أثار مقتل مراهقة فرنسية على يد مراهقين جدلاً واسعًا في فرنسا، حيث نصبا كمينًا لها قرب نهر السين، واعتديا عليها بالضرب ورمياها في النهر.
هذه الجريمة الوحشية تدفع لطرح العديد من الأسئلة، حول الدوافع والأسباب التي يمكن أن تؤدي بالمراهق لكي يصبح مجرمًا.
تقول الطبيبة سماح جبر، رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية إنّ المراهقة هي مرحلة تطورية تتسم بسيطرة أجزاء معينة من قشرة الدماغ، المسؤولة عن ضبط الذات والمشاعر.
ففي هذه المرحلة، لا تنمو هذه الأجزاء بشكل كامل بعد، لذلك تُعرف المراهقة بالاندفاعية والمشاعر الجياشة وضعف السيطرة.
وأرجعت جبر أسباب الإقدام على الجريمة، أولاً إلى خطورة المرحلة العمرية.
فمعظم الجرائم والجنح تتمحور حول الغيرة والضغينة والتنمر والتعرض لصدمات، وضعف السيطرة العائلية والإرشاد من قبل الأهل، مع ضعف الوضع الاجتماعي وشعور الفرد بالتمييز ضده، وهذه كلها عوامل تساهم في ميل المراهق نحو ارتكاب الجرائم.
مؤشرات وسلوكيات
تؤكد الطبيبة النفسية أن هناك مؤشرات تدل على الميول الإجرامية لدى المراهقين، مثل الاندفاعية، وضعف الإنتباه وضعف التحصيل العلمي.
وقد تظهر هذه السلوكيات حتى في الطفولة، منها الاعتداء على الحيوانات، كما قد يكون الطفل شديد الغيرة من أقرانه أو يؤذيهم ولا يتعاطف معهم، أو حتى لا يتعاون مع الكبار.
وتنصح الأهل هنا بالتدخل المبكر في حال ظهرت هذه السلوكيات لدى الأبناء ومراقبتهم وإرشادهم، وإذا وجدوا صعوبة في هذه المهمة، فعليهم الاستعانة بالمرشدين والخبراء النفسيين.
كما تشير إلى أهمية دور الأساتذة والمعلمين التكميلي والتصحيحي لدور الأسر، التي ليس باستطاعتها أن تشرف على الطفل بشكل سليم.
وتشدّد على أنه ليس بالضرورة أن يعاني هؤلاء من أمراض نفسية حتى يقدمون على ارتكاب الجريمة، إذ إنهم قد يعانون من مشاكل مع علاقاتهم مع الآخرين، وشعورهم بالأنانية وعدم المقدرة على ضبط النفس.
وتقول:"نحن لا نرجع كل المسببات للفرد، فقد يكون هو نفسه يتعرض للعنف واعتمد العنف كلغة للتواصل مع الآخرين".
كما تطرّقت جبر إلى التأثير الكبير لمواقع التواصل على المراهقين، حيث يلجؤون إليها بسبب ضعف التواصل حاليًا بين البالغين والأطفال.
وتعتبر أنّ الطفل بات يتعلم "صورته عن الحياة" من خلال هذه المواقع، إذ يقضي ساعات طويلة أمام الألعاب الإلكترونية العنيفة، من دون موازنة مع علاقته بشخص بالغ يعطيه الإرشادات اللازمة بكيفية التعامل مع الآخرين، لذلك تشكّل الميديا بقوة السلوك الانحرافي لدى هذه الفئة العمرية.