من المعلوم أن لكل معركة عسكرية أهداف سياسية ويحدد إنجازها من عدمه المنتصر في تلك الحرب، وقد بدأ تطبيق هذه القاعدة مع الحروب الحديثة لأن المنتصر في الحروب القديمة كان يسهل تحديده، فببساطة كان هناك قوي ينتصر بسحق الضعيف أو دفعه إلى إعلان استسلامه.
لكن الوضع في الحروب الحديثة يتجاوز كونها حربًا عسكرية تقليدية، فوسائل الحروب الحديثة تسمح لكل طرف أن يمنح نفسه لقب المنتصر بسهولة، وما أن تنتهي الحرب حتى يعلن كل طرف من أطرافها أنه المنتصر.
وقد طالت مدة الحرب على غزة، والسؤال عن المنتصر والمنهزم لا يجد مجيبًا، لكن رأيًا إسرائيليا داخليًا لديه الإجابة عن هذا السؤال بعد أكثر من 6 أشهر على العدوان.
"لقد هزمنا هزيمة كاملة"
فقد نشر حاييم ليفينسون، الكاتب الإسرائيلي المعروف، مقالًا في صحيفة "هآرتس" العبرية بعد أيام من إعلان إسرائيل سحب قواتها من خانيونس، وفي صبيحة نشر كتائب "القسام" فيديو قتل الجنود الإسرائيليين في كمين منطقة الزنة.
وعنون ليفينسون مقاله بـ:" لا ينبغي أن يقال ذلك.. لكن ليس هناك خيار آخر، لقد هزمنا هزيمة كاملة".
ووفق المقال القصير، يرى ليفنسون أن إسرائيل هزمت كون أيًا من أهداف الحرب لم يتحقق، وأن الضغط العسكري ليس الطريقة المثلى لاستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
كما يعتقد الكاتب الإسرائيلي أن الأمن في إسرائيل لم يعد إلى سابق عهده قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فيما لا يزال عشرات آلاف المستوطنين نازحين من الشمال والجنوب.
هذا فضلًا عن حالة النبذ الدولي لإسرائيل بفعل الجرائم المرتكبة التي تتزايد يومًا بعد يوم في غزة وربما لن تختفي، في وجهة نظره. ولهذه الأسباب مجتمعةً، يرى ليفنسون أن إسرائيل هزمت هزيمة كاملة أمام المقاومة الفلسطينية.
"الحل البديل"
من جهة ثانية، يطرح الكاتب في مقاله بـ"هآرتس" حلًا بديلًا لذلك الوضع بالنسبة لإسرائيل، لكن ليس أفضل بكثير مما اقترحه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
إذ يزعم ليفنسون أن هناك حاجة لعملية عسكرية "سريعة وأكثر عدوانية" كرد على أحداث 7 أكتوبر يتم فيها القضاء على ما وصفه بـ"حكم حماس"، ثم وضع تحالف من دول أخرى للإشراف على إعادة إعمار القطاع مع خلق بديل لسلطة "حماس" في غزة.
إلا أنه بالإمكان القول على أرض الواقع أن نتنياهو قام فعلًا بذلك ولكنه لم يفلح، فقد دمرت إسرائيل حتى الآن نحو 70% من قطاع غزة وقتلت أكثر من 30 ألف إنسان وهجرت الملايين.
ومنذ بداية الحرب، طرح نتنياهو مرات عديدة مقترحات للإشراف الدولي على الأمن في القطاع وحاول خلق سلطة بديلة من سلطة حركة "حماس"، لكن جميع محاولاته باءت بالفشل حتى الآن.
"القيادة الأسوأ"
بالإضافة إلى ذلك، يظنّ الكاتب أن إسرائيل بعد 6 أشهر من الحرب كان يجب أن تكون في موضع آخر، لكنها أسيرة كما يقول "لأسوأ قيادة في تاريخها"، والذي ينافس على "أسوأ القيادات في التاريخ".
في المقابل، عبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن آرائهم على مقال الكاتب الإسرائيلي، إذ قال علي سندي أن ذلك اعتراف بالهزيمة.
فبحسب قوله "تحصر إسرائيل التغطية الإعلامية للحرب في مشاهد الدمار والقتل والترويع لتخويف الناس، وردعهم عن التفكير في مثل هذا الطريق، لكن الكاتب نظر إلى القضية من جوانب كثيرة".
وكتب محمود أن المقال يستهدف في الأصل نتنياهو وتقييمه للحرب، مردفًا: "يمكن أن يكون فيه من المبالغة ما يخدم فكرة الهجوم على نتنياهو، فاحذروا من هذه الدعاية الصهيونية".