قسمت هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول عام 2001 التاريخ الأميركي إلى نصفين. فأميركا ما بعد الهجمات ليست كما قبلها، ووجه الولايات المتحدة الجديد لا يؤثّر على داخلها فقط، بل تمتد تأثيراته إلى كل أنحاء العالم ولا سيما في الشرق الأوسط، كما يقول محلّلون.
ودخل العالم مع الولايات المتحدة بعد الهجمات عهدًا جديدًا. فقد استحدثت واشنطن وزارة الأمن القومي، وشدّدت الإجراءات الأمنية في المطارات والمنشآت المهمة وكثّفت عمليات مراقبة استهدفت فئات بعينها.
والأهم، اجتاحت أميركا أفغانستان وامتد تدخلها العسكري إلى دول عدّة في ما بات يُعرف بـ"الحرب على الإرهاب".
"النهج العسكري لم يكن فاعلًا"
ويقول مدير برنامج التسليح والأمن في مركز السياسة الدولية ويليام د هارتنغ: "غيّرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر سياساتنا داخليًا وخارجيًا. ما كان يجب أن نتعلّمه هو أن النهج العسكري لم يكن فاعلًا، لكن لا يبدو أننا توصلنا إلى هذه النقطة".
إلى ذلك، أنشأت واشنطن معتقل غوانتانامو سيئ السمعة، وضاعفت تقريبًا ميزانية البنتاغون.
أما ميزانية وزارة الأمن القومي، فارتفعت من 16 مليار دولار عام 2002 إلى أكثر من 43 مليار دولار عام 2011.
"دافع للسعي وراء أهداف سياسية"
وتصف كارين كوايتكوسكي، وهي كولونيل متقاعد في القوات الجوية الأميركية الهجمات بالـ "مأساوية"، مشيرة إلى أنها "تمثل فشلًا للنظام الأمني ونظام الطيران في الولايات المتحدة". وترى انها استُخدمت "كدافع للسعي وراء أهداف سياسية لواشنطن".
وتشير إحصائيات لجامعة براون إلى أن الولايات المتحدة أنفقت 8 تريليونات دولار على حروب ما بعد الحادي عشر من سبتمبر.
وانضم أكثر من 3 ملايين أميركي إلى القوات الأميركية بين عامي 2001 و2011. وتم نشر نحو مليونين منهم في أفغانستان والعراق.
وقُتل أكثر من 6000 أميركي، وجُرح نحو 44 ألفًا. وهو ثمن باهظ، يقول محللون إنه لم ينجح في وقف الإرهاب.
فعاليات لإحياء الذكرى
وتشير مراسلة "العربي" من واشنطن ريما أبو حمدية، إلى أن فعاليات مختلفة لإحياء الذكرى العشرين لهذه الهجمات ستُقام في الولايات المتحدة هذا العام.
وتلفت إلى أن هذه الفعاليات تأتي بعد أيام من الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وبعد أن وعد الرئيس جو بايدن بمراجعة وثائق متعلقة بأحداث 11 سبتمبر ورفع السرية عن بعضها.
من ناحيته، يقول مراسل "العربي" نبيل أبي صعب من أمام مركز التجارة العالمي في نيويورك: إن الرئيس جو بايدن سيصل إلى نيويورك ويحضر مراسم إحياء الذكرى برفقة الرئيس الأسبق باراك أوباما، من دون إلقاء كلمات.
ويشير إلى أن الرئيس السابق دونالد ترمب سيأتي لزيارة موقع مركز التجارة العالمي في موعد لاحق.
حدث تاريخي
في سياق متصل، يرى مدير المركز العربي في واشنطن خليل جهشان أن أحداث 11 سبتمبر كانت حدثًا تاريخيًا كبيرًا لا يُضاهَى نوعًا ما، ولا سيما في التاريخ الأميركي الحديث.
ويقول في حديث إلى "العربي" من واشنطن "إن هذه الأحداث أصبحت في عقلية المواطن الأميركي كحادث درامي يشبه ربما مقتل الرئيس كينيدي الذي هزّ ضمير الولايات المتحدة".
ويلفت إلى أن 93% من المواطنين الأميركيين البالغين يعتقدون أن هذا هو أهم حدث في حياتهم، وأن أكثر من ثلثي إلى 90% من الأميركيين يتذكرون تمامًا أين كانوا وقت الحادثة.
ويخلص في هذا الصدد إلى القول "إن الولايات المتحدة صُدمت كمجتمع ونظام نتيجة هذا الحادث، وإن موضوع الامن دخل بحزم على العقلية الأميركية والنظام الأميركي".