تعول إيران على الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لتخفيف التوتر مع الولايات المتحدة، إلا أن الوضع مهدد بالتدهور، والتحول إلى صراع مفتوح قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي دونالد ترمب التي تسيطر عليها فوضى متزايدة.
وأعلنت إيران أمس الاثنين أنها بدأت إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة، وهو الإجراء الأبرز منذ بدء تراجعها التدريجي عام 2019 عن تنفيذ غالبية التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق النووي الدولي المبرم عام 2015 في أعقاب قرار ترمب الانسحاب بشكل أحادي منه عام 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الجمهورية الإسلامية.
لكن طهران شددت على أنه إجراء "يمكن الرجوع عنه" إذا رفع جو بايدن العقوبات المفروضة عليها بعد تسلمه زمام السلطة في 20 كانون الثاني/يناير.
وتفاقم التوتر بين البلدين منذ انسحاب الولايات المتحدة الأحادي الجانب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وازدادت حدته مع اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني في غارة أميركية قبل عام في بغداد.
وفي خطوة تندرج في إطار الردع، حلقت قاذفات أميركية من طراز "بي-52" فوق الخليج مرتين خلال أقل من شهر في الفترة الماضية، كما قررت واشنطن إبقاء حاملة الطائرات "يو إس إس نيميتز" في الخليج، بعد ثلاثة أيام من إعلان إعادتها إلى الولايات المتحدة.
وقال وزير الدفاع الأميركي بالإنابة كريستوفر ميلر في بيان نشر مساء الأحد الماضي، إنه أمر حاملة الطائرات نيميتز بوقف إعادة تمركزها، عازياً الأمر إلى "التهديدات الأخيرة التي وجهها مسؤولون إيرانيون للرئيس دونالد ترامب، ومسؤولين حكوميين أميركيين آخرين".
احتمالات ضئيلة
ويرى أستاذ العلوم السياسية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فيبين نارانغ أنّ "لدينا الآن شكلاً جديدًا من أشكال الردع"، وهو ما يطلق عليه وصف "الردع الفصامي".
ويوضح نارانغ أنه بدل أن يظهر إبقاء "نيميتز" في الخليج كدليل قوة، فهو "قد يرسل إشارة خاطئة، بأن الفوضى المطلقة تسود في واشنطن الآن، وإذا كنت تريد القيام بمحاولة ما (ضد الولايات المتحدة) قد يكون الآن الوقت المناسب". ويرى أن الاحتمال ضئيل بأن تشن الولايات المتحدة عملية عسكرية، لكنه يشير إلى تزايد صعوبة التكهن بتصرفات دونالد ترمب الذي ما زال يرفض الاعتراف بهزيمته.
ويضيف: "لو كنت إيران اليوم، لكنت اعتبرت أن ترمب غير متوازن، وغاضب من هزيمته لدرجة أنه قد يبالغ في رد فعله عند أبسط استفزاز".
قرار قابل للعودة
في المقابل، يؤكد الخبراء أن قرار استئناف تخصيب اليورانيوم الذي أعلنته طهران يمكن العودة عنه بسهولة، خصوصًا أن مستوى 20 في المئة بعيد عن أن يكون كافيًا لتطوير سلاح نووي.
وفي هذا السياق، تعتقد كوري هيندرستين من مركز "نوكلير ثريت إنيشتيف" للبحوث أن إيران تحاول تركيز الاهتمام على برنامجها النووي بعد ورود تلميحات من فريق بايدن إلى ضرورة التفاوض على ملفات أخرى مرتبطة بإيران، لا سيما برنامجها للصواريخ البالستية.
وتشدد على أنه مع هذا الإعلان، يريد الإيرانيون أن يشيروا إلى أنهم قادرون على تطوير نشاطاتهم النووية بسرعة، وأنهم يعتقدون أنهم بذلك يمنحون أنفسهم القدرة على حصر نطاق المفاوضات مع وصول الإدارة الاميركية الجديدة. وتردف: "للأسف، لسنا متأكدين من الدوافع وراء القرارات التي اتخذت في أواخر عهد إدارة ترامب" التي "قد تقرر اعتبار الإعلان الإيراني (حول تخصيب اليورانيوم) تصعيدا خطيرا".
بانتظار بايدن
ويعتقد حلفاء ترامب أن إيران ستنتظر وصول بايدن إلى البيت الأبيض. وكشف جاك كين، الجنرال المتقاعد الذي غالبا ما تستضيفه قناة "فوكس نيوز"، أمس الاثنين أنه لا يعتقد بأن الإيرانيين سيفعلون أي شي، وأضاف "لا يريدون فعل أي شيء من شأنه أن يقلل من فرص التفاوض مع الرئيس بايدن الذي يعتمدون عليه لرفع العقوبات".