الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

مكوّن "أصيل" في المنطقة.. هل يمكن الحديث عن قضية كردية "واحدة"؟

مكوّن "أصيل" في المنطقة.. هل يمكن الحديث عن قضية كردية "واحدة"؟

شارك القصة

تناولت حلقة "قراءة ثانية" لهذا الأسبوع القضية الكردية وما إذا كانت واحدة أم متعددة (الصورة: غيتي)
يتراوح عدد الأكراد بين 25 إلى 35 مليون نسمة، موزّعين بصورة أكثر تركيزًا على 4 دول هي العراق وسوريا وتركيا وإيران، حيث يتمتعون بحقوق قانونية وسياسية مختلفة.

يُعتبَر الأكراد بين المكونات القومية الأصيلة في هذه المنطقة، إذ لها تاريخها ولغتها وآدابها وإسهاماتها الحضارية والسياسية، كما لها تطلعاتها من أجل الحرية والاستقلال.

يتراوح عدد الأكراد بين 25 إلى 35 مليون نسمة، موزّعين بصورة أكثر تركيزًا على 4 دول هي العراق وسوريا وتركيا وإيران، حيث يتمتعون بحقوق قانونية وسياسية مختلفة، ومطالب قومية سياسية لا تتشابه بين دولة وأخرى.

وبين الأكراد في المنطقة من يدفع باتجاه مطالب انفصالية بحقّ دولة كردية لكل أكراد المنطقة، ومنهم من يسعى في المقابل إلى الاندماج مع المحيط العربي ويرى نفسه كرديًا ضمن الوطنيات الأخرى.

لكنّ توزّع الأكراد على هذه الدول جعل من هذه القومية وكأنّها قوميّات، وممّا يعرف بالقضية الكردية وكأنّها قضايا. فهل هم كذلك؟ وهل قضيتهم واحدة أم متعدّدة؟

الأكراد

سوريا.. أكراد الدواخل والأطراف

في سوريا، تشير التقديرات إلى أنّ الأكراد يشكّلون 6% من مجموع السكان، وينقسمون وفق المؤرّخ السوري محمد جمال بارود إلى أكراد الدواخل والأطراف.

بدأ وجود أكراد الدواخل في المنطقة منذ العصر العباسي وازداد وجودهم في بلاد الشام في عهد الأيوبيين وباتوا جزءًا من ثقافة المجتمع وسكنوا حلب ودمشق وساهموا في النضال ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا.

أما أكراد الأطراف فيسكنون الجزيرة الفراتية وريف حلب الشمالي في ثلاث مناطق منفصلة: عين العرب وعفرين والحسكة، ومعظمهم في محافظة الحسكة، وهم حريصون على كرديتهم وبدأت مشكلتهم منذ عام 1925 بعد معاهدة لوزان، ما تسبب في هجرتهم إلى شمال سوريا.

وقد حاول الاستعمار الفرنسي استغلال بعض قادة أكراد الأطراف الأقوياء والمتمركزين في منطقة الجزيرة السورية لبناء كيان كردي كلدو آشوري مستقل ذاتيًا تحت حكم الفرنسيين، ما تمثل في حركة الجزيرة الانفصالية بين عامي 1937 و1939.

يتكلم الكرد السوريون كلّهم اللغة الكردية، والأغلبية الساحقة من الكرد السوريين هم من المسلمين السنّة، ومن أتباع المذهب الشافعي.

انخرط الأكراد في سوريا بشكل واسع في صفوف الحزب الشيوعي السوري، بوصفه طريقًا للخلاص القومي، وخصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية وبداية استقلال سوريا. شجّع على ذلك وجود الكردي خالد بكداش على رأس الحزب، الذي لعب في ما بعد دورًا مهمًا بين الجماهير الكردية.

وخلال العقود الماضية، كانت معظم الأحزاب الكردية لا تستخدم تعبير كردستان سوريا، بل تعتبر نفسها جزءًا من الحركة السياسية الوطنية والتقدمية والديمقراطية في سوريا، وتطالب هذه الأحزاب وفق محمد موسى محمد سكرتير الحزب اليساري الكردي في سوريا عام 2006، بتأمين حقوق الكرد القومية، السياسية والثقافية والاجتماعية، وذلك في إطار الوطن السوري.

الحزب الشيوعي السوري

العراق.. اتجاهان مديني وعشائري

بدأت أزمة كردستان العراق منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921، واعترف الطرفان العراقي والبريطاني عام 1922 بحق الأكراد في تشكيل حكومة محلية ضمن العراق، وتراجعا لاحقًا.

نصّ أول دستور عراقي عام 1925 على أنّه لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون وإن اختلفوا في القومية والدين واللغة، وهو ما لم يحدث في الواقع.

تاريخيًا، تنقسم حركة الأكراد في العراق إلى اتجاهين: الاتجاه المديني الذي مثّله أبناء مدن كردستان كركوك والسليمانية وأربيل وبعض المدن العراقية غير الكردية كالموصل وبغداد والذين كانوا من المثقفين وأبناء الطبقات الوسطى، والاتجاه الريفي أو العشائري، أي أصحاب الثورات والانتفاضات منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة العراقية.

ولم يحدث التلاقي بين الاتجاهين المديني والعشائري إلا في انتفاضة البرزانيين عام 1943 والتي مثلت أول حركة مشتركة لكل الأكراد.

وعلى الرغم من فشل الانتفاضة المسلحة الكردية، فقد أدّت إلى ولادة شخصية الملا مصطفى البرزاني الذي شكّل رأس حربة العمل السياسي الكردي في العراق خلال السنوات الـ30 التالية، وأسّس عام 1946 الحزب الديمقراطي الكردستاني بهدف الحصول على الحكم الذاتي في إقليم كردستان.

وبعد انقلاب عام 1958 أقرّ الدستور المؤقت بالشراكة العربية الكردية في الوطن العراقي، وعاد الملا إلى وطنه، لكن الزعيم الكردي مصطفى البرزاني أعلن القتال المسلح عام 1961، ومنذ ذلك الحين، اشتعلت نار الحرب الحقيقية بين الدولة العراقية والأكراد، وقُدّمت عدة مبادرات ومحاولات لحلّ الأزمة وفشلت جميعها، واستمرّت علاقة الدولة بالأكراد بين الشدّ والجذب من أحداث 1936 مرورًا بالأخوين عارف وحتى حكم البعث ومجيء صدام حسين.

ومع اشتعال فتيل الحرب العراقية الإيرانية التي استمرّت ثماني سنوات، قرّر الأكراد الاصطفاف إلى جانب إيران في الحرب وقبيل انتهاء الحرب، وتحديدًا عام 1988 تعرّضت مدينة حلبجة الكردية لهجمات بالسلاح الكيماوي ذهب ضحيتها من 3200 إلى 5000 شخص، وأطلق صدام حسين على العملية حملة "الأنفال".

عام 2003 تعاون الحزبان الكرديان الرئيسان مع الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح بصدام حسين وشاركا في جميع الحكومات التي تشكلت منذ ذلك التاريخ وكذلك في البرلمان العراقي، كما تشارك الحزبان في مؤسسات الحكم في الإقليم المكوّن من ثلاث محافظات هي دهوك وأربيل والسليمانية، وتمّ تعيين مسعود البرزاني رئيسًا للإقليم وجلال طالباني أول رئيس للجمهورية من الأكراد.

وعام 2017 قام مسعود البرزاني بمحاولة إجراء استفتاء على الاستقلال باءت بفشل كبير بعد معارضة عراقية وإقليمية ودولية وأدت إلى انسحاب البشمركة من المناطق المتنازع عليها ومنها كركوك.

أكراد العراق

الأكراد مكوّن أصيل من مكوّنات المنطقة

يشير الكاتب والباحث مهند كاطع إلى أنّ الواقع الحالي للأكراد هو مختلف تمامًا عن التاريخ، موضحًا أنّ حركة التاريخ هي في تحرك وما عرف ببلاد الأكراد منذ العصر الوسيط اختلف تمامًا وتغيّر.

ويشرح في حديث إلى "العربي"، ضمن برنامج "قراءة ثانية"، أنّ بلاد الأكراد كانت موجودة في منطقة إيران الحالية، ويلفت إلى أنّ توسع الدولة الإسلامية أدى إلى هجرات ومن بينها هجرة الأكراد إلى ما نسمّيها اليوم الأناضول وشمال العراق وصولًا على بلاد ما بين النهرين.

ويشدّد على أنّ الأكراد مكوّن أصيل من مكوّنات المنطقة، مضيفًا: "نسعى أن يكون هناك تعايش بما يحقق مصلحة الجميع".

ويلفت إلى أنّ واقع الأكراد الحالي يقول إنهم موجودون في تركيا وإيران والعراق وسوريا.

"الظلامة" الكردية وسايكس بيكو

أما الباحث والأكاديمي عقيل عباس فيتوقف عند مفهوم الظلامة الكردية والظلامات عمومًا التي تشكّل حقائقها الخاصة.

ويقول في حديث إلى "العربي": "الأكراد وُعِدوا بتشكيل دولة لهم لكن أطيح بفكرة هذه الدولة بسبب صعود القومية التركية وما قام به أتاتورك بمساعدة أكراد أتراك، ومن هنا تشكّلت ظلامة أشبه بظلامة سايكس بيكو العربية".

ويشرح أنه تاريخيًا لا توجد دولة كردية مستقلة، مضيفًا: "العرب حصلوا على عدة دول لكن كرديًا لم تتحقق دولة واحدة ولا حتى أي دولة كردية".

ويخلص إلى أنّ هذا الأمر ساعد في صعود الظلامة الكردية والإحساس بأن العالم كان جائرًا في حق الأكراد.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close