كليجدار أوغلو في مواجهة أردوغان.. أيّ حظوظ لمرشح المعارضة التركية؟
توصلت "الطاولة السداسية" للمعارضة في تركيا أخيرًا إلى اتفاق بشأن مرشحها للانتخابات المقبلة لمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان بعد فترة من الخلافات والتصدعات بشأن اعتماد اسم نهائي لخوض الانتخابات المقررة في 14 مايو/ أيار المقبل.
وتسبب انسحاب زعيمة الحزب "الجيد" ميرال أكشينار من الائتلاف المعارض ثم عودتها في خلط الأوراق وأعاد ترتيب "الطاولة السداسية"، إذ جرى التوصل إلى ترشيح زعيم "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليجدار أوغلو وتعيين نواب للرئيس في حالة الفوز في الانتخابات.
خارطة أحزاب المعارضة
ويتضمن الاتفاق اختيار نواب للرئيس من قادة الأحزاب المكونة للطاولة السداسية مع دور أساسي لرئيس بلديتي اسطنبول وأنقرة في حال فوز كليجدار أوغلو بالرئاسة.
ومع ذلك يبقى لكل حزب حاضنته الشعبية الصلبة التي ستصوت له بمعزل عن الظروف المحيطة بالانتخابات، فحزب الشعب الجمهوري ما زال يحتفظ بقاعدته من القوميين العلمانيين الأتاتوركيين بالرغم من تراجع شعبيته في العقدين الماضيين. كما أن أغلب أبناء الطائفة العلوية التركية يشكلون كتلة متماسكة في التصويت لهذا الحزب.
ومن الأحزاب التي تمتلك قاعدة واضحة؛ "حزب الشعوب الديمقراطي الكردي"، الذي يترأسه مدحت سنجار مناصفة مع برفين بولدان، فهذا الحزب من أشد المعارضين لحزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان.
ومع مواقف ميرال أكشينار ذات الخلفية القومية فإن هذا الأمر قد يكون حاسمًا في تحديد أصوات الأكراد المتوزعين في جنوب وجنوب شرق تركيا، حيث تتركز القاعدة الرئيسة لحزب الشعوب.
تقدم أردوغان
يبقى حزب العدالة والتنمية من أكثر الأحزاب تماسكًا حتى الآن بقاعدته المبنية على طيف عابر للتوجهات من إسلاميين وقوميين محافظين وهو بهذا المعنى سيبقى من أقرب حلفاء الحركة القومية التركية التي يتزعمها دولت بهتشلي.
ولطالما جادلت ميرال أكشينار في قدرة كليجدار أوغلو على كسب المواجهة مع الرئيس أردوغان بالرغم من تحقيق حزبه لنتائج جيدة في الانتخابات الماضية على مستوى البلديات والمحليات.
إذ تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم أردوغان على غيره من المنافسين لا سيما بعد أداء حكومته في مواجهة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد.
ومع ذلك هناك اعتقاد سائد في الأوساط التركية أن السياسات غير التقليدية خاصة في الجانب الاقتصادي أدخلت البلاد في أزمات عديدة مما يزيد الغموض بشأن نتائج الانتخابات المقبلة، وقدرة حزب العدالة والتنمية على الحفاظ على كافة مكتسباته.
سيناريوهات غير واضحة
ومع تبعثر الخريطة السياسية وتشظي الولاءات خارج الأحزاب باتت السيناريوهات غير واضحة دون جواب بشأن المرشح للفوز بالانتخابات، إذ تتأرجح الكتلة الكردية بين محجم عن الانتخاب وبين داعم لمرشح المعارضة. إلاّ أن التعديلات الأخيرة المتعلقة بالاتفاق على نواب الرئيس بين أطياف المعارضة قد تجعلها تميل إلى كمال كليجدار أوغلو.
قد لا تعبر استطلاعات الرأي عن حسم توجهات الشارع التركي لهذا المرشح أو ذاك، لكن الرئيس رجب طيب أردوغان يجد نفسه هذه المرة أمام تحدّ حقيقي في الحفاظ على مكتسبات حزبه خلال العقدين الأخيرين.
فالرأي السائد في تركيا أن الانتخابات القادمة ستشهد تنافسًا شديدًا خصوصًا وأن الانتخابات العامة ستشمل البرلمان والبلديات بالإضافة إلى الرئاسة.
فحتى لو فاز أردوغان في الانتخابات الرئاسية سيكون حزب العدالة والتنمية على موعد مع تحدي حصد أصوات الناخبين في البرلمان، فإن خسر مقاعد إضافية في البرلمان أو البلديات فإن ذلك سيصعّب من فترة ولايته الجديدة.
انتخابات مصيرية
وتعد هذه الانتخابات مصيرية في تاريخ تركيا، ففوز الرئيس رجب طيب أردوغان سيكون بمثابة ترسيخ للنظام الرئاسي الذي أرساه عام 2017.
وفي حال فوز المعارضة فإنها ستسعى للعودة إلى النظام البرلماني الذي حكم تركيا منذ ولادتها، مع ما يعنيه ذلك من عودة إلى صيغ الحكومات الائتلافية القلقة، وتبدل التحالفات بشكل مستمر.
لا يختلف أحد أن فترة الرئيس رجب طيب أردوغان شكلت علامة فارقة في تاريخ تركيا، لكن بعض خصومه يتهمونه بالجنوح نحو التفرد بالحكم. وقد واجه الرجل في العقد الأخير تحديات صعبة خرج منها منتصرًا محولًا كل أزمة إلى فرصة، بحسب مؤيديه.
ولعل الشاهد الأخير على ذلك معالجة حكومته لأزمة الزلزال التي ضربت بلاده رغم بعض الانتقادات والتي قد تعزز من حظوظه في الفوز بولاية جديدة.
"المعارضة باتت أقوى"
وتعليقًا على اتفاق "الطاولة السداسية" للمعارضة في تركيا، يرى الكاتب الصحفي إسلام أوزكان أن المعارضة باتت موحدة وأقوى بشكل كبير لا سيما بعد "الزلزال" الذي هزّ الطاولة السداسية.
ويعتبر في حديث إلى "العربي"، من بيروت، أن كمال كليجدار أوغلو "خرج من الأزمة الأخيرة داخل المعارضة أقوى بكثير"، إضافة إلى "تآكل" شعبية ميرال أكشينار بعد تصريحاتها التي واجهت انتقادات من الرأي العام التركي، بحسب أوزكان.
ويلفت إلى أن حظوظ كليجدار أوغلو "كبيرة" في مواجهة أردوغان على الرغم من استطلاعات الرأي التي تشير إلى تقدم مرشحين آخرين في الانتخابات.
ويرى أوزكان أن هناك "ضبابية" في المجال السياسي داخل تركيا لذلك "قد تتغير نتائج استطلاعات الرأي العام في ضوء السيناريوهات حسب وتيرة المرشح أثناء الحملات الانتخابية".
وفي ضوء المنافسة الحادة بين العلمانيين والإسلاميين في تركيا، يعتبر الكاتب الصحفي أن الشعب التركي متسامح ويمكن أن "يصوت شخص سني لآخر علوي، وأن هناك تعايشا سلميا بين السنّة والعلويين على الرغم من بعض الإشكالات".
ويخلص إلى أن كليجدار أوغلو يتمتع كذلك بدعم من أحزاب في المعارضة ذات جذور إسلامية على غرار أحزاب "السعادة" و"المستقبل" و"الدواء"، وذلك بمعزل عن هويته الطائفية.