأشخاص الذين يقطعون الأشجار على القيام بذلك بطريقة "مناسبة" للتقليل من الآثار على البيئة.
ويشدد الخبير البيئي على تفهّم محنة السكان في مواجهة التضخم والعواقب الاقتصادية للحرب، لكن على اليمن أن يتحرك بشكل عاجل لمنع "الكوارث الطبيعية التي ستصيب البلاد".