شكّلت جائحة كورونا ضغطًا نفسيًا هائلًا على معظم سكان العالم، حيث ارتفعت حالات الاكتئاب والقلق بأكثر من الربع خلال عام 2020، حيث كانت البلدان، التي فرضت قيود إغلاق صارمة، الأكثر تأثرًا بتلك الزيادة.
ونشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية دراسة أعدها فريق من العلماء في مركز كوينزلاند لأبحاث الصحة العقلية في أستراليا، حيث أجروا تقييمًا لبيانات دراسات عدة تناولت تأثير جائحة كوفيد-19 على الصحة العقلية لسكان العالم، وخلصوا إلى وجود نحو 53 مليون حالة إضافية من اضطرابات الاكتئاب الرئيسة، و76 مليون حالة من القلق في العام الماضي.
وبيّنت الدراسة أن النساء والشباب تأثّروا بشكل أكبر بحالات الاكتئاب والقلق. كما أن البلدان التي سجّلت معدلات عالية في الإصابات والوفيات، وفرضت قيود إغلاق صارمة، قد ارتفعت فيها نسب الإصابة بأمراض الاكتئاب والتوتر والقلق.
وأوضح المشرف الرئيس على الدراسة الدكتور داميان سانتوماورو أن نتائج البحث التي نشرت في مجلة "لانسيت" سلّطت الضوء على "الحاجة الملحة لتقوية أنظمة الصحة العقلية من أجل معالجة العبء المتزايد الناجم عن اضطرابات الاكتئاب الشديد والقلق في جميع أنحاء العالم".
وأضاف أن تلبية الطلب الإضافي على خدمات الصحة العقلية بسبب كوفيد-19 سيكون "أمرًا صعبًا، لكن عدم اتخاذ أي إجراء ينبغي ألا يكون خيارًا".
وحتى الآن، لم تحلل أي دراسات للتأثير العالمي للوباء على انتشار اضطرابات الصحة العقلية عام 2020، إذ ركّزت معظم الأبحاث السابقة على دراسات استقصائية في مواقع محددة خلال فترة زمنية قصيرة.
من هم الأكثر تأثرًا؟
وقبل تفشّي الجائحة، أشارت التقديرات إلى وجود 193 مليون حالة اكتئاب و298 مليون حالة قلق، لكنّ الدراسة الجديدة أظهرت ارتفاعًا بنسبة 28% و26% على التوالي العام الماضي، حيث شكّلت فئة النساء الجزء الأكبر من تلك الزيادات.
واستند البحث إلى 48 دراسة سابقة، أجريت معظمها في أوروبا الغربية (22)، وأميركا الشمالية (14)، وأستراليا (5)، وآسيا والمحيط الهادي (5)، وشرق آسيا (2)، وأوروبا الوسطى (1).
وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الأصغر سنًا هم أكثر تأثرًا باضطرابات الصحة العقلية من الفئات العمرية الأكبر سنًا. وسجّلت 1118 حالة اكتئاب إضافية لكل 100 ألف شخص تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عامًا، و 1331 حالة قلق إضافية.
وقالت الباحثة الأسترالية أليز فيراري، التي شاركت في الدراسة: "أدت جائحة كوفيد-19 إلى تفاقم العديد من أوجه عدم المساواة القائمة، والمحددات الاجتماعية للصحة العقلية".
وأضافت متأسفة: "لأسباب عديدة، كانت النساء دائمًا أكثر عرضة للتأثّر بالعواقب الاجتماعية والاقتصادية للوباء، فهنّ اللواتي يتحمّلن مسؤوليات الرعاية والمسؤوليات المنزلية الإضافية، كما أنهنّ الأكثر عرضة للعنف المنزلي، الذي زاد في مراحل مختلفة من الوباء".
وأقرّ الباحثون بمحدودية دراستهم بسبب نقص البيانات عالية الجودة حول تأثيرات الوباء على الصحة النفسية في أجزاء كثيرة من العالم، ولا سيما البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، لكنّهم أشاروا إلى أنه يجب التعامل مع النتائج بحذر.