غطى الغبار لعامين غرف فندق أرارات الـ228 في بيت لحم، وها هي تنظّف بعناية استعدادًا لفتح أبوابها من جديد قبل عيد الميلاد في 25 ديسمبر/ كانون الأول، لكن شبح فيروس كورونا يهيمن أيضًا هذا العام على أفق عودة الاحتفالات الاعتيادية إلى المدينة.
ولا يتكبّد أصحاب الفندق هذا العام كما الفنادق الأخرى في المدينة الفلسطينية الواقعة في الضفة الغربية المحتلة حتى عناء فتح منشآتهم.
وأمل سكان بيت لحم بطي صفحة فيروس كورونا الكئيبة، بعد تعطّل الاحتفالات بعيد الميلاد العام الماضي، في ظلّ تفشي جائحة كوفيد-19.
واعتبارًا من الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني، بدأ السياح بالعودة إلى بيت لحم، بعدما أعادت دولة الاحتلال التي تحتل الضفة الغربية منذ عام 1967 وتسيطر على جميع المنافذ المؤدية إلى الأراضي الفلسطينية، فتح أبوابها أمام الزوار ممن تلقوا اللقاح.
لكن بعد أقل من عام على ذلك، وفيما بدأت المتاجر تستعد لتجديد مخزوناتها والفنادق تعيد تزيين قاعاتها، أعادت البلاد الإغلاق من جديد بعد تأكيد رصد إصابات بالمتحورة أوميكرون.
حجوزات ألغيت
وبحسب مدير الفندق أوغستان شمالي، "كان يفترض أن يكون الفندق ممتلئًا بنسبة 70% في الميلاد، لكن كل الحجوزات من الخارج قد ألغيت".
وقبل الجائحة، كان نحو 3 ملايين شخص يزورون بيت لحم كل عام. لكنّ المدينة تضرّرت كثيرًا، حيث ارتفعت نسبة البطالة من 23 إلى 35% في عامين فقط، أكثر من غيرها في الضفة الغربية لأنها تعتمد حصرًا على السياحة، كما توضح كارمن غطاس مديرة العلاقات العامة في بلدية المدينة.
وتأسف غطاس من مكتبها المطل على ساحة المهد التي زيّنت بشجرة زينة عملاقة، لعدم وجود أي سيطرة على إدخال السياح إلى المدينة التي تلقى معظم سكانها اللقاح.
وتشير إلى أنه في أماكن أخرى في العالم، فتحت الأبواب أمام السياح الذين تلقوا اللقاح إذا ما التزموا بالقواعد الصحية. وتقول: "هنا، لم ينل السياح حتى هذه الفرصة، لقد منعوا تمامًا من الدخول وهذا يضرّ باقتصادنا".
وقدّمت الحكومة الفلسطينية، لإدراكها للصعوبات، التعويضات بقيمة 700 شيكل (أقل من 200 يورو)، للتجار الذين طلبوا ذلك، ما تعتبره غطاس بأنّه ليس سوى قطرة بالمحيط.
20 يورو خلال عامين
على بعد أمتار من مقرّ البلدية، يدخّن أفرام شاهين سجائره أمام مدخل متجره الذي يعجّ بقطع السيراميك الملونة، وخلال العامين الماضيين، باع فقط ما يساوي نحو 20 يورو.
ويروي: "قبل الجائحة، كانت العشرين يورو مجرّد مصروف يومي بالنسبة إليَّ، قيمة السجائر التي أدخنها"، مضيفًا: "لم تنجُ سوى المخابز والصيدليات ومحال البقالة ".
وتبيع جارته نادية حزبون أيقونات ومذاود مصنّعة بخشب الزيتون، وتقول إن الجائحة "دمّرت" عملها.
وتخبر هذه المرأة الفلسطينية: "أصبحنا تحت الصفر"، فيما تستذكر أيام كانت تنبض فيها هذه المدينة بالحياة وما كان يغلق خلالها متجرها إلا في وقت متأخر من الليل.
يأمل من جهته أوغستان شمالي في أن تعود البهجة إلى فندقه بحلول مناسبة الفصح.