السبت 16 نوفمبر / November 2024

"وحشية الشرطة كانت مروعة".. ناج جزائري يروي تجربته خلال أحداث مجزرة 1961

"وحشية الشرطة كانت مروعة".. ناج جزائري يروي تجربته خلال أحداث مجزرة 1961

شارك القصة

رابح ساحيلي يستعيد ذكرياته الأليمة بعد مجزرة 1961 في باريس (غيتي)
رابح ساحيلي يستعيد ذكرياته الأليمة بعد مجزرة 1961 في باريس (غيتي)
يروي الجزائري رابح ساحيلي شهادته عن أحداث مظاهرة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961، وكيف تعاملت الشرطة الفرنسية مع المتظاهرين وتنفيذها اعتقالات بناء على السمات الشخصية.

يقدم المواطن الجزائري رابح ساحيلي شهادته عن أحداث مجزرة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1961 في باريس، ويروي بحزن شديد ذكرياته عن ذلك اليوم الذي قتل فيه عدد كبير من الجزائريين بسبب قمع الشرطة الفرنسية.

وقبل ستين عامًا كان أكثر من 30 ألف جزائري يتظاهرون بشكل سلمي تلبية لدعوة فرع جبهة التحرير الوطني في فرنسا، بهدف التنديد بحظر التجول المفروض على الجزائريين حصرًا من قبل قائد شرطة باريس موريس بابون.

مظاهرة سلمية

واعتقل ساحيلي، الذي كان قد وصل إلى باريس قبل أربع سنوات من أومون شمالي البلاد، حيث استقر والداه في 1950 عندما وصلا من الجزائر، عند مدخل محطة المترو في ساحة النجمة بباريس. وكان يبلغ حينها من العمر 19 عامًا.

ويروي: "كان علينا أن نجتمع في ساحة النجمة لبدء تظاهرتنا السلمية بأمر واحد: لا ينبغي أن يحمل المناضلون أي أداة حادة".

وتم اختيار هذه الساحة الكبيرة من قبل جبهة التحرير الوطني باعتبارها نقطة تجمع للمهاجرين القادمين من الضواحي حيث تقطن الطبقة العاملة في غرب باريس مثل جونفيليي وأسنيير وناتير. كما خطط لتظاهرات في أماكن أخرى في العاصمة الفرنسية.

"اعتقالات حسب الوجوه"

وقال ساحيلي في شهادته: "كنت مع أحد أقاربي عندما هاجمنا شرطيون. حاول حمايتي باعتباره أقوى مني، لكنه تلقى سيلًا من الضربات بأعقاب المسدسات والهراوات، ما تسبب في كسر ساقه".

وأضاف: "تم اعتقال جميع الجزائريين الخارجين من محطة المترو. كانت اعتقالات بناء على السمات"، موضحًا أن "إيطاليين وإسبان وأميركيين جنوبيين" اعتقلوا.

وأشار إلى أن التعليمات أعطيت لرجال الدرك والشرطة بمهاجمة "الفرنسيين المسلمين"، وهي التسمية التي كانت تطلقها السلطات على الجزائريين.

تعامل وحشي

وحسب ساحيلي فقد تم نقلهم جميعًا "تحت ضربات الهراوات" إلى موقف للسيارات بالقرب من ساحة النجمة، حيث وصف تعامل الشرطة الفرنسية بالوحشي. وقال: "ما كان يجب أن نسقط تحت وابل ضربات أعقاب المسدسات على الرؤوس. كانت الضربات وحشية، لا أكثر ولا أقل".

وتابع: "كان موقف السيارات مزدحمًا. في منتصف الليل تم نقلنا بالحافلة إلى قصر الرياضة، حيث مكثنا لمدة ثلاثة أيام تحت مراقبة الشرطة".

وأكد أنه خلال أيام الرعب هذه، لم يتلق الموقوفون "التسعة آلاف" في قصر الرياضة سوى "وجبة طعام خفيفة وقارورة ماء"، قبل أن تنقلهم الشرطة إلى "مركز الفرز في فانسان"، بحسب ساحيلي.

برد قارس

وقال رابح ساحيلي في شهادته: "كان هذا المعسكر خاليًا من جميع وسائل الراحة: لا أسرّة ولا مراحيض. نمنا على الأرض في البرد القارس"، مضيفًا: "مكثت هناك لمدة أسبوعين قبل أن يُسمح لي بالعودة إلى المنزل".

وتابع: "خلال الاعتقالات، رأيت نحو عشرين شخصًا ينزفون دمًا على الأرض بالقرب من ساحة النجمة. كان عدد رجال الشرطة كبيرًا جدًا ويتصرفون مثل الوحوش الشرسة".

ذكريات أليمة مازالت تلاحق الجزائريين (غيتي)
ذكريات أليمة مازالت تلاحق الجزائريين (غيتي)

النهر ابتلع الجثث

وقال هذا العضو السابق في شبكات جبهة التحرير الوطني المسؤولة عن جمع التبرعات من المهاجرين، إن "الشرطة ألقت جزائريين، بعضهم أحياء، في نهر السين لكننا لن نعرف العدد الدقيق للجثث التي ابتلعها هذا النهر".

وأشار إلى أنه حتى قبل 17 أكتوبر/ تشرين الأول، قضى عدد كبير من المناضلين الجزائريين "في مياه نهر السين" خلال حملات للشرطة.

عودة إلى الجزائر

ويذكر الرجل أنه شارك "في إنقاذ ناشط شاب في اللحظة الأخيرة بعدما ألقت به الشرطة في نهر السين بالقرب من محطة توليد الكهرباء في ميناء جونفيليي".

وأضاف أنّ الشاب اعتبر ميتًا لأنه "كان قد تعرض لإصابات عديدة عندما تمكنا من إخراجه"، لكنه نجا لأنه كان شابًا وقويًا.

وبعد الاستقلال في 1962، بقي رابح ساحيلي في فرنسا لمدة عامين قبل أن يعود إلى بلاده، حيث عمل مع شركة الخطوط الجوية الجزائرية.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات
Close