هدنة جديدة ومعارك متواصلة.. هل تنجح الوساطات في حل أزمة السودان؟
أكد مراسل "العربي" أنّ العاصمة السودانية الخرطوم تشهد هدوءًا مع بدء سريان الهدنة الجديدة، بعد اشتباكات متقطّعة شهدتها في الساعات الماضية.
وأعلن طرفا النزاع تمديد الهدنة التي تمّ التوصّل إليها بوساطة سعودية-أميركية في 20 مايو/ أيار الجاري، لخمسة أيام إضافية في محاولة لنقل مساعدات إنسانية حيوية لهذا البلد، الذي أصبح على حافة المجاعة.
لكن المعارك تتواصل، حيث أفاد أحد سكان العاصمة بوقوع "اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة في جنوب الخرطوم".
وليل الإثنين-الثلاثاء، أكد مواطنون استمرار المعارك في الخرطوم وفي نيالا بإقليم دارفور في غرب السودان، الذي سبق أن شهد حربًا أهلية دامية في العقد الأول من القرن الحالي.
وعلى جري العادة، تبادل الجيش الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان (حميدتي)، الاتهامات بخرق الهدنة ويقول كل طرف إنّه يرد على هجمات الخصم.
مخاوف من "حرب أهلية شاملة"
وفيما رحّبت واشنطن والرياض بتمديد الهدنة لخمسة أيام أخرى، يخشى السودانيون الآن على الأرض حصول "حرب أهلية شاملة".
وأطلقت "قوى الحرية والتغيير" في السودان تحذيرًا بعد النداءات التي وجّهها الطرفان، ويدعوان فيها المدنيين إلى التسلّح.
وطرح مجددًا موضوع دارفور، حيث يشارك في المعارك الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيون مسلحون.
وقال مواطن من هذه المنطقة الواقعة عند الحدود مع تشاد: "في الوضع الحالي، ينبغي أن نتسلّح لأن الجميع في خطر، الناس يجدون أنفسهم وحدهم في حين تتمّ مهاجمتهم في بيوتهم التي تتعرّض للنهب".
بينما رأى مواطن آخر أنّ دعوة المدنيين إلى حمل السلاح أمر "غير مسؤول بتاتًا، وهي دعوة خطرة يمكن أن تقودنا إلى الحرب الأهلية".
"مجاعة قريبة"
ويخشى جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ودول أخرى مجاورة امتداد عدوى الحرب إليها، وتطلب مساعدات من الأمم المتحدة التي تؤكد أنّها لم تحصل إلا على القليل من الأموال من مموّليها.
والإثنين، حذّرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب قد يدفع السودان إلى قائمة الدول المهدّدة بمجاعة قريبة.
وخلال بضعة أيام، سيبدأ موسم الأمطار الذي يحمل معه أوبئة عدة، من الملاريا إلى الكوليرا.
وكان السودان قبل القتال، أحد أفقر بلدان العالم، إذ كان مواطن من كل ثلاثة يُعاني من الجوع، وكانت الكهرباء تنقطع لفترات طويلة يوميًا، والنظام الصحي على وشك الانهيار.
واليوم، بعد مرور سبعة أسابيع على اندلاع القتال، أفادت الأمم المتحدة بأنّ 25 مليونًا من أصل 45 مليون سوداني باتوا بحاجة إلى مساعدات إنسانية للاستمرار.
وذكرت "اليونيسيف" أنّ "13.6 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الدعم الإنساني المنقذ للحياة، من بين هؤلاء 620 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد".
ولم تعد المياه الجارية تصل إلى بعض مناطق الخرطوم، ولا تتوافر الكهرباء إلا بضع ساعات في الأسبوع، كما باتت ثلاثة أرباع المستشفيات خارج الخدمة.
أما المستشفيات التي تواصل عملها، فلديها القليل من المستلزمات الطبية والأدوية، كما باتت مضطرة لشراء الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء بعشرين ضعف سعره الأصلي.
وتطالب المنظمات الإنسانية منذ اندلاع القتال، بتوفير ظروف أمنية تتيح لها الوصول إلى الخرطوم ودارفور من أجل تزويد مخازنهم التي نُهبت أو دُمّرت بسبب القتال.
لكن تلك المنظمات لم تتمكّن، حتى الآن، إلا من إيصال كمية صغيرة جدًا من الأدوية والأغذية، إذ أنّ العاملين فيها لا يستطيعون التحرك بسبب المعارك، في حين أن شحنات المساعدات التي وصلت جوًا لا تزال عالقة لدى الجمارك.
وباتت بعض مناطق دارفور معزولة تمامًا عن العالم من دون كهرباء أو إنترنت أو هاتف.