Skip to main content

مخاوف إسرائيلية متزايدة.. هل تشهد الضفة انتفاضة جديدة في رمضان؟

الجمعة 16 فبراير 2024
تشهد الضفة الغربية حالة تنام في العمل المقاوم من مدينة إلى أخرى - غيتي

من جديد، نجحت المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية بضرب الاحتلال في العمق بعدما وصلت إلى كريات مـلاخي، وقتلت وجرحت عددًا من المستوطنين رغم ذروة التأهب الإسرائيلي غير المسبوق.

وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن العملية تثبت فشل المنظومة الأمنية في التعامل مع حالة رد الفعل الفلسطيني على ما يحدث في غزة، خاصة وأنها تأتي في أعقاب عدد من العمليات، أبرزها عمليتا القدس والنفق، وتثبت أيضًا إصرار الفلسطينيين على ضرب الاحتلال، رغم إغلاق محافظات الضفة، ونشر كثير من الحواجز الأمنية المعقدة وتقييد حركة الفلسطينيين.

الرد الفلسطيني في مناطق الضفة والقدس يتواصل، فمنذ أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول، عمدت حكومة الاحتلال إلى القضاء على أي إمكانية للتصعيد، فلجأت إلى خيار تفكيك واستهداف مجموعات المقاومة من خلال القتل والتنكيل والاعتقال، علاوة على ضرب الحاضنة الشعبية بالاقتحامات المتكررة.

إلا أن كل ما سبق لم يحقق الأمن للاحتلال، فالضفة الغربية تشهد حالة تنامٍ في العمل المقاوم من مدينة إلى أخرى تحديدًا في شمال الضفة، كما أن المقاومة بدأت منذ وقت مبكر في ابتكار طرق أكثر تعقيدًا لمواجهة الاحتلال، خاصة العبوات المتفجرة، وخطط تزويد الجبهات والمراقبة.

وبالتزامن مع عملية كريات ملاخي وما سبقها، يبدو أن السلوك الإسرائيلي تجاه الضفة يسير نحو مقاربة أمنية يعتبرها تهديدًا حقيقيًا متصاعدًا تخفي خلفها مراحل من التطور في البنية التحتية للعمل المقاوم، وتشكل خطرًا على المشروع الاستيطاني.

ويكرر قادة ورؤساء الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على مسامع بنيامين نتنياهو وحكومته أن الضفة على وشك الانفجار بحسب وصف الإعلام الإسرائيلي، خاصة مع حلول شهر رمضان، وتحول ما يحصل فيها إلى انتفاضة ثالثة وشاملة، وتحديدًا إذا ما استمرت الحرب على غزة ونفذ الاحتلال تهديداته باجتياح رفح.

تأتي عملية إطلاق النار في كريات ملاخي بينما تستمر إسرائيل في عدوانها على غزة منذ 7 أكتوبر الماضي - الأناضول

"الحلول الأمنية والعسكرية"

وفي هذا الإطار، يوضح الباحث في مركز "مدى الكرمل" إمطانس شحادة، أن إسرائيل تعتقد أن الحلول الأمنية تحول دون وقوع أي عملية أو تطور للنضال الفلسطيني في المناطق المحتلة في الضفة الغربية أو القدس.

وفي حديث إلى "العربي" من مدينة حيفا، يرى إمطانس أن إسرائيل دائمًا ما تبحث عن الحلول الأمنية أو العسكرية، وتتجاهل الأسباب السياسية، لافتًا إلى أن عملية كريات ملاخي تشير إلى أنه لا يمكن تجاهل الحلول والأسباب والدوافع السياسية، بمعنى إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، وإنهاء عذاب الشعب الفلسطيني.

ويرى أن إسرائيل مقتنعة إلى حد الآن بأن الحلول الأمنية يمكن أن تكون المنفذ الوحيد كما كافة الحكومات الإسرائيلية، لكن ما يميز هذه الحكومة هو وجود اليمين المتطرف الاستيطاني الديني.

إمطانس الذي يشير إلى أن إصرار إسرائيل على المقاربة الأمنية بدأ منذ اليوم الأول للحرب على غزة من خلال الاعتقال والاجتياح والقتل في الضفة الغربية، يضيف أن إسرائيل تدعي أنها تقوم بحملات استباقية لمنع تطور الحالة النضالية في الضفة الغربية.

إسرائيل تدفع الضفة إلى الانفجار

ويردف إمطانس أن إسرائيل تحذر كل يوم من إمكانية انفجار الضفة الغربية، ولكنها تقوم بكافة العمليات التي تدفع الضفة إلى الانفجار.

ويرى أن إسرائيل لديها أهداف وسياسات مبطنة تريد من خلالها علميًا الانتقام من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن وجوده، وتنفذ هذه السياسات على أرض الواقع بشكل يومي.

وبشأن دور وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في تأزيم الأوضاع في الضفة، يعرب إمطانس عن اعتقاده أن حزب الليكود ليس لديه سيطرة على المستوطنين خاصة المتطرفين منهم الأقرب إلى الصهيونية الدينية وحزب بن غفير إلى الليكود، مشيرًا إلى أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش وبن غفير لديهما تصور يفيد بأن تفجير الأوضاع والوصول إلى فوضى يمكن أن يقرب إسرائيل من تحقيق أهدافها بالسيطرة الكاملة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1976، وضم مناطق "ج"، وتهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.

ويردف أن السلطة الفلسطينية غير مدركة لخطورة هذه السياسات والتخطيط الذي يعد للضفة الغربية في حال نجحت إسرائيل، مشيرًا إلى أن نجاح الاحتلال في غزة بإمكانه أن يعجل العمليات بالضفة.

ويقول إمطانس: إن "اليمين المتطرف الاستيطاني سيحاول إشعال الضفة الغربية خلال شهر رمضان، بغية تنفيذ سياسات لا يمكن تنفيذها أو تحقيقها في أوقات أخرى".

المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية

من جانبه، يرى الباحث في مركز "مدار للدراسات" عبد القادر بدوي، أن المقاومة في مخيمات شمال الضفة الغربية استطاعت على مدار الأربعة أشهر الماضية، أن تقدم نموذجًا جديدًا من المواجهة، لكن هذا النموذج مقتصر على الاقتحامات التي تنفذها إسرائيل داخل هذه المناطق.

وفي حديث إلى "العربي" من رام الله، يعرب بدوي عن اعتقاده أن الوجهة القادمة خاصة خلال شهر رمضان، قد تتمثل في تجدد الانتفاضة الفلسطينية المستمر منذ عام 2014، موضحًا أنها قد تكون انتفاضة فردية أو عمليات فردية في ظل عدة عوامل تحد من إمكانية اندلاع مواجهة واسعة ومفتوحة.

وفي هذا الإطار، يوضح بدوي، أن ذلك يعود إلى تراجع دور البنى التنظيمية للتنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية، ما انعكس على طبيعة الحركات في الشارع الفلسطيني، بالإضافة إلى غياب الأطر الجماهيرية البديلة التي قد تحل مكان الفراغ الذي أحدثه غياب التنظيمات الفلسطينية، بالإضافة إلى غياب إرادة المواجهة للسلطة الفلسطينية على كافة المستويات.

ويشير إلى أن التقديرات الإسرائيلية لا تأتي من فراغ حول ما سيحدث في شهر رمضان، فهي في كل الأعوام السابقة تدفع باتجاه أن يشكل شهر رمضان انفجارًا واحتمالا لاندلاع مواجهة.

ويعرب بدوي عن اعتقاده أيضًا أن إسرائيل تحاول من خلال هذا الأمر إحباط أي مبادرة فلسطينية من أجل الانتفاض أو تفجير أوضاع الضفة، من خلال تلقي الفلسطينيين مثل هذه التقديرات، وكأن هناك جهة ما ستقوم بمثل هذه الانتفاضة ما يحبط مساعي المبادرة.

ويوضح أن إسرائيل تحاول أن تبني مقاربة جديدة في الضفة الغربية تمامًا كما تحاول أن تبنيها مع قطاع غزة، من خلال الانتقال إلى وضع سياسي في الضفة، يمكن أن يطلق عليه ما بعد "أوسلو" بالمعنى السياسي وليس الزمني، وتحاول أن تتجاوز هذه الاتفاقية التي ما زالت السلطة الفلسطينية من ناحيتها تتمسك بها، من خلال استباحة المناطق "أ" من دون أي تنسيق مع السلطة، بالإضافة إلى قرصنة الأموال الفلسطينية، ما يلقي بظلاله على قدرة السلطة على الإيفاء بالتزاماتها.

"إشعال الأوضاع في الضفة"

بدوره، يرى الباحث السياسي جهاد حرب أن لا بن غفير أو غيره يرغب في إشعال الأوضاع، مشيرًا إلى أن بن غفير لديه سياسة عملية تهجير الفلسطينيين في الضفة، وهو الهدف "الأسمى" الذي يسعى إليه، من خلال المزيد من الاستيطان والتضييق على الفلسطينيين.

ويضيف حرب في حديث إلى "العربي" من رام الله أن بن غفير هو آلة دعائية لما تطرحه الحكومة الإسرائيلية الحالية، مشيرًا إلى أن ما يريده نتنياهو هو الخيار المثالي بالنسبة له بأن لا يكون هناك فلسطينيون في الضفة وفي قطاع غزة، أي أن إسرائيل ستكون من البحر إلى النهر.

ويردف أن نتنياهو يرى اليوم أن اليمين المتطرف إلى جانبه ويسانده ويساعده، وبالتالي لديه القدرة على الاستمرار في حكومته، بغض النظر عن وجود الوزير في المجلس الحربي الإسرائيلي بيني غانتس أو غيره، لكنه أشار إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية يخشى بعد أن تنتهي الحرب على غزة، من تشكيل لجنة وطنية عامة تنظر في أسباب القصور وتحمله مسؤولية الأخطاء والأخطار التي أحدقت بإسرائيل.

ويلفت حرب إلى أن تصرفات بن غفير والمستوطنين وسياسات الحكومة الإسرائيلية تدفع بشكل متسارع للانفجار، مشيرًا إلى أن الخشية في شهر رمضان الذي تكثر فيه الزيارات للقدس والاحتكاك المباشر مع الاحتلال التي تدفع سياساته بذلك.

ويخلص إلى أن ما جرى في 7 أكتوبر، نقط تحول مركزي في المقاومة الفلسطينية بشكل عام، وتطور غير مسبوق على المستوى الدولي خاصة السياسي، وقد تكون هي اللحظة التاريخية الفارقة من أجل الوصول إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، من خلال عملية سياسية تراكمية ما بعد الحرب، مشيرًا إلى أنه قد يشكل نموذجًا لدى بعض الفلسطينيين في الضفة، ودافعًا كبيرًا للمواجهة المسلحة والشعبية ضد الاحتلال في الضفة.

المصادر:
العربي
شارك القصة