شن الرئيس الأميركي جو بايدن، الخميس، حملة عنيفة على سلفه دونالد ترمب وأنصاره الذين وصفهم بـ"المتطرفين"، معتبرًا أنهم أعداء الديمقراطية الأميركية، في خطاب ألقاه في وقت الذروة في مسعى لإثارة حماس الناخبين قبل انتخابات منتصف الولاية.
وألقى بايدن خطابه في فيلادلفيا، التي تعد مهد الديمقراطية الأميركية، مركزًا هجومه غير العادي على الجمهوريين الذين يتبنون عقيدة ترمب "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، أو "ماغا" وهي الأحرف الأربعة الأولى من شعار "make america great again". وحث أنصاره على الرد.
كيف رد ترمب؟
ودفع الأمر بترمب إلى الرد على بايدن، من خلال موقعه الإلكتروني "تروث سوشال" ليل الخميس الجمعة، مؤكدًا أنّ بايدن غير مؤهل لمنصب الرئاسة. وكتب: "إذا كان لا يريد أن يجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، وهو ما لا يفعله بالأقوال، والأفعال والفكر، فيجب بالتأكيد ألا يمثل الولايات المتحدة".
وقال بايدن، الذي كان يتحدث بالقرب من المكان الذي أقر فيه إعلان الاستقلال والدستور الأميركي قبل أكثر من قرنين، إنّ "دونالد ترمب وجمهوريي ماغا يمثلون تطرفًا يهدد أسس جمهوريتنا".
وأضاف: "إنهم يعتمدون الغضب ويزدهرون في الفوضى ولا يعيشون في ضوء الحقيقة بل في ظل الأكاذيب".
الرئيس الأميركي شدد على أنه "لا مكان للعنف السياسي في أميركا"، وذلك في إشارة واضحة منه حول هجوم العام الماضي على الكابيتول مبنى الكونغرس الأميركي من قبل أنصار ترمب المتشددين الذين رفضوا قبول هزيمته في الانتخابات.
America must choose. To be a nation of hope and unity and optimism? Or a nation of fear and division and of darkness. pic.twitter.com/rh44KwvE9B
— President Biden (@POTUS) September 2, 2022
"استفتاء على ترمب"
وبعد أن ذكر الحملة الوطنية ضد حقوق الإجهاض من قبل المحافظين المتشددين، وتهديد الحريات الأخرى من منع الحمل إلى الزواج بين جنس واحد، رأى الرئيس البالغ من العمر 79 عامًا أن "قوى ماغا" مصممة على "إعادة هذا البلد إلى الوراء". وأضاف محذرًا من أن "المساواة والديمقراطية تتعرضان للهجوم".
ومع اقتراب موعد حسم مسألة السيطرة على الكونغرس في نوفمبر/ تشرين الثاني، ناشد بايدن الجمهوريين إلى توحيد قواهم مع الديمقراطيين، والتخلي عن سياسة ترمب التي لا تزال تسيطر على جزء كبير من حزبه.
وقال بايدن بشكل واضح إن الديمقراطيين يعتزمون جعل انتخابات منتصف الولاية استفتاء على ترمب في الانتخابات النصفية، معتبرًا أن الحزب الجمهوري "يهيمن عليه ويديره ويخيفه" الرئيس السابق وأجندته الخاصة "ماغا".
وقال: "لفترة طويلة، طمأننا أنفسنا بأن الديمقراطية الأميركية مضمونة، لكنها ليست كذلك. علينا أن ندافع عنها وأن نحميها. دافعوا عنها"، داعيًا "أمتنا إلى أن تتحد وراء هدف واحد وهو الدفاع عن ديمقراطيتنا، بغض النظر عن أي أيديولوجيا".
#ترمب المرشح الأبرز لدى الجمهوريين في الانتخابات المقبلة رغم تقلص شعبيته#العربي_اليوم #أميركا تقرير: ريما أبو حمدية pic.twitter.com/owwJnuJXu5
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 1, 2022
روح الأمة و"شبه الفاشية"
خطاب الرئيس الأميركي جاء تحت شعار "المعركة من أجل روح الأمة"، وهو شعار كان قد ذكره بمقال سابق له في مجلة "ذي اتلانتيك" في 2017 بعد تظاهرة للقوميين البيض سقط فيها قتلى في شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، وقال إنها دفعته إلى الترشح للرئاسة. بايدن كتب في ذلك الوقت: "نعيش معركة من أجل روح هذه الأمة".
وبعد انتخابه في 2020، خطط السياسي المخضرم في البداية لمزيد من الحوار مع البرلمانيين الجمهوريين المعتدلين، ومن خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تستهدف الطبقة الوسطى. لكن الحديث عن المصالحة تلاشى، إذ يبدو من استطلاعات الرأي أن الرئيس الديمقراطي يلقى تجاوبًا أكبر عندما يكون هجوميًا.
بايدن اتهم الأسبوع الماضي أنصار ترمب بأنهم تبنوا "شبه فاشية". وأثارت هذه العبارة غضبًا في صفوف المحافظين، إذ اتهم زعيم الأقلية الجمهوري في مجلس الشيوخ كيفن مكارثي الرئيس بأنه "يشوه صورة" ملايين المواطنين المجتهدين والملتزمين بالقانون.
وردًا على خطاب بايدن، قال السناتور الجمهوري الموالي لترمب منذ فترة طويلة ليندسي غراهام: "مع كل الاحترام الواجب سيدي الرئيس، لا مشكلة في روح أميركا"، مؤكدًا أن "الشعب الأميركي يتألم بسبب سياساتك".
With all due respect Mr. President, there’s nothing wrong with America’s soul. The American people are hurting because of your policies. Rampant inflation. Out of control crime. Terrorism on the rise. Broken borders. Stop lecturing & change your policies before it’s too late.
— Lindsey Graham (@LindseyGrahamSC) September 2, 2022
من الأقرب للفوز؟
وكشف استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الخميس أنه إذا أجريت انتخابات منتصف الولاية اليوم، سيصوت 47% من الناخبين للديمقراطيين و44% للجمهوريين. وكان الجمهوريون يتقدمون على الديمقراطيين بفارق خمس نقاط في مارس/ آذار الماضي.
ويأمل الديمقراطيون في حدوث مفاجأة في انتخابات نوفمبر التي ستشمل كل مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ. وتقليديًا، لا يفوز الحزب الحاكم في انتخابات منتصف الولاية.
ويبدو الوضع أفضل لبايدن مؤخرًا مع تباطؤ التضخم وإقرار سلسلة من إصلاحاته التاريخية أخيرًا في الكونغرس، وسلسلة التحقيقات الجنائية بحق ترمب. كما تشير استطلاعات الرأي إلى دعم واسع لحقوق الإجهاض مما قد يجعل العديد من الجمهوريين في موقف ضعيف.
وسيكون هذا كافيًا لإعطاء الأمل للديمقراطيين الذين يسعون للحفاظ على سيطرتهم على مجلس النواب، والحفاظ على الأغلبية في مجلس الشيوخ أو حتى تعزيزها.
وستكون ولاية بنسلفانيا حاسمة في كل ذلك. وستثبت هذه الولاية التي تشكل تاريخيًا ساحة معركة في السياسة الأميركية أنها حيوية لكل من الطرفين في الانتخابات، وسيزورها بايدن ثلاث مرات خلال الأسوبع الجاري وحده. وينوي ترمب زيارة الولاية السبت لدعم مرشحها لمجلس الشيوخ النجم التلفزيوني محمد أوز.