يُعتبَر 12 أبريل/ نيسان يومًا مفصليًا في علاقة الإنسان والفضاء، ففي مثل هذا اليوم قبل 60 عامًا، استطاع أول إنسان أن يسافر إلى الفضاء.
وأصبح رائد الفضاء السوفيتي يوري ألكسييفيتش غاغارين أول إنسان يسافر إلى الفضاء في 12 أبريل/ نيسان 1961، حيث انطلق إلى المجال المثير على متن المركبة الفضائية "فوستوك 1"، بحسب رواية موقع "هيستوري".
إنجاز غاغارين التاريخي
دار غاغارين، طيار الاختبار والفني الصناعي البالغ من العمر 27 عامًا، حول كوكب الأرض، وهو إنجاز حققته كبسولته الفضائية في 89 دقيقة. دارت "فوستوك 1" حول الأرض على ارتفاع 187 ميلًا على أقصى حد، وتم توجيهها بالكامل بواسطة نظام تحكم آلي.
وقال غاغارين في البيان الوحيد المنسوب إليه، خلال ساعة واحدة و 48 دقيقة في الفضاء: "الرحلة تسير بشكل طبيعي. أنا بخير".
وأصبح غاغارين الجذاب والمتواضع شخصية مشهورة في جميع أنحاء العالم بعد الإعلان عن إنجازه التاريخي.
حصل على وسام لينين ولقب بطل الاتحاد السوفيتي. وتم رفع النصب التذكارية له في جميع أنحاء الاتحاد السوفياتي، وأعيدت تسمية الشوارع تكريمًا له.
"When I orbited the Earth in a spaceship, I saw for the first time how beautiful our planet is. Mankind, let us preserve & increase this beauty, and not destroy it!”#OnThisDay in 1961, Yuri Gagarin became the first human in space 🧑🚀 🚀 https://t.co/Gc0GAHO097 #UnescoCourier pic.twitter.com/4IuQjOjVlG
— UNESCO 🏛️ #Education #Sciences #Culture 🇺🇳😷 (@UNESCO) April 12, 2021
كان انتصار برنامج الفضاء السوفيتي في إرسال أول إنسان إلى الفضاء بمثابة ضربة كبيرة للولايات المتحدة، التي كانت قد حددت أول رحلة فضائية لها في مايو/ أيار من العام نفسه.
وكان غاغارين قد دار حول الأرض، وهو إنجاز استعصى على برنامج الفضاء الأميركي حتى فبراير/ شباط 1962. وبحلول ذلك الوقت، كان الاتحاد السوفياتي قد حقق بالفعل قفزة أخرى إلى الأمام في "سباق الفضاء" مع رحلة أغسطس 1961 لرائد الفضاء غيرمان تيتوف في "فوستوك 2"؛ حيث قام تيتوف بعمل 17 دورة. وقضى أكثر من 25 ساعة في الفضاء.
الفضل لـ"كبير المصممين"
بالنسبة لأولئك الذين عملوا في برنامج "فوستوك" وفي وقت سابق على "سبوتنيك"، التي أطلقت أول قمر صناعي إلى الفضاء في عام 1957، كانت النجاحات تُعزى بشكل رئيسي إلى تألق رجل واحد وهو كبير المصممين، سيرجي بافلوفيتش كوروليف الذي لم يكن معروفًا في الغرب حتى وفاته في العام 1966.
وُلد كوروليف في أوكرانيا عام 1906، وكان جزءًا من فريق علمي أطلق أول صاروخ سوفياتي يعمل بالوقود السائل في عام 1933. وفي عام 1938، وقع راعيه العسكري فريسة لعمليات التطهير التي قام بها الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، كما تم وضع كوروليف وزملائه في التجربة.
من السجن إلى الإنجاز
حُكم على كوروليف بالسجن 10 سنوات في معسكر عمل، بعد إدانته بالخيانة والتخريب، لكن السلطات السوفياتية كانت تخشى تقدم الصواريخ الألمانية، وبعد عام واحد فقط تم تعيين كوروليف مسؤولًا عن مكتب تصميم السجن وأمر بمواصلة عمله في مجال الصواريخ.
في عام 1945، تم إرسال كوروليف إلى ألمانيا للتعرف على صاروخ "V-2" ، الذي استخدمه النازيون للتأثير المدمر ضد البريطانيين. استولى الأميركيون على مصمم الصاروخ، فيرنر فون براون، الذي أصبح فيما بعد رئيسًا لبرنامج الفضاء الأميركي، لكن السوفيتيّين حصلوا على الصواريخ، ومنشآت الإطلاق، والمخططات، وعدد قليل من محركات "V-2" الألمانية.
بنى كوروليف بحلول عام 1954، صاروخًا يمكنه حمل رأس نووي بوزن خمسة أطنان، من خلال استخدام هذه التكنولوجيا ومواهبه الهندسية الكبيرة، وفي عام 1957 أطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات.
كما تمت الموافقة على خطة كوروليف لإطلاق قمر صناعي إلى الفضاء في ذلك العام، وفي 4 أكتوبر/ تشرين الأول 1957، تم إطلاق "سبوتنيك-1" في مدار الأرض.
سجل في الريادة
استطاع هذا الانتصار في السباق الفضائي أن يعيد تأهيل كوروليف رسميًا، الذي كان لا يزال من الناحية الفنية سجينًا.
استمر برنامج الفضاء السوفياتي تحت قيادة كوروليف في تحقيق الريادة في الفضاء في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات. فحقق أول حيوان في المدار، وأول قمر صناعي علمي كبير، وأول رجل، وأول امرأة، وأول ثلاثة رجال، وأول سير فضاء، وأول مركبة فضائية تصطدم بالقمر، وأول من يدور حول القمر، وأول من اصطدم بالزهرة، إضافة إلى أول مركبة تهبط على سطح القمر.
الفشل على أعتاب القمر
طوال هذا الوقت، ظل كوروليف مجهولًا، ومعروفًا فقط باسم "كبير المصممين". وانتهى حلمه في إرسال رواد فضاء إلى القمر في النهاية بالفشل، ويرجع ذلك أساسًا إلى أن البرنامج السوفياتي القمري تلقى فقط عُشر التمويل المخصص لبرنامج أبولو للهبوط على سطح القمر الناجح في أميركا.
توفي كوروليف في عام 1966. بعد وفاته، تم الكشف عن هويته للعالم أخيرًا، وتم دفنه في جدار الكرملين باعتباره بطل الاتحاد السوفياتي. أمّا يوري غاغارين، فقد قتل في رحلة تجريبية روتينية لطائرة نفاثة عام 1968. ووُضِع رماده أيضًا في جدار الكرملين.