صرح حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة اليوم الجمعة، أن البنك يسعى إلى تعزيز الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وذلك في وقت تواصلت فيه الاحتجاجات على تدهور الوضع المعيشي وانهيار العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها.
ويأتي ذلك بعد أن شهدت الليرة انخفاضًا إلى مستوى قياسي هذا الأسبوع مما أثار احتجاجات جديدة في مدن لبنانية عدة، أمس الخميس، تحت اسم "يوم غضب".
مؤشرات على "التلاعب بأسعار الصرف"
إضافة إلى ذلك، قال رياض سلامة في مقابلة مع "رويترز" بعد أن أصدر المصرف التعميم رقم 161 الذي يسمح للبنوك بشراء الدولار الأميركي الورقي من دون سقف محدد على منصة صيرفة، إنّ "هذه المبادرة تهدف إلى الحد من تقلبات سوق الصرف وتعزيز قيمة الليرة أمام الدولار".
وبحسب بيان مصرف لبنان اليوم الجمعة، فإنه "يحق للمصارف زيادة عن الكوتا التي يحق لها شهريًا سحبها بالليرة اللبنانية وأصبحت تأخذها بالدولار الأميركي على منصة صيرفة أن تشتري الدولار الأميركي الورقي من مصرف لبنان مقابل الليرات اللبنانية التي بحوزتها أو لدى عملائها على سعر منصة صيرفة من دون سقف محدد".
وأوضح سلامة أن هذه العملية "تتمثل في تقليص حجم الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية من خلال شرائها مقابل الأوراق النقدية بالدولار حسب سعر منصة صيرفة".
واعتبر سلامة، الذي يواجه عدة تحقيقات محلية ودولية حول ارتكابه مخالفات في البنك المركزي الذي قاده لثلاثة عقود، وسط نفيه لهذه الاتهامات، أن "عملية تحسين سعر الليرة ستتم بين البنك المركزي والبنوك التجارية"، مضيفا أنه كانت هناك "مؤشرات على التلاعب بأسعار الدولار مقابل الليرة".
وقفة احتجاجية
وفي سياق الاحتجاجات المتواصلة في لبنان، فقد شارك عشرات النشطاء اللبنانيين اليوم الجمعة في وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الفرنسية في بيروت، احتجاجًا على "فساد المسؤولين اللبنانيين".
ورفع المتظاهرون لافتات تندد بـ"السلطة السياسية الفاسدة وبقرارات حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف"، وسط إجراءات أمنية مشددة في محيط السفارة.
ولا يزال الشارع اللبناني يغلي، إذ شهدت مناطق لبنانية عدة أمس الخميس، إغلاقًا للطرقات، تلبية لدعوة اتحادات ونقابات قطاع النقل البري إلى الإضراب والمشاركة في "يوم الغضب"، احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وعدم التزام الحكومة بتنفيذ وعودها بدعم المحروقات للسائقين.
وتراجعت قيمة الليرة التي فقدت بالفعل أكثر من 90% من قيمتها مع بدء الأزمة المالية في لبنان عام 2019، إلى أكثر من 33 ألفًا هذا الأسبوع، لكنها ارتفعت منذ ذلك الحين إلى نحو 27200 يوم الجمعة.
ولسنوات عدة تم تثبيت الدولار عند سقف 1500 ليرة. وعام 2019 أخذت الليرة في التراجع ودفعت ثلاثة أرباع المواطنين إلى هاوية الفقر.
أزمات أخرى
وشكل نجيب ميقاتي حكومة في سبتمبر/ أيلول 2021، بهدف التفاوض على برنامج دعم من صندوق النقد الدولي، وبدء التعافي الاقتصادي.
لكنه لم يتمكن من عقد أي اجتماع لمجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وسط مطالب من حزب الله وحركة أمل بالحد من التحقيق في الانفجار الدامي في مرفأ بيروت في أغسطس/ آب 2020، وأسفر عن مقتل 200 شخص.
وتكاد البنوك التجارية أن تغلق أبوابها أمام المودعين بعد أزمة السيولة التي تسبب بها الانهيار الاقتصادي تحت جبل من ديون الدولة.
ومنذ عامين، يعاني لبنان أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، فضلًا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين.
ومنذ بدء الأزمة المالية الحالية، تقيد المصارف اللبنانية سحوبات المودعين بالدولار، وتسمح بسحبها بالليرة اللبنانية فقط، وفق سعر صرف يحدده البنك المركزي.
ومطلع يونيو/ حزيران الماضي، وصف البنك الدولي الأزمة في لبنان بأنها "الأكثر حدة وقساوة في العالم"، وصنفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجلت في التاريخ منذ أواسط القرن التاسع عشر.