الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

مخاوف من عواقب "كارثية".. انقسام بين بايدن ومكارثي حول سقف الدين

مخاوف من عواقب "كارثية".. انقسام بين بايدن ومكارثي حول سقف الدين

شارك القصة

نافذة إخبارية لـ"العربي" تسلط الضوء على تداعيات تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها (الصورة: رويترز)
اتفق بايدن وكبار المشرعين على إجراء المزيد من المحادثات التي تهدف لكسر الجمود بشأن رفع سقف الدين الأميركي، قبل 3 أسابيع فقط من احتمالية تخلف البلاد عن السداد.

أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن التخلف عن سداد الدين العام للولايات المتحدة "ليس خيارًا" واردًا، وذلك بعد انتهاء اجتماع عقده مع المعارضة الجمهورية، من دون التوصل إلى أي حل للخلاف الدائر بشأن رفع سقف الدين العام، لكن الفرقاء اتفقوا على عقد لقاء جديد بعد ثلاثة أيام.

واتفق بايدن وكبار المشرعين أمس الثلاثاء على إجراء المزيد من المحادثات التي تهدف لكسر الجمود بشأن رفع سقف الدين الأميركي البالغ 31.4 تريليون دولار، قبل ثلاثة أسابيع فقط من احتمالية تخلف البلاد عن السداد على نحو غير مسبوق.

والتقى رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري كيفن ماكارثي وزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، بايدن في البيت الأبيض، في فصل جديد من صراع على السلطة يهدد أكبر قوة اقتصادية بالعالم بعواقب كارثية.

وشارك في الاجتماع زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر.

"محادثات مثمرة"

ووصف بايدن المحادثات بأنها "مثمرة"، وبدا أنه قدم للجمهوريين بعض التنازلات الممكنة بما في ذلك إلقاء "نظرة فاحصة" لأول مرة على استعادة الأموال التي خصصت للإغاثة خلال جائحة كورونا، ولم تُنفق وذلك لتقليل الإنفاق الحكومي، حسب وكالة "رويترز".

لكنه أكد أنه يجب على الجمهوريين أن ينحوا أزمة التخلف عن السداد جانبًا، ولم يستبعد في نهاية المطاف العودة إلى التعديل الرابع عشر للدستور الأميركي وهو نهج لم يخضع للتجربة، ومن شأنه أن يسعى للإعلان عن أن حد الدين غير دستوري. وقال إن الأمر سيتطلب إجراءات للتقاضي، لكنه خيار قد يدرسه في المستقبل.

وتابع بايدن أن "هناك الكثير من السياسة والمواقف، سيستمر ذلك لبعض الوقت". وأضاف "تفهم جميع الحاضرين في الاجتماع خطر التخلف عن السداد".

"عدم إحراز تقدم"

وأكد مكارثي على عدم إحراز تقدم بعد الاجتماع. وقال للصحافيين: "لم أر أي تحرك جديد"، مضيفًا أن بايدن لم يوافق على المحادثات إلى أن أوشك الوقت على النفاد. وقال "هذه ليست طريقة للحكم".

لكنه قال إن بايدن أشار إلى انفتاحه على مناقشة إصلاحات لعملية السماح بمشروعات الطاقة الجديدة كجزء من المحادثات.

رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري كيفن ماكارثي
رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري كيفن ماكارثي - غيتي

ورفع "سقف الدين" مناورة تشريعية تسمح لأكبر اقتصاد في العالم بمواصلة دفع فواتيره ومستحقاته لدائنيه والأجور لموظفيه.

وحُدد سقف الدين حتى الآن عند 31 تريليون دولار، وهو ما يعد رقمًا قياسيًا لكل الديون السيادية في العالم بالقيمة المطلقة.

ويشترط الجمهوريون الاتفاق على رفع سقف الدين مقابل تخفيضات في الميزانية.

وبعد اللقاء قال جيفريز إن جمهوريين "متطرفين" أشاروا إلى أنهم مستعدون للدفع بنا نحو "التخلف عن السداد".

ووصف الأمر بأنه "تهور وعدم مسؤولية وتطرف".

وواجهت الولايات المتحدة عام 2011 وضعًا مماثلًا أدى إلى خفض تصنيفها الائتماني.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين الإثنين "واضح أن الفجوة شاسعة بين موقف الرئيس وموقف الجمهوريين". وأفاد مصدر قريب من الملف وكالة فرانس برس بأنها عقدت لقاء مع مديري شركات أميركيين.

الوقت بدأ ينفد

وأكد ماكونيل للصحافة إثر اللقاء أن "الولايات المتحدة لن تتخلف عن سداد ديونها"، لكنه شدد على أن "الوقت ينفد".

من جهتها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار: إن "الواجب الدستوري يملي على المشرعين الجمهوريين التحرك لرفع سقف الدين.

ودعت الجمهوريين إلى رفع سقف الدين "بلا قيد أو شرط".

لكن ماكارثي أكد الثلاثاء أن النواب الجمهوريين يضطلعون بمسؤولياتهم عبر وضع خطة لرفع سقف الدين العام تنص على اقتطاعات في الميزانية، متّهما بايدن بأخذ البلاد "رهينة".

وقال حوالي أربعين عضوًا جمهوريًا في مجلس الشيوخ في نهاية الأسبوع: "لن نصوت لصالح نص يرفع سقف الدين من دون إصلاحات جوهرية في الميزانية والإنفاق الحكومي".

وهذا المأزق السياسي ليس الأول، إذ إن شكوكًا حول إمكان رفع سقف الدين كانت قد سادت في عهد الرئيس باراك أوباما. ويثير الوضع الحالي تقلّبات كثيرة في الأسواق.

صباح الثلاثاء افتتحت بورصة وول ستريت على تراجع، وأشار مركز الأبحاث الاقتصادية "أوكسفورد إيكونوميكس" في مذكرة إلى أن المستثمرين "يتجنبون الديون الأميركية التي تستحق في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وأغسطس/ آب".

وتجري عمليات "مبادلة مخاطر الائتمان السيادية"، وهي اتفاقات مبادلة مالية يعوض فيها البائع المشتري في حال عدم سداد القرض أو غيرها من حالات الائتمان، عند أعلى مستوياتها التاريخية في مؤشر يدل على قلق متزايد في عالم المال.

31 ألف مليار

ومن أجل إبعاد خطر التخلف عن السداد الذي لم يحصل سابقًا، يحتاج بايدن إلى إقناع جزء من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وذلك بسبب عدم وجود غالبية كافية لدى الديموقراطيين في المجلس.

لكن قبل كل شيء، يحتاج الرئيس الأميركي إلى إيجاد أرضية مشتركة مع رئيس مجلس النواب.

ويؤدي الرجلان دورًا مهمًا، والأمر لا يتعلق برفع سقف الدين فحسب، لكن أيضًا بصدقيّتهما السياسية.

فبايدن البالغ الثمانين، مرشح لولاية ثانية ولم يتمكن إلى الآن من رفع معدل التأييد له. أما ماكارثي، فقد انتُخب بصعوبة رئيسًا لمجلس النواب بحصوله على غالبية ضئيلة، وبالتالي عليه العمل للحفاظ على منصبه.

وأظهر استطلاع لمؤسسة "غالوب" مؤخرًا أن لا ثقة حقيقية لدى الأميركيين بقادة الحزبين الرئيسيين في المسائل الاقتصادية. وبحسب الاستطلاع يبدي 35% من الأميركيين ثقة ببايدن فيما يثق 38% منهم بالحزب الجمهوري.

وإذا استمرت حال الجمود بعد الأول من يونيو، وفقًا للإدارة، فإن الولايات المتحدة ستجد نفسها غير قادرة على دفع الفواتير والرواتب، وعاجزة أيضًا عن السداد لدائنيها.

بالتالي، ستكون المرة الأولى التي لن يتمكن حاملو سندات الخزانة الأميركية من استرداد استثماراتهم.

لذلك، يؤكد البيت الأبيض أنه في حال انتهاء فترة الانتعاش التي ينسب الرئيس الفضل فيها لنفسه، فإن الأسواق ستنهار وسيكون الركود تاريخيًا، وسترتفع البطالة بقوة في الولايات المتحدة، مع عواقب على الاقتصاد العالمي بكامله.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
Close