ما خلفيات الاحتجاجات في تونس؟
تشهد تونس منذ أيام احتجاجات يتخللها أعمال شغب في مدن عدة يقف وراءها سكان مناطق مهمشة معظمهم من الشبان.
ومع حلول الليل في الأيام الأخيرة، عمد شبان وأحيانًا قاصرون وفق وزارة الداخلية وصحافيين في وكالة فرانس برس، الى تحدي عناصر الشرطة عبر رشقهم بالحجارة والزجاجات الحارقة.
والمفارقة أن ليس هناك مطالب واضحة. وتصف السلطات وكذلك بعض السكان هؤلاء بأنهم "مهمشون" وخصوصا أن الاحتجاجات تخللتها أعمال نهب.
وليس ثمة واقعة محددة تسببت بهذه الحوادث لكنها تتزامن مع حلول الذكرى العاشرة للثورة التونسية. كما أن التوترات المتصاعدة أصلًا جراء الازمة الاجتماعية العميقة التي فاقمها وباء كوفيد-19 ازدادت مع نشر عناصر الشرطة لفرض احترام حظر التجول الذي يبدأ في الساعة الرابعة بعد الظهر من الخميس الى الاحد.
وطُبق حظر التجول في الأشهر الأخيرة اعتبارًا من الثامنة مساء، ولكن تم تشديده في الأيام الأربعة الأخيرة للحد من تفشي فيروس كورونا.
ولم يستثن هذا التدبير إحياء الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011.
كذلك يعاني بعض المتظاهرين الشبان مشكلة التسرب المدرسي الذي يطاول مائة ألف شاب كل عام. وبعد إغلاق شامل للمدارس من آذار/مارس حتى الصيف، لا يتلقى الطلاب دروسًا إلا بمعدل يوم واحد كل يومين، الأمر الذي يزيد الوضع سوءًا في الاحياء الاكثر تهميشا.
ووفقاً للمحلل السياسي سليم خراط "من الصعب تضييق الخناق على الشبان علما بأن بعضهم لا يعود عادة إلى منزله سوى للنوم هربًا من التوتر أو الاختلاط". وقال خراط إنه "هناك نية لمواجهة رموز السلطة في الاحياء المهمشة، وخصوصًا مراكز البريد والشرطة".
وفيما اتهم بعض المسؤولين السياسيين "أحزابًا" لم يسموها بتدبير أعمال العنف لزعزعة استقرار البلاد، قال خراط "هناك أطراف داعمون صحيح، ولكن لا أعتقد أن ثمة تنسيقًا مشتركًا. من يستطيع القيام بتعبئة مماثلة؟"، معتبرًا أن "نظريات المؤامرة تريح مطلقيها بدل أن يتصدى هؤلاء للمشكلات في العمق".
ويندد محتجون بالطبقة السياسية الغارقة في معاركها الداخلية من دون إدراك البؤس الذي غرقت فيه العائلات الفقيرة أصلا بسبب الوباء.
ورأى المؤرخ بيار فيرمورين "لعل عدم اندلاع مزيد من الاحتجاجات يشكل معجزة"، ملاحظًا أنه في مواجهة التراجع التاريخي لإجمالي الناتج المحلي (-9 في المئة)، لم تعد الدولة التونسية الغارقة في الديون قادرة على الحد من الازمة.
وأضاف أن "السياحة التي تشغل نحو ربع السكان باتت شبه معدومة ومن دون عائدات تعويض على غرار فرنسا". وخلال أشهر الاغلاق الثلاثة العام الفائت، دفعت الدولة 140 يورو من المساعدات لكل عائلة فقيرة.
وأوضح فيرمورين أن "الطبقة السياسية تعاني الانقسام من جهة وتواجه من جهة أُخرى أزمة اقتصادية غير مسبوقة"، لافتا الى أن عليها اتخاذ "اجراءات بالغة الصعوبة" للحصول على تمويل، مذكرًا بأن صندوق النقد الدولي يدفع نحو خفض الدعم على السلع الاساسية. ويبدو الحل الامني هو الوحيد المتاح حاليًا خشية تصاعد التوترات في وقت تكثفت فيه الدعوات الى التظاهر غداً الثلاثاء. كما تتفاوت مواقف الأحزاب والقوى التونسية من التطورات.
وأسف الاتحاد العام التونسي للشغل إزاء "صمت" السلطات مع دعوته الى وقف الاحتجاجات الليلية. ورغم أنه انتخب العام 2019 بدعم من قاعدة شابة متكئا على شعبية واسعة، فإن الرئيس التونسي قيس سعيد يلتزم الصمت.
أمّا رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يتزعم حركة النهضة الاسلامية، فاكتفى بمنشور مقتضب على موقع فيسبوك قال فيه "حفظ الله تونس".