رأى المدير المستقيل لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في نيويورك كريغ مخيبر أن الغرب بلغ مرحلة التواطؤ مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المستمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي 28 أكتوبر، قدم مخيبر استقالته احتجاجًا على ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية" التي يتعرض لها سكان غزة منذ بدء العدوان، في ظل صمت هيئات الأمم المتحدة عن الانتهاكات والمجازر المستمرة.
ومنذ 29 يومًا، يشن الجيش الإسرائيلي عدوانًا على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين، معظمهم مدنيون وتسبب في وضع إنساني كارثي، وفق تحذيرات أطلقتها مؤسسات دولية.
كريغ مخيبر: الغرب بلغ مرحلة التواطؤ
وفي حديث خاص مع "العربي" من نيويورك، قال مخيبر إن عددًا من الدول الغربية تخطت سياسة الكيل بمكيالين، وتخطت أيضًا انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان وموجباته للالتزام باتفاقيات جنيف كإسرائيل، وبلغت مرحلة أخرى من التواطؤ وتسليح إسرائيل وتمويلها في عدوانها وتوفير المعلومات الاستخبارية لها.
وأضاف أن هذه الدول وفرت أيضًا التغطية الدبلوماسية لإسرائيل، حتى إنها استعملت حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن للحؤول دون حماية الفلسطينيين المدنيين في غزة، مشددًا على أن هذه الأمر يتخطى ذنب الكيل بمكيالين.
وفيما أشار إلى أن هناك سياسة الكيل بمكيالين، لفت إلى أن هناك تفاوتًا في التعاطي مع الوضع بين أوكرانيا وفلسطين إذا ما نظرنا إلى وسائل الإعلام الغربية وإلى السياسيين الغربيين.
ونبه إلى أن عدم الاتساق هذا خطير، لأنه يعرض فكرة تأسيس ووجود القانون الدولي للخطر، حيث إنه يشعر الناس أن الأمر لا يتعلق بالقانون بل بالقوة والسلطة، معربًا عن اعتقاده بأن هذا النقص في الاتساق خطر.
وأوضح كريغ أن الوضع في غزة سيئ للغاية، لأن الانتفاضة الأولى كانت رد فعل متطرف على ما حصل في الضفة الغربية والقدس وغزة جرّاء معاناة الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية، مضيفًا أن الوضع بشكل متقدم يتراجع في كل عام، لاسيما فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
"حل الدولتين"
وأشار مخيبر الذي استقال من منصبه احتجاجًا على عجز المنظمات الأممية على التعامل مع ما يحدث في غزة، إلى أنه قال في رسالته إن أغلبية المسؤولية يتحملها المجتمع الدولي الذي رفض التحرر من نموذج "فاشل" لأكثر من 30 عامًا، حيث وعد بحل دولتين ومفاوضات أفضت إلى اتفاق أوسلو، الذي أصبح بمثابة غطاء لما يحصل على أرض الواقع من ملاحقة واضطهاد وعقاب جماعي للشعب الفلسطيني في غزة، وتنمية لنظام فصل عنصري.
ورأى مخيبر أن اقتراح حل الدولتين لم يأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، لا سيما في داخل الخط الأخضر، أو ما يعرف الآن بإسرائيل، مبينًا أنه وفق هذا الحل يصنف الفلسطيني على أنه مواطن من الدرجة الثانية في أفضل حال.
وأشار إلى أن المشروع الاستعماري للمستوطنات لأكثر من 75 عامًا مدعوم من الكثير من الأوروبيين، وأدى إلى النزوح القسري والتطهير للفلسطينيين.
وقال كريغ مخيبر: "إذا كان ثمة بارقة أمل في هذا الوضع الحالك، فيتمثل بالأشخاص العاديين إذا ما رفضوا مواقف حكوماتهم وانتفضت الشوارع في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة وآسيا وكافة أنحاء العالم".
وأعرب عن اعتقاده بأن الكثير من الشجعان ومنهم يهود تظاهروا، وهذا أثبت أن إسرائيل لا تمثلهم، وأن الوقوف ضد الاحتلال ليس معاداة للسامية، بل على العكس هو جزء من الواجب المعنوي.