محكمة ألمانية تصدر حكم إدانة في أول محاكمة بشأن التعذيب في سوريا
حكمت محكمة ألمانية على إياد الغريب، العنصر السابق في استخبارات النظام السوري، بالسجن خمس سنوات ونصف السنة في قضية جرائم ضد الإنسانية.
وهذه هي المرة الأولى التي تُصدر فيها محكمة حول العالم حكمًا في قضية مرتبطة "بالقمع الوحشي والدامي" الذي مارسه النظام السوري ضدّ الاحتجاجات الشعبية التي عمّت البلاد، التي جرت في إطار "الربيع العربي".
والغريب (44 عامًا)، متهم باعتقال وسجن ما لا يقلّ عن ثلاثين متظاهرًا في "الفرع 251"، وهو معتقل سري تابع للنظام السوري في دوما، كبرى مدن الغوطة الشرقية بالقرب من دمشق، في الفترة الممتدة بين سبتمبر/ أيلول وأكتوبر/ تشرين الأول 2011.
وتُطبق ألمانيا مبدأ الولاية القضائية العالمية الذي يسمح بمحاكمة مرتكبي أخطر الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم ومكان حدوث الجرائم.
دعاوى
وتتزايد الدعاوى المرفوعة أمام المحاكم الوطنية في ألمانيا والسويد وفرنسا بمبادرة من اللاجئين السوريين في أوروبا. وهي حاليًا الإمكانية الوحيدة للحكم على الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السوري، مع شلل القضاء الدولي.
وطلبت النيابة عقوبة السجن لمدة خمس سنوات ونصف السنة ضد الغريب، الذي كان مسؤولًا في أدنى المستويات في جهاز الاستخبارات، قبل أن ينشقّ في 2012 ويهرب من سوريا في فبراير/ شباط 2013. ووصل الغريب في 25 أبريل/ نيسان 2018 إلى ألمانيا بعد رحلة طويلة من تركيا واليونان.
وعندما روى الغريب رحلته الشاقة للسلطات المسؤولة عن البتّ في طلب اللجوء الذي قدمه، أثار اهتمام القضاء الألماني؛ ما أدى إلى اعتقاله في فبراير/ شباط 2019. ويؤكد الادعاء أنه كان جزءًا من نظام يُمارس فيه التعذيب على نطاق واسع.
وخلال جلسات الاستماع التي استمرت عشرة أشهر، لزم الغريب الصمت، وأخفى وجهه عن الكاميرات. ومع ذلك، كتب رسالة أعرب فيها عن حزنه على الضحايا.
وكان يبكي وهو يستمع إلى محامييه وهم يطالبون ببراءته، بحجة أنه كان سيُعرّض حياته وحياة أسرته للخطر، إذا لم ينفذ أوامر في نظام يسحق كل من يعارضه.
ملف قيصر
وكان المتهم تحت إمرة ابن خال بشار الأسد والمقرب منه، حافظ مخلوف المعروف ببطشه. ومع ذلك، استنكر أحد محامي الادعاء المدني باتريك كروكر صمته.
وقال: إن أشخاصًا "من رتبته يمكن أن يكونوا مهمين جدًا لتزويدنا بمعلومات (عن المسؤولين السوريين) الذين نستهدفهم بالفعل، لكنه اختار عدم القيام بذلك".
وأدلى أكثر من عشرة سوريين بإفاداتهم حول الانتهاكات المروّعة التي تعرّضوا لها في سجن الخطيب.
وللمرة الأولى، عُرضت صور من "ملف قيصر" على المحكمة، وقام هذا المصور السابق في الشرطة العسكرية بتسريب خمسين ألف صورة مجازفًا بحياته، يظهر فيها 6786 معتقلًا سوريًا قُتلوا بوحشية، أو يتضوّرون جوعًا، أو يعانون من آثار تعذيب.
وتُشكّل الصور، التي تم تحليلها في المحكمة من قبل المتخصص في الطب الشرعي البروفسور ماركوس روتشيلد، أدلة مادية دامغة على "وحشية" تعامل النظام السوري مع المعارضين.