تظاهر عشرات آلاف البورميين الأربعاء في شوارع رانغون، مؤكدين بأنهم سيكافحون "حتى النهاية" ضد الانقلاب الذي قام به الجيش رغم القمع الذي تمارسه قوات الأمن. وتجمع المحتجون وسط العاصمة الاقتصادية للبلاد تلبية لدعوة إلى تظاهرة حاشدة لحث المجلس العسكري على إعادة السلطة والمطالبة بالإفراج عن أونغ سان سو تشي. وفي محاولة لمنع قوات الأمن من الانتشار، قطع المتظاهرون محاور طرق عدة بالسيارات، مدعين أنها تعطلت. هذا في حين توجه آخرون، سيراً على الأقدام أو على متن درجات، حاملين لافتات كُتب عليها "المعركة من أجل الديمقراطية" و"ارفضوا الانقلاب" و"احترموا القانون!". وقال شاب يبلغ من العمر 21 عاما لفرانس برس "يجب أن نكافح حتى النهاية".
وقال نيلار ثين: "في هذا المكان ركضنا لننقذ أرواحنا خلال حملة القمع عام 1988" وأضاف من كان طالبا حينها: "لا يمكننا السماح بأن يواجه الشباب نفس الفظائع" إذ فقد نحو 3 آلاف شخص حياتهم خلال تلك الانتفاضة الشعبية. ولم يُسجل أي حادث يذكر ولم يُلحظ انتشار للجنود.
وفي العاصمة الإدارية نايبيداو، حيث تخضع الزعيمة المدنية السابقة أونغ سان سو تشي للإقامة الجبرية في منزلها، سار موظفون ومهندسون وطلاب بأعداد كبيرة وهم يهتفون "ساعدونا على إنقاذ بورما". وخرجت تظاهرات أخرى في مناطق متفرقة من البلاد.
ومن حظر التجمعات وقطع الإنترنت إلى حالات الاعتقالات ليلا وتعزيز الترسانة التشريعية، واصل العسكريون تصعيد تحركاتهم منذ انقلابهم في الأول من فبراير/ شباط الذي أنهى انتقالا ديموقراطيا هشا دام عشر سنوات. والخوف من الأعمال الانتقامية ماثل في أذهان الجميع في الدولة التي خضعت للجيش لنحو 50 عاما منذ استقلالها في عام 1948. وأدت مظاهرات عدة إلى توتر شديد. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، ما أدى إلى جرح عديدين. ومن بين هؤلاء امرأة تبلغ من العمر 20 عاما أصيبت بالرصاص الحي على الأرجح في الرأس الأسبوع الماضي، وأعلن موتها دماغيا.
واعتقل أكثر من 450 شخصا منذ الأول من فبراير، حسب منظمة غير حكومية تساعد السجناء السياسيين. وما زال 417 منهم معتقلين بينما تشير تقارير غير مؤكدة إلى اعتقالات إضافية.
وقطعت الاتصالات عبر الإنترنت بالكامل تقريبا ليل الثلاثاء الأربعاء قبل أن تعود في الصباح. وعزز العسكريون الترسانة القمعية إذ سمحوا بعمليات التفتيش من دون أمر قضائي والاحتجاز لفترة قصيرة من دون مذكرة من قاض. وهناك قانون مشدد يحد من الحريات حول الأمن الإلكتروني يجري إعداده.
ويتجاهل الجنرالات الإدانات الدولية المتعددة والعقوبات التي أعلنتها واشنطن. ولديهم حاليا بلدان كبيران يتوليان دعمهم في الأمم المتحدة هما الصين وروسيا اللتان تعتبران الأزمة الحالية في بورما "مسألة داخلية".
وكان زعيم الانقلاب مين أونغ هلاينغ برر انقلابه متحدثا عن تزوير في الانتخابات التشريعية التي جرت في نوفمبر/ تشرين الثاني وفاز فيها حزب سو تشي "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية". ومين أونغ هلاينغ منبوذ دوليا بسبب الانتهاكات التي ارتكبت ضد مسلمي الروهينغيا في العام 2017.