يترقّب اللبنانيون قراراً يُتوقّع أن يصدر عن السلطات، اليوم الثلاثاء، في ما يتعلق برفع الدعم عن المواد الأساسية وسبل ترشيده، في ضوء تناقص الاحتياطات لدى مصرف لبنان المركزي من العملات الأجنبية، في وقتٍ تتصاعد التحذيرات الدولية من أنّ أيّ إلغاءٍ للدعم قد يؤدي إلى "كوارث اقتصادية".
وتُعقَد لهذه الغاية، سلسلة اجتماعاتٍ في السراي الحكومي، يرأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب، استكمالاً لاجتماع عُقِد أمس وضمّ الوزراء المعنيين بموضوع الدعم (الصحة والاقتصاد والمال والطاقة)، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، واستعرض خطط الوزراء لتنظيم كلفة الاستيراد والدعم.
ويقضي الدعم، الذي لم يُتّخذ القرار برفعه رسمياً بعد، بأن يساعد مصرف لبنان المركزي التجار عبر توفير العملة الصعبة لهم بسعر الصرف القديم البالغ 1500 ليرة لبنانية للدولار، لاستيراد مجموعة من السلع الأساسيّة، رغم فقدان الليرة نحو 80 في المئة من قيمتها.
"خط أحمر"
وقال دياب في مستهلّ الاجتماعات، التي تحوّلت إلى ورشات عمل تفصيلية يرأسها كل وزير مع القطاعات المعنية في نطاق عمل وزارته، إنّ "نيّة" حكومته لم تكن "رفع الدعم" من الأساس، بل كان التوجّه نحو "ترشيده" في سبيل المحافظة على المخزون الاحتياطي النقدي المتبقي لأطول فترة ممكنة، بحسب ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وشدّد دياب على أنّ "الأمور الحياتية الأساسية للمواطن اللبناني، كالدواء والطحين، خط أحمر"، مشيراً إلى أنّ "الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي يمر بها لبنان كانت نتيجة سنوات طويلة من السياسات السيئة"، وكاشفاً أنّ اجتماعات اليوم تهدف إلى "إشراك القطاعات المعنية كافة بالتوصل للحل الأفضل لترشيد الدعم".
احتجاجات شعبية
وكانت مناطق لبنانية عدّة، بينها العاصمة بيروت، شهدت أمس، احتجاجاتٍ شعبيّة رفضاً لرفع الدعم عن المواد الغذائية والسع الأساسيّة، التي تُعَدّ من الحاجات اليومية للمواطنين. وأطلق المحتجون شعاراتٍ وهتافاتٍ ضد السلطات، وسط دعوات لإسقاطها ومحاسبة الفاسدين والسارقين.
وأقدم المعتصمون، الذين شملت تحركاتهم مصرف لبنان المركزي في بيروت، والسراي الحكومي حيث كان الاجتماع الوزاري منعقداً، على قطع عدد الطرقات وحرق الإطارات تعبيراً عن غضبهم، من خطة رفع الدعم، لا سيّما بعد تصريحاتٍ لنقيب المطاحن والأفران علي إبراهيم كشف خلالها أنّ المطاحن لن تسلّم الأفران الطحين غير المدعوم.
وجاء كلام إبراهيم بعد قرارٍ لوزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة بدعم طحين الخبز اللبناني فقط، ما دفع البعض للقول إنّ "المنقوشة" ستصبح طعاماً للأغنياء، خصوصاً إذا ما بات تسعيرها بالدولار، في ظلّ الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وانهيار سعر الصرف، بعدما تخطّى في السوق السوداء في الأيام الأخيرة هامش الثمانية آلاف ليرة، مقابل "ثبات" السعر الرسمي على 1500 ليرة.
مباشر قطع طريق #الصيفي من قبل الثوار ويلا انزل عالشارع #لبنان_ينتفض pic.twitter.com/vkOoW68o1y
— الثورة News (@thawranewslb) December 7, 2020
كارثة اجتماعية
في غضون ذلك، نبّهت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة من أنّ إلغاء الدعم في لبنان، من دون ضمانات لحماية الفئات الأكثر ضعفاً، سيصل إلى حد كارثة اجتماعية، وحذّرتا من عدم وجود وسيلة لتخفيف الضربة.
وأوضحت ممثلة صندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف في لبنان يوكي موكو والمديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية ربا جرادات، في مقال رأي، أنّ تأثير إلغاء دعم الأسعار على الأسَر الأكثر ضعفاً في البلاد "سيكون هائلاً، ومع ذلك لا يوجد شيء تقريباً للمساعدة في تخفيف أثر ذلك"، بحسب ما نقلت عنهما وكالة "رويترز".
وشدّدتا على أنّ "اجتياز لبنان لمنحدر آخر الآن من دون وضع نظامٍ شامل للضمانات الاجتماعية أولاً، سيُلحِق كارثة اجتماعية بمَن هم أكثر ضعفاً في البلاد، وسيطيح برفاهيتهم ورفاهية البلد ككل لسنوات عديدة مقبلة".
ولفتت موكو وجرادات إلى أنّ تحليلاً تقريبياً يُظهر أنّ ما يصل إلى 80 في المئة من الدعم يستفيد منه النصف الأغنى من السكان، ويذهب 20 في المئة فقط للنصف الأكثر فقراً.
وكان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة قال، الأسبوع الماضي، إن الدعم يمكن أن يستمر لشهرين آخرين فقط، داعياً الدولة إلى وضع خطة، فيما رجّح البنك الدولي أن يستمر الفقر في التفاقم ويعصف بما يزيد على نصف السكان بحلول العام 2021.