الأحد 17 نوفمبر / November 2024

ميناء "الفاو الكبير"... مشروعٌ "واعد" للعراق ومماطلةٌ مستمرّة

ميناء "الفاو الكبير"... مشروعٌ "واعد" للعراق ومماطلةٌ مستمرّة

شارك القصة

عشر سنواتٍ مرّت على وضع حجر أساس ميناء "الفاو الكبير" في العراق، من دون أن يدخل حيّز التنفيذ الفعلي، في ظلّ مماطلةٍ مستمرّة، تغذّيها عرقلةٌ لا يستبعد العراقيون دوراً لجيرانهم على خطّها

على رغم مرور عشر سنوات على وضع حجر أساسه في نيسان (أبريل) 2010، إلا أنّ ميناء "الفاو الكبير" الذي يُنتَظَر أن يكون رافداً اقتصادياً جوهرياً للعراق، وأساساً في نهضته، لا يزال أسير التجاذبات والمماطلة والعرقلة من هنا وهناك.

وعاد الملفّ إلى الواجهة في الساعات الماضية، مع الإعلان عن "حسم" وجهة عقد تنفيذ الميناء، لصالح شركة دايو الكورية، بعد "جدلٍ واسعٍ" أثارته منافسة، اعتبرها الخبراء غير متكافئة، مع شركةٍ صينيّة غير متخصّصة أصلاً ببناء الموانئ.

ومن المُنتَظَر أن يبحث مجلس الوزراء العراقي، اليوم، موضوع الميناء بعدما أدرجه على جدول الأعمال، في وقتٍ يشكّك مسؤولون واقتصاديّون عراقيّون بالمضيّ حتى النهاية في المشروع، الذي "يُقلِق" العديد من جيران العراق.

أهمية استراتيجيّة

يُعتبَر ميناء "الفاو الكبير"، في حال إنجازه، من المشاريع الاستراتيجيّة الواعدة اقتصادياً بالنسبة إلى العراق، باعتبار أنّ من شأنه تغيير خريطة النقل البحرية في المنطقة، في وقتٍ يفترض أن يربط بين قارتي آسيا وأوروبا لنقل البضائع.

وبحسب مراسل "التلفزيون العربي"، فإنّ الميناء في حال اكتمال إنجازه، يفترض أن يختزن ما مقداره أربعة وعشرين ألف كيلومتر من خطوط النقل العالمية بعد ربطها بميناء جوادر في باكستان.

ويفترض أن يستوعب الميناء كذلك 99 مليون طن من البضائع سنوياً من خلال 90 رصيفاً تجارياً وستة أرصفة نفطية وبعمق يقدر بـ 19 متراً ما يؤهّله لاستقبال البواخر العملاقة، إلى جانب اتساعه لخمس وعشرين مليون حاوية.

وفيما تبقى الجدوى الاقتصادية للميناء مرهونة بربطه بسكة للحديد وبعقد اتفاقيات مع دول ستستفيد منه مستقبلاً، يشير المراقبون إلى أنّ هذا الأمر قد يشكّل تحدّياً آخر للعراق، إذ سعت كتلٌ سياسيّة قبل أشهر لربط البلاد بسكك حديدية بميناء مبارك الكويتي، الأمر الذي أثار غضب الشارع وأجهض هذه المساعي في مهدها.

"جدلٌ صينيّ-كوريّ"

عموماً، قد تكون الخطوة التي أعلنتها الشركة العامة للموانئ العراقية في الساعات الماضية، لجهة استبعاد الشركة الصينية من المنافسة واختيار شركة دايو الكورية بعقد تنفيذ ميناء الفاو الكبير، مؤشّراً إيجابيّاً من شأنه وضع حدّ للجمود المسيطر على الميناء الذي لم يُنجَز من مخطّطاته حتى اليوم سوى كاسر الأمواج.

إلا أنّ قرار الحكومة العراقية بمنح المشروع لشركة دايو الكورية دون غيرها أثار تساؤلات بعض المختصين، خصوصاً أنّ المنافسة مع الشركة الصينية لم تكن متكافئة، كما تُظهِر المقارنة بين الشركتين. فعلى سبيل المثال، لم تقدّم الأخيرة عرضاً بشكلٍ رسميّ، كما أنّها غير متخصّصة أساساً في بناء الموانئ، ما دفع بعض الخبراء للتساؤل عن "خلفيّات" دعوتها لتقديم عرض من الأساس.

وعلى سبيل المقارنة، يلفت أيضاً أنّ الشركة الصينية لم تقدّم ضماناً للحكومة بعد إكمال المشروع، كما أنّها لن تباشر بالعمل سوى بعد عامٍ من تاريخ توقيع العقد، في حين أنّ الشركة الكورية قدّمت ضماناً لمدة 100 عام، وأعلنت المباشرة بالعمل بعد 10 أيام فقط من التوقيع.

إزاء ذلك، يشرح المدير العام لشركة الموانئ العراقية فرحان الفرطوسي، في حديث إلى "التلفزيون العربي"، أنّ إدخال الشركة الصينية في المنافسة، جاء "من أجل الشفافية والضغط على الشركة الكورية حتى تعمل على تخفيض الأسعار وتقليل المدد الزمنية للتنفيذ"، مع تأكيده أنّه "لا يمكن لأيّ شركة أن تدخل في منافسة مع شركة دايو".

مقارنة بين الشركتين الكورية والصينية

عرقلة وهواجس

إلا أنّ الخطوة المستجدّة على خطّ ميناء "الفاو الكبير"، لا تعني أنّ المشروع وُضِع عمليّاً على سكّة التنفيذ، في ظلّ وجود "هواجس" لا تزال تهمين على المشروع، من سعي بعض الجهات الخارجية لعرقلته، استكمالاً لمسارٍ كان قد بدأ منذ وضع حجر الأساس له قبل عشر سنوات.

وفي هذا السياق، يقول قائمقام قضاء الفاو وليد الشريفي لـ "التلفزيون العربي"، إنّه "إذا لم يحدث ضغط من قبل الكتل السياسية بإنشاء مشروع ميناء الفاو الكبير، فإنّه لن يُنجَز ولن يبصر النور". ويذهب أبعد من ذلك ليتحدّث صراحةً عن "ضغوطٍ دولية" تُمارَس على خطّه، مشيراً إلى "وجود أيادٍ كبيرة وخفية تعمل على عدم إنشاء الميناء لأنّه سيضرّ بدول المنطقة".

ويتلاقى كلام الشريفي مع تصريحاتٍ لعضو لجنة النزاهة النيابية عالية نصيف، حذّرت فيها من "وجود تدخلات خارجية بأجندات داخلية تمنع إنشاء الميناء". ويغمز البعض في هذا الإطار، من قناة دولٍ ستتضرّر مصالحها بإنجاز الميناء، الأمر الذي يعزّز من "دقّته" الواقع السياسيّ والأمنيّ الهش في العراق، حيث تملك بعض الدول أذرعاً مسلّحة خارج إطار الدولة، ما يدفع البعض إلى التحذير من إمكان استخدامها لاستهداف خط السكك، في حال أبصر النور.

تابع القراءة
المصادر:
وكالات، أرشيف
Close