الخميس 21 نوفمبر / November 2024

مادة "عجيبة" تغذي نظرية "المؤامرة" حول لقاحات كورونا.. تعرّف عليها

مادة "عجيبة" تغذي نظرية "المؤامرة" حول لقاحات كورونا.. تعرّف عليها

شارك القصة

مادة الغرافين
يخزن الغرافين الطاقة بسهولة وهذا يجعله مادة مفضلة لبطاريات السيارات (غيتي)
أحدثت مادة الغرافين ثورة في عالم الصناعة لكن رافعي نظرية المؤامرة ضد اللقاحات المخصصة لمكافحة فيروس كورونا استعملوها حجّة للترويج لأفكارهم.

تعد مادة الغرافين فائقة المقاومة والاستقرار والتوصيل، بإحداث ثورة في صناعة الطيران والطاقة والصناعات الطبية. لكن نظرًا لحداثة عهدها وإمكاناتها الهائلة، تشكل هذه المادة النانوية أيضًا موضوع رسائل لا حصر لها من المعلومات المضللة من جانب رافضي اللقاحات حول العالم.

ما هو الغرافين؟

يُشار إليه غالبًا على أنه "مادة عجيبة"؛ فهو من بين أخف المواد المكتشفة حتى الآن. ويتكون من الكربون وتم اكتشافه في العام 1947، ولكن لم ينجح العلماء في عزله سوى في العام 2004 بفضل أبحاث الهولندي أندريه جيم، والبريطاني الروسي كونستانتين نوفوسيلوف اللذين حصلا تقديرًا لإنجازهما على جائزة نوبل الفيزياء في العام 2010.

ويقول الباحث الأرجنتيني مارسيلو ماريسكال المتخصص في تكنولوجيا النانو: إن هذه المادة لها خصائص كيميائية وفيزيائية فريدة مما يجعلها من "أكثر التقنيات الواعدة مستقبلًا".

وتجري حاليًا أبحاث على الغرافين لتصنيع أجهزة استشعار حساسة جدًا، وأجهزة إلكترونية مرنة للسيارات والطائرات، والأقمار الصناعية خصوصًا. فهو يخزن الطاقة بسهولة شديدة وهذا يجعله مادة مفضلة لبطاريات السيارات. ويمكن أن تكون له أيضًا استخدامات في البناء والطب، ولا سيما بوصفه ناقلًا للعلاجات الجينية، والطب الجزيئي واللقاحات.

ما هو الرابط بينه وبين اللقاحات؟

على غرار ما حصل مع تقنيات الاتصالات للجيل الخامس والرقائق الدقيقة، نجد اليوم الغرافين محور الكثير من نظريات المؤامرة مثل تلك التي يُطلق عليها اسم "حصان طروادة".

فوفقًا لهذه النظريات، تسعى حكومات أو شخصيات نافذة إلى "التحكم" في الأشخاص عن بُعد باستخدام مواد يتم حقنها من خلال اللقاحات المضادة لكوفيد، أو تتبع تحركاتهم عن طريق نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

ظهرت هذه الشائعات في ربيع العام 2021 بعدما سحبت كندا من السوق الكمامات الطبية التي تحتوي على الغرافين بسبب مخاطر صحية محتملة. بعد شهر، وبينما كانت حملات التطعيم ضد كوفيد تسير على قدم وساق في أوروبا والولايات المتحدة، وتتقدم في أميركا اللاتينية وأماكن أخرى في العالم، بدأ مستخدمون للشبكات الاجتماعية يتحدثون عن احتواء اللقاح على مركبات "مغناطيسية" جاذبة.

روَّج هؤلاء مقاطع فيديو "لإثبات" أن اللقاحات المضادة للفيروسات تحتوي على مكونات "سرية" وضارة، بما في ذلك الغرافين وذلك على وجه الخصوص بهدف "التحكم في إرادة" الناس من خلال الخصائص المغناطيسية.

وادعى آخرون أن أكسيد الغرافين، المشتق منه، موجود في اللقاحات وهو "يغير المجال الكهرومغناطيسي" للناس ويمكن أن يتسبب بوفاتهم.

ما الذي نعرفه؟

لا يحتوي أي من اللقاحات المضادة للفيروسات المرخصة من منظمة الصحة العالمية، والمتاح تركيبها للاطلاع العام على الغرافين أو أكسيد الغرافين.

وليست للغرافين ولا لأكسيد الغرافين خصائص مغناطيسية طبيعية، إذ يؤكد دييغو بينيا من مركز أبحاث الكيمياء البيولوجية، والمواد الجزيئية في إسبانيا أن الغرافين "مغناطيسي فقط في ظل ظروف معملية محددة جدًا، لكن في ظل الظروف الطبيعية يفقد خصائصه المغناطيسية".

ويوضح مارسيلو ماريسكال أنه تُجرى على الغرافين، وأكسيد الغرافين أبحاث لأغراض الطب الحيوي، لكنها "دراسات نموذجية في مراحل العلوم الأساسية وما زالت بعيدة عن التطبيق".

أما فيما يتعلق بالكمامات المباعة في كندا، فقد استؤنف بيعها أيضًا بعدما أظهرت دراسة أن "جزيئات الغرافين لا تطلقها هذه الأقنعة بكميات كفيلة بأن تسبب آثارًا ضارة على الرئتين".

وقال ماريسكال: "عندما تسلط الصحافة، والسوق الضوء على مادة ما تعد بإحداث ثورة في الصناعة - كما فعلت مواد الصلب أو البوليمر في الماضي - تصير هذه المادة هدفًا" لأصحاب نظرية المؤامرة.

وتؤكد إستر فاسكيز فرنانديز باتشيكو من المعهد الإقليمي للبحوث العلمية التطبيقية في قشتالة، ولامانتشا بإسبانيا أن "البحث الذي يثير الكثير من الأمل لديه مشكلة، فالناس يريدون رؤية تأثيراته بسرعة كبيرة". غير أن "أي تطور تكنولوجي يتطلب سنوات عدة"، كما تضيف "وهذه الفكرة لا يتم للأسف التشديد عليها".

وتشرح أن "المادة معروفة والجميع يعرف أنها حقيقية، ولكن لا يمكن للجميع أن يفهموا كيفية التعامل معها" ، لذلك "من السهل جدًا جعل الناس يصدقون أشياء ليس لها أي أساس علمي".

تابع القراءة
المصادر:
أ ف ب