لخفض فواتير الطاقة.. دول الاتحاد الأوروبي تتفق على تدابير عاجلة
اتفق وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي الجمعة على اتخاذ إجراءات طارئة لمساعدة الأسر والشركات في دول التكتل على مواجهة فواتير الكهرباء المرتفعة، لكن كثيرين يرون أنه يتعين بذل المزيد مع اقتراب فصل الشتاء.
وقد صادق وزراء الطاقة على مقترحات قدمتها المفوضية الأوروبية في منتصف سبتمبر/ أيلول وتهدف إلى استعادة جزء من "الأرباح الفائقة" من شركات إنتاج الطاقة لإعادة توزيعها على المستهلكين، وخفض الطلب على الكهرباء في أوقات الذروة.
ورغم التوصل لاتفاق، لكنهم ما زالوا منقسمين حول تحديد سقف لسعر واردات الغاز أمام تردد ألمانيا على وجه الخصوص.
وحث وزير الطاقة التشيكي يوزف سيكيلا الذي تتولى بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي على التحرك بقوله: "ليس لدينا وقت نضيعه" لخفض سعر الغاز.
وقد رفع التسرب الأخير من خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 في بحر البلطيق -والذي قال الاتحاد الأوروبي إنه ناجم عن أعمال "تخريبية"- التوتر في التكتل الأوروبي المتأثر بارتفاع الأسعار المرتبط بالحرب التي أشعلتها روسيا في أوكرانيا.
خفض استهلاك الكهرباء
وحددت إجراءات الطوارئ التي تمت الموافقة عليها الجمعة هدفًا ملزمًا للدول بخفض استهلاكها للكهرباء "بنسبة 5% على الأقل" خلال ساعات الذروة. كما طُلب من الدول السبع والعشرين تقليل استهلاكها الشهري من الكهرباء بنسبة 10%، وهو هدف غير إلزامي.
كما اتفق على تحديد الحد الأقصى لعائدات منتجي الكهرباء من المصادر النووية والمتجددة من الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية، الذين يجنون أرباحًا استثنائية من خلال بيع إنتاجهم بسعر أعلى بكثير من تكاليف إنتاجهم.
وحُدد هذا السقف عند 180 يورو لكل ميغاواط/ ساعة ويجب أن تسترد الدول الفرق بين هذا المستوى وسعر سوق الجملة لإعادة توزيعه على الأسر والشركات. كما ستطبق "مساهمة تضامنية مؤقتة" على منتجي وموزعي الغاز والفحم والنفط.
إشكالية وضع حد أقصى لسعر الغاز
وتوقعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أن تحقق هذه الإجراءات عائدات بنحو 140 مليار يورو.
لكن 15 من الدول الأعضاء -بما في ذلك فرنسا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا- تعتقد أن "المشكلة الأهم" لم تُعالج، وتطالب بوضع حد أقصى لسعر الغاز بالجملة في السوق الأوروبية. وتريد هذه الدول تطبيق الإجراء على كافة واردات الغاز، وليس فقط تلك القادمة من روسيا.
واعتبر الوزير التشيكي أن على المفوضية أن تتحرك بسرعة. وقال: "نحن في حرب طاقة مع روسيا، الشتاء قادم ويجب أن نتحرك الآن... وليس بعد شهر".
ويأتي تردد رئاسة المفوضية، مثل ألمانيا، في اتخاذ مثل هذا الإجراء خوفًا من أن يهدد تحديد الأسعار الإمدادات الأوروبية من خلال دفع "شركاء موثوق بهم" مثل النروج أو الولايات المتحدة إلى وقف تسليم الغاز إلى الاتحاد الأوروبي لصالح وجهات أخرى.
من جهتها، رفضت الوزيرة الإستونية رينا سيكوت هذه الفكرة، وقالت: "إن توافر الغاز وأمن الإمدادات أهم من السعر".
في وثيقة تحضيرية، اقترحت المفوضية تحديد حد أقصى لسعر الغاز الروسي -المنقول عبر خطوط الأنابيب أو الغاز الطبيعي المسال- والذي يمثل حاليًا 9% من الواردات الأوروبية، بعد أن كانت روسيا في ما مضى أكبر مورد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي، الذي كانت تمده بأكثر من 40% من احتياجاته من الغاز.
مفاوضات وخطة مفصلة
وتراهن بروكسل على المفاوضات مع سائر موردي الغاز المنقول عبر خط الأنابيب لخفض الأسعار، لكنها تعتقد أنه بالنسبة للغاز الطبيعي المسال، فإن القدرة على التفاوض محدودة بسبب المنافسة الدولية.
كما تدرس المفوضية تحديد سقف لسعر الغاز المستخدم في توليد الكهرباء.
ويناقش الوزراء هذه الخيارات ليصار إلى وضع خطة أكثر تفصيلاً قبل قمة قادة الدول السبع والعشرين في 7 تشرين الأول/ أكتوبر في براغ واجتماع جديد لوزراء الطاقة في 11-12 أكتوبر/ تشرين الأول.
وقالت الوزيرة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه: "يجب أن نذهب أبعد من ذلك في هذه الموضوعات ويجب أن ننجز الأمر بسرعة أكبر".
وعلى المستوى الوطني، وضع العديد من دول الاتحاد الأوروبي خطط دعم لتخفيف عبء فواتير الكهرباء عن الأسر والشركات.
فبينما تطبق فرنسا سقوفًا لأسعار الطاقة، أعلنت ألمانيا الخميس أنها ستصرف نحو 200 مليار يورو إضافية للحد من أسعار الغاز والكهرباء.
خطر يتهدد قطاع الاتصالات
ويتهدد أوروبا خطر انقطاع اتصالات الهاتف المحمول، فوقف محتمل للتيار الكهربائي قد يحرم 680 مليون مشترك من الخدمات. وتلوح في أفق القارة العجوز مصاعب جديدة وهي التي تخشى شتاء قارسًا ومظلمًا وبدون اتصالات؛ في حال تفاقمت أزمة الطاقة وإمداداتها من روسيا.
وبذلك ينضم قطاع الاتصالات إلى الصناعة والتجارة اللذين يتهددهما الانقطاع. ويثير احتمال وقف خدمة التيار الكهربائي هذا الصيف أو فرض حصص لتوزيع الطاقة احتمالية توقف شبكات الهواتف.
ولا غرابة في الأمر اليوم في ظل وقف روسيا إمداد الغاز إلى أوروبا من عدة مصادر رئيسية، وصعوبة توفير مصادر بديلة بالتزامن مع الاتفاع الأسعار العالمية.
ويبدو قطاع الاتصالات على المحك اليوم في ظل عدم توفر أنظمة احتياطية كافية في عموم أوروبا، ولا يتوقف الأمر على انقطاع التيار على المستهلكين في منازلهم؛ بل يطال 500 ألف برج لا يمكنها الصمود أكثر من نصف ساعة في حال انقطاع التيار.
وفي فرنسا، شملت خطة التعامل مع الاحتمالات المتعددة خلال الشتاء المقبل التي قدّمتها شركة "إنديس" لتوزيع الكهرباء فرضية انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى ساعتين، ليصار إلى التعامل معها بقطع الكهرباء بالتناوب.