نظام التقويم الزمني هو واحد من أقدم العناصر الأساسية للحضارة. وتعود أقدم وسيلة لقياس الأيام والأسابيع إلى 10 آلاف عام، بينما تطوّرت تقنيات ضبط الوقت التي اعتمدها البابليون والمصريون والرومان القدماء ببطء إلى التقويم الذي نستخدمه اليوم.
ومع ذلك، كان التطوّر في التقويم، من رسم مراحل القمر إلى فصل الفصول إلى قياس السنوات المالية مثيرًا للجدل والفوضى عبر القرون.
ومع ذلك، لم يتوقف البشر أبدًا عن العمل لتحسين الطريقة التي نحتفل بها بمرور الوقت.
ورصد موقع "هيستوري فاكتس" (historyfacts) التاريخ الرائع للتقويمات عبر العصور.
1- أول تقويم معروف يعود إلى عصور ما قبل التاريخ في اسكتلندا
عام 2013، اكتشف علماء الآثار البريطانيون ما يعتبرونه أقدم تقويم في العالم، ويعود تاريخه إلى حوالي 8000 قبل الميلاد.
ويتكوّن تقويم ما قبل التاريخ الموجود في وارن فيلد في اسكتلندا، من 12 حفرة يُعتقد أنّها تحتوي على أعمدة خشبية تمثّل أشهر السنة. ويتماشى وضع الحفر مع الأفق الجنوبي الشرقي، ويرجّح أنّها كانت تُستخدم من قبل مجتمعات الصيد وجمع الثمار لتتبع الفصول.
2- استخدم ستونهنج الأجرام السماوية لتتبّع الوقت
على الرغم من أنّ الهدف الدقيق من معلم ستونهنج لا يزال لغزًا، فبالإضافة إلى كونه موقع دفن، يعتقد علماء الآثار أنّ النصب التذكاري الذي يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، عبارة عن تقويم شمسي، اعتمد تتبّع الأشهر والسنوات في المجتمعات القديمة على رسم أنماط النجوم والشمس والقمر (والطقس اللاحق الذي تجلبه).
ويتكوّن ستونهنج الذي بُني حوالي 3000 قبل الميلاد، من الحجارة والقناطر المرتبة بنمط دائري. ويعتقد الخبراء أنّ الوقت تمّ قياسه بالطريقة التي تصطف بها الشمس والقمر والنجوم مع هذه العلامات، إضافة إلى ملاحظة خسوف القمر والشمس، والانقلاب الشتوي والصيفي.
3-التقويم البابلي تكوّن من 12 شهرًا وأسبوعًا من سبعة أيام
استخدم البابليون حوالي 4000 قبل الميلاد، الأنماط القمرية لتحديد طول العام. وقد قسّموا التقويم إلى 12 شهرًا بناءً على دورة القمر، بدءًا من رؤية الهلال لأول مرة. وبذلك، كان عدد أيام السنة 354 يومًا، أي أقصر قليلًا من السنة الشمسية.
ولمزامنة التقويمين القمري والشمسي، اعتمد البابليون نظامًا يُعرف باسم "الإقحام"، ما سمح لهم بإضافة شهر إضافي عند الضرورة. كما قاموا بتقسيم كل شهر إلى أسابيع مكوّنة من سبعة أيام، بناءً على الأجرام السماوية السبعة التي تمكّنوا من مراقبتها: الشمس والقمر والكواكب الخمسة الأقرب.
4- كان لدى المصريين القدماء ثلاثة فصول
على غرار العديد من المجتمعات الزراعية القديمة، قسّم المصريون القدماء الوقت وفقًا لمواسم الزراعة والحصاد. وكان نهر النيل يفيض سنويًا بين شهري مايو/ أيار وأغسطس/ آب، وكان يُحدّد نجاح محاصيل ذلك العام.
ونتيجة لذلك، قسّم المصريون السنة إلى ثلاثة فصول، يرتبط كل منها بوضع النهر والمراحل الزراعية المرتبطة به: آخت (الفيضان)، وبيرت (البذر)، وشمو (الحصاد).
5- يوليوس قيصر أنشأ تقويمنا الحديث (جزئيًا)
في عام 46 قبل الميلاد، قدّم يوليوس قيصر التقويم اليولياني كوسيلة لإصلاح نظام ضبط الوقت الروماني آنذاك. ولم يُخطىء تقويم الجمهورية الرومانية (الذي يشير إلى اليوم الأول من كل شهر باسم kalends، أصل كلمة "تقويم") في حساب طول السنة الشمسية فحسب، بل كان من الممكن أيضًا التلاعب به للسيطرة على السلطة السياسية، ما أدى إلى المزيد من الأخطاء.
والنظام الذي اعتمده يوليوس قيصر اعتمد على حسابات الفلكي اليوناني سوسيجينيس الإسكندري، الذي حدّد أن كل سنة تتكوّن من 365.25 يومًا. وأضاف التقويم اليولياني يومًا إضافيًا إلى شهر فبراير/شباط كل أربع سنوات، فيما يُعرف بالسنة الكبيسة. وعلى الرغم من أن التقويم كان غير كامل، إلا أنّ الكثير مما وضعه قيصر لا يزال قيد الاستخدام حتى اليوم.
6- التقويم الغريغوري أصلح حسابات قيصر
وعلى الرغم من كل التحسينات التي أدخلها، كان التقويم اليولياني يخطئ في حساب طول السنة الشمسية بمقدار 11 دقيقة. وتزايد التناقض بمرور الوقت، وبحلول عام 1582 م، كانت أشهر التقويم والفصول غير متوافقة.
وأثار هذا الأمر قلق البابا غريغوري الـ13، الذي لاحظ أنّ عيد الفصح أصبح غير متزامن بشكل متزايد مع الاعتدال الربيعي، وهي مشكلة بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية. وردًا على ذلك، أطلق البابا التقويم الغريغوري في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1582، حيث قدّم التقويم إلى الأمام بمقدار 10 أيام. وتبنّت الدول الكاثوليكية التقويم المُعدّل، لكن العديد من الدول البروتستانتية انتظرت أكثر من قرن من الزمن لاعتماده.
وانتظرت الإمبراطورية البريطانية بما في ذلك مستعمراتها في أميركا، حتى عام 1752 للانتقال إلى التقويم الغريغوري. بينما لم تعتمد روسيا التقويم الجديد، إلا في وقت متأخر من عام 1918، بعد الثورة الروسية.
7- التقويم الفرنسي تكوّن من 10 أيام خلال الثورة
خلال الثورة الفرنسية عام 1793، حاولت الحكومة إنشاء تقويم علماني جديد للجمهورية الفرنسية، يُعرف بالتقويم الجمهوري الفرنسي، وحدّد كل شهر بـ 30 يومًا، مقسّمة إلى ثلاثة أسابيع من 10 أيام لكل منها. ومع ذلك، لم يتم اعتماد التقويم أبدًا، وتمّ التخلّي عنه لصالح نظيره الغريغوري في 1 يناير 1806، بعد أن أصبح نابليون بونابرت إمبراطورًا.