أعلنت ألمانيا، اليوم الأربعاء، أنّها ستتبنى سلسلة إجراءات ضريبية بقيمة عشرة مليارات يورو أي حوالي 10,2 مليارات دولار في 2023، لمساعدة العمال على مواجهة التضخّم المتصاعد.
وكشف وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أثناء تقديمه مشروع القانون لإصلاح التضخم، أن الوضع الاقتصادي يتدهور وأن التوقعات هشة في أكبر اقتصاد في أوروبا، مدافعًا عن خططه لرفع حد الإعفاء من ضريبة الدخل لمواجهة زيادة التضخم.
وشرح ليندنر أنّ حزمة الإجراءات هذه تتمثّل بشكل خاص في رفع السقف الذي سيطبق عليه الحد الأقصى لمعدل ضريبة الدخل البالغ 42% وزيادة قيمة المساعدات العائلية، مشدّدًا على أنّ الحكومة "اضطرّت للتحرك" في مواجهة ارتفاع الأسعار، ولا سيما أسعار الطاقة.
يأتي ذلك، بينما بلغ معدّل التضخّم في ألمانيا 8.5%، إذ يشهد اقتصاد البلاد ركودًا في الربع الثاني من العام مع اندلاع الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة وانتشار الجائحة واضطراب الإمدادات، مما دفع بها إلى حافة الانكماش.
وأضاف وزير المالية أنّ خطته تهدف بشكل أساسي إلى معالجة مشكلة العمّال الذين يجدون أنفسهم أمام عبء ضريبي أعلى لأنهم تلقّوا زيادة في الأجور لمكافحة التضخّم. ونتيجة لذلك، يخسر هؤلاء المكاسب التي حصلوا عليها بسبب ارتفاع الضرائب المستحقّة.
وقال ليندنر إنه إذا لم يتم فعل أي شيء فسيواجه حوالي 48 مليون شخص زيادة ضريبية اعتبارًا من يناير/ كانون الثاني 2023 بسبب هذه الظاهرة، لافتًا إلى أن استفادة الدولة من زيادة الإيرادات الضريبية في وقت أصبحت فيه الحياة اليومية أكثر كلفة ليس عادلًا ويشكل خطورة على الاقتصاد".
انتقادات للخطة المالية
في المقابل، تعرضت خطة الحكومة لانتقادات من الحزبين الأكبر في الحكومة الائتلافية، وهما الديمقراطي الاشتراكي، حزب المستشار أولاف شولتس، وحزب الخضر.
فقد قال أخيم بوست نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الاشتراكي لوكالة "رويترز" إن خطط ليندنر "ما زالت بحاجة إلى تحسين" وإن المساعدة يجب أن "تستهدف في المقام الأول أصحاب الدخل المنخفض والمتوسط".
وأضاف أن "الزيادات المقترحة في الإعانات ومعونات الأطفال الأساسية المعفاة من الضرائب تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها غير كافية"، واقترح مدفوعات مباشرة بدلًا من ذلك لكي تستهدف المساعدة الأسر صغيرة ومتوسطة الدخل.
وكانت الحكومة الألمانية قد اعتمدت من قبل إجراءات بقيمة 30 مليار يورو في المجموع لدعم القوة الشرائية، بما في ذلك تدابير مؤقتة لخفض فواتير الطاقة المنزلية وتقديم "بطاقة بقيمة 9 يورو" شهريًا صالحة في جميع وسائل النقل العام باستثناء الخطوط السريعة حتى نهاية شهر أغسطس/ آب.
أزمة طاقة على أبواب الشتاء
توازيًا، يتوقع أن يشهد أكبر اقتصاد في أوروبا خريفًا شاقًا وشتاء "صعبًا"، بحسب ما أكّد وزير الاقتصاد روبرت هابيك، الذي قال إن أزمة الطاقة "في الطريق إلينا".
فسيشهد الألمان ارتفاعًا في فواتير التدفئة والكهرباء في الخريف، مع قرار الحكومة السماح بأن ينعكس ارتفاع أسعار الطاقة على المستهلك النهائي.
كما تتوقع برلين زيادة نسبتها 2,2% في إجمالي الناتج المحلي الألماني هذا العام، لكن البنك المركزي الألماني يتوخى الحذر بدرجة أكبر ويقدر معدل النمو بـ1,9%.
التضخم يهدد أكبر اقتصاد أوروبي
وسجلت برلين معدلات تضخم غير مسبوقة في الأشهر الفائتة وصلت إلى 8,7% في مايو/ أيار الفائت على أساس سنوي، ليكون هذا المعدل أعلى مستوى منذ عام 1973.
وانعكست هذه الأرقام ارتفاعًا في أسعار المنتجات التي تصدرها ألمانيا إلى العالم، سواء في قطاع النقل، أو في التجهيزات التي توفرها للمصانع والمستشفيات، أو حتى المستلزمات الرياضية الشهيرة مثل "أديداس".
ومع ذلك، تتمتع ألمانيا بفوائض مالية تمكنها من استيعاب التحديات الاقتصادية على المدى المنظور، على عكس جيرانها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.