اعتبر البابا فرنسيس اليوم السبت، أن الديمقراطية تدهورت بشكل خطير بعد إغواء الساخطين بـ"الشعارات البراقة" للسياسيين الشعبويين الذين يعدون بحلول سهلة ولكن غير واقعية، داعيًا إلى العودة إلى "السياسة التي تتسم بالصلاح".
ووصل البابا إلى أثينا وهي المحطة الثانية من زيارة إلى منطقة البحر المتوسط تهدف بالأساس إلى لفت الانتباه لمحنة المهاجرين واللاجئين.
تراجع الديمقراطية
واقتبس البابا فرنسيس في خطاب ألقاه بالقصر الرئاسي، مقولات لفلاسفة وكتاب يونانيين قدماء مثل أرسطو وهوميروس. وحث على العودة إلى السياسة التي تسعى للصالح العام ولا تنغمس في بث الخوف.
وقال البابا: "لا يمكننا تجنب الإشارة بقلق إلى مدى التراجع عن الديمقراطية الذي نشهده اليوم، وليس فقط في أوروبا".
ووصف الديمقراطية بأنها مسعى معقد ولكنه أساسي يتطلب مشاركة واسعة، "في حين أن الاستبداد واضح تمامًا وإجابات الشعبوية السهلة تبدو جذابة".
واليونان إحدى نقاط الدخول الرئيسة إلى الاتحاد الأوروبي لطالبي اللجوء الفارين من الحروب والأوطان التي تعاني من الفقر في الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا.
نقل مهاجرين عالقين
وانتقل كاميرونيان تقطعت بهما السبل لأشهر في المنطقة العازلة الفاصلة بين جزأي جزيرة قبرص المقسمة مع مجموعة من 50 مهاجرًا إلى إيطاليا، في ختام زيارة للبابا فرنسيس إلى نيقوسيا استمرت يومين.
وقال دانيال إيجوبي (20 عامًا) لدى مغادرته كنيسة الصليب المقدس في العاصمة القبرصية التي أقام فيها البابا صلاة مسكونية مع المهاجرين: "هذا أسعد يوم في حياتي". وأضاف: "أشكر للبابا كل ما فعله".
وكان إيجوبي قد علق مع غرايس إنجي (24 عامًا) منذ نهاية مايو/ أيار في المنطقة المنزوعة السلاح التي تشرف عليها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في نيقوسيا، آخر عاصمة منقسمة في العالم.
وحاول الشابان الكاميرونيان عبور الخط الفاصل في نيقوسيا في 24 مايو/ أيار، على أمل الحصول على حق اللجوء في جمهورية قبرص المعترف بها دوليًا والعضو في الاتحاد الأوروبي. لكن السلطات القبرصية طردتهما.
وظل المهاجران عالقين منذ ذلك الحين بين نقطتي تفتيش في "المنطقة العازلة" المسيجة بأسلاك شائكة والتي تفصل شمال الجزيرة عن جنوبها.
"مبادرة مهمّة"
يصطحب البابا الذي جعل من مسألة الهجرة محور زيارته إلى قبرص، 50 مهاجرًا بينهم 10 معتقلين في وضع غير قانوني معه إلى إيطاليا، بحسب نيقوسيا.
وشكرت وزارة الداخلية القبرصية البابا على "مبادرته المهمّة"، مؤكدةً أن الكاميرونيَين "العالقَين في المنطقة العازلة" الفاصلة بين شطري الجزيرة المنقسمة هما بين المهاجرين الذين ينتقلون مع الحبر الأعظم إلى الفاتيكان.
واتّهمت الوزارة أيضًا تركيا بـ"استغلال الهجرة في قبرص"، داعيةً "الشركاء الأوروبيين" إلى إبداء "التضامن" مع نيقوسيا في مواجهة "الصعوبات المرتبطة بالتدفق المتزايد للمهاجرين".
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية السابقة لشؤون اللاجئين في قبرص أن وضع المهاجرين الذين يعبرون الخطّ الفاصل بين شطري الجزيرة "مقلق للغاية"، مشيرةً إلى أن هؤلاء يواجهون رفض السلطات تلقي طلبات لجوئهم، ما يدفعهم إلى "اللجوء لمهرّبين" لعبور الحدود.
البابا يحذر من "العبودية والتعذيب"
ودعا البابا فرنسيس أمس الجمعة في صلاة مسكونية أقامها أمام مهاجرين في نيقوسيا، العالم إلى عدم التغاضي عن ممارسات "العبودية" و"التعذيب" التي يتعرض لها المهاجرون في المخيمات، مقارنًا بينها وبين ما حصل خلال الحرب العالمية الثانية.
وسبق للبابا أن نقل معه إلى الفاتيكان عام 2016 من جزيرة ليسبوس اليونانية التي تُعتبر نقطة دخول المهاجرين الرئيسة إلى أوروبا، ثلاث عائلات سورية مسلمة مهاجرة بشكل غير قانوني.
وتؤكد جمهورية قبرص أنّ نحو 10 آلاف مهاجر غير قانوني وصلوا في الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي إلى أراضيها معظمهم من شمال الجزيرة.
وتقول السلطات: إنّ قبرص التي تعدّ مليون نسمة لديها اليوم العدد الأكبر من طلبات اللجوء التي يقدمها مهاجرون نسبة إلى عدد سكانها، بالمقارنة مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.