الموضة المحتشمة أو Modest Fashion، عبارة تستخدم في مجال الموضة لوصف الأزياء المحافظة والإطلالات التي تراعي المعتقدات الدينية والاجتماعية في مختلف الحضارات. ولكنها ارتبطت بشكل مباشر في السنوات الأخيرة بالمحجبات، لا سيّما مع سعي دور الأزياء العالمية لاجتذاب المستهلكين المسلمين.
ويقدّر سوق الموضة المحتشمة حول العالم بمليارات الدولارات، في ظل توقعات ترجح احتمالية تزايد قيمة تلك المبيعات خلال السنوات المقبلة.
وذكر تقرير لموقع "الغارديان" أن هذا التحول في عالم الموضة شهد إقبالًا بشكل متزايد من قبل المستهلكين والمنتجين، حتى صارت موضة تصميم الحجاب أساسية لدى عدد كبير من العلامات التجارية كـ Nike و Tommy Hilfiger و Dolce & Gabbana وغيرهم.
'The pressure is to appear normal': the crisis in modest fashion https://t.co/zFaTXX7Dbt
— Models Of Diversity (@ModsOfDiversity) March 5, 2021
ومع ذلك، لا يزال اللباس الإسلامي أمرًا مثيرًا للجدل في أهم دول العالم التي تصف نفسها بأنها متقدّمة وديمقراطية، إذ تتم مناقشة حظر الحجاب باستمرار في فرنسا، بينما تجري سويسرا استفتاء حول قرار لمنع ارتداء البرقع هذا الأسبوع، بالإضافة إلى قمع النساء لارتدائهن الحجاب في الصين، على الرغم من تشجيع الحكومات في جميع أنحاء العالم على استخدام أقنعة الوجه لمواجهة كورونا.
حليمة عدن
وفي عالم الموضة، لا مثل يوضح الشرخ الحاصل كقصة عارضة الأزياء المسلمة حليمة عدن، التي اشتهرت بحجابها على منصات عرض الأزياء، حتّى إن الشابة التي وُلدت في مخيم للاجئين في كينيا قبل أن تنتقل للعيش في الولايات المتحدة مع والديها الصوماليين عندما كانت طفلة، تحولت إلى أيقونة في عالم الموضة للدلالة على الاختلاف، بعد ظهورها لأول مرة في أسبوع الموضة بنيويورك عام 2017.
فمنذ حوالي الشهرين، أعلنت عدن أنها ستترك عالم الأزياء بعدما شعرت أن العمل قد أضر بمعتقداتها الدينية، لا سيما تلك المتعلقة بالحجاب، في سلسلة من المنشورات عبر حسابها الرسمي على انستغرام.
وتقول حليمة عدن في منشوراتها؛ إن مجال الموضة يستغل البشر، معربةً عن "ندمها الشديد" بشأن التنازل عن معتقداتها الدينية مقابل الارتقاء في مسيرتها المهنية والاندماج بين أفراد المهنة.
وقالت إنها شعرت بعدم الرضا عن بعض الإطلالات التي اضطرت من خلالها إلى تعديل شكل حجابها ليتناسب مع "متطلبات العرض". وتتحدث عن "تنازلات" قدمتها في هذا السبيل، كعدم تغطية أذنيها وعنقها وكتفيها وصدرها. وكتبت: "إذا نظرت إلى الوراء، أرى أنني فعلت ما قلت إني لن أفعله أبدًا، وهذا تنازل عن هويتي من أجل التأقلم".
وأبرزت تصريحات حليمة القضايا الأعمق ضمن مفهوم "الموضة المحتشمة"، ووجهّت رسالة صادمة عبر العالم للمؤثرين والمصميمن وحتّى عارضات الأزياء المسلمات.
ماريا إدريسي
اشتهرت عارضة الأزياء ماريا إدريسي بعد ظهورها في حملة لسلسلة ملابس "أتش آند أم" (H&M) عام 2015، حيث ارتدت الحجاب المطبوع الذي يشبه إلى حد بعيد الكوفية التقليدية، ومعطفًا فضفاضًا باللون الوردي.
وتشير إدريسي وفق تقرير "الغارديان" إلى أن العديد من المؤثرات الناجحات بدأن بارتداء الملابس على الطريقة الغربية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعطي لصناعة الأزياء السائدة الانطباع بأن هؤلاء النساء الناجحات والشخصيات البارزة يعكسن الطريقة التي قد تريدها جميع النساء المسلمات "الرائعات".
أما رينا لويس، أستاذة الدراسات الثقافية في كلية لندن للأزياء؛ فتشدّد على ضرورة توظيف عناصر أكثر تنوعًا في عالم الموضة، باعتباره "حاجة ملحة لمحو الأمية الدينية في الموضة".
وإلى ذلك الحين، كشفت قصة حليمة عدن وغيرها من عارضات الأزياء المسلمات؛ أن المساحة التي أوجدتها الموضة حتى الآن للحجاب "محصورة ومختزلة ومحدودة".