مبادرات جمع المعارضة في السودان.. أي دور تلعبه قوى الحرية والتغيير؟
تتوالى المبادرات في السودان لتجميع المعارضة السياسية على صوت واحد وإيجاد حلّ للبلاد، التي تعيش على وقع أزمة متفاقمة منذ انقلاب الجيش في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وكان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قد أعلن انسحاب المؤسسة العسكرية من الحوار الوطني، داعيًا القوى السياسية إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية مدنية.
وقال البرهان إنّ الجيش ينسحب من الحوار الذي يجري برعاية من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومجموعة التنمية لشرق ووسط إفريقيا، لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية.
ترحيب.. و"تراجع تكتيكي"
بدورها، اعتبرت قوى الحرية والتغيير أنّ قرار البرهان عدم المشاركة في مفاوضات حلّ الأزمة السياسية في البلاد "مناورة مكشوفة وتراجع تكتيكي".
أما الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب بناء السودان، المؤيدان للعسكر، فقد رحبا بقرارات البرهان.
وعقب ذلك، أصدر البرهان مرسومًا دستوريًا يقضي بإعفاء جميع أعضاء المجلس السيادي من المدنيين، مع الإبقاء على العسكر ثلاثة أعضاء من حركات الكفاح المسلح.
وأوضح بيان من مجلس السيادة أنّ القرار شمل كلًا من رجاء نيكولا عبدالمسيح ويوسف جاد كريم وسلمى عبدالجبار وعبدالباقي عبدالقادر، إضافة إلى أبو القاسم برطم.
وبهذا يصبح المجلس مشكلًا من العسكريين، وعلى رأسهم البرهان ونائبه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو وأعضاء حركات التمرد المسلحة، الذين وقعوا على اتفاق السلام مع الحكومة في جوبا.
"غير راغب في أي حل سياسي"
وخلف الأزمة الخانقة في السودان تولي الجيش للسلطة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والإطاحة بالشراكة مع حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك المدنية وإعلان حالة الطوارئ.
من ناحيتها، تستمر الاحتجاجات المناهضة للحكم العسكري والتحضير لمليونية 17 يوليو، المتجهة للقصر الرئاسي.
ويطالب المتظاهرون والمعتصمون بتنحي العسكر عن السلطة، وتسليمها للمدنيين وتحقيق العدالة ومحاسبة المتورطين في قتل المحتجين.
غير أن محللين سياسيين يرون أن المكون العسكري غير راغب في أي حل سياسي يفضي إلى إبعاده عن المشهد عاجلًا أم آجلًا، رغم تأكيد قادته مرارًا بعدم رغبتهم في الاستمرار في السلطة وترك المشهد السياسي والعودة إلى الثكنات حال توافقت القوى السياسية على حل سياسي وحكومة انتقالية. يضاف إلى هذا الصراعات الداخلية وسط المكون العسكري.
وتعد أبرز القوى الفاعلة في السودان قوى الحرية والتغيير المعارضة والمجلس السيادي السوداني. ويمثل الأول القوى المدنية والثاني قوى الجيش، وبين هاتين القوتين تتوزع أحزاب سياسية عدة بين مؤيدة ومعارضة؛ مثل الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين من جهة، وجماعة التوافق الوطني والحزب الاتحادي الديمقراطي من جهة أخرى.
"توحيد قوى الحراك السلمي"
تعليقًا على المشهد، يؤكد عادل خلف الله، القيادي في قوى الحرية والتغيير، إن هذه القوى تُعد من أول الداعين والعاملين من أجل توحيد قوى الحراك السلمي في أوسع جبهة، باعتبار أن متطلبات مقاومة الانقلاب وما بعد سقوطه تتطلب حشد أوسع قوى شعبية وسياسية واجتماعية.
ويلفت إلى أن قوى الحرية والتغيير كانت قد دعت إلى ذلك وجلست مع كل أصحاب المبادرات وقدمت تصورها في إمكانية حشد كل هذه المبادرات المتمسكة بمقاومة الانقلاب وإسقاطه في أوسع جبهة للديمقراطية والتغيير؛ تنظم وتنسق وتوحد بين قيادات ومراكز مختلف المكونات في إطار هذه الجبهة.
ويرى أن استمرار الانقلاب حتى الآن رغم دمويته وفاشيته وعجزه عن تقديم أي حلول، لا بل مفاقمته لأوضاع البلاد، هو نتيجة لغياب هذا الشرط الموضوعي وهو وحدة قوى الحراك السلمي.
ويتوقف عند ما يصفه بالمبادرات التي لا تعبّر عن تطلعات الشعب السوداني، والتي تلخص بإسقاط الانقلاب وإنهاء كل ما ترتب عليه، لافتًا إلى أن هذا النوع من المبادرات لم تتحمس له قوى الحرية والتغيير.
ويلفت إلى أنه في ما عدا تلك المبادرات، فإن هذه القوى منفتحة وهي في حوار وتواصل مع العديد من المكونات.