الخميس 19 Sep / September 2024

تقاطع بين حسابات الرياض واستراتيجية واشنطن.. سيناريوهات الحلّ في اليمن

تقاطع بين حسابات الرياض واستراتيجية واشنطن.. سيناريوهات الحلّ في اليمن

شارك القصة

تُطرَح تساؤلات عن الاعتبارات الإقليمية والتفاهمات الدولية التي رافقت المبادرة السعودية، فضلًا عن سيناريوهات الحل في اليمن في ظلّ احتدام الصراع وتعدد المسارات.

في تقاطع بين حسابات الرياض واستراتيجية الإدارة الأميركية، جاءت المبادرة السعودية للحلّ في اليمن، بهدف إنهاء حربٍ تدور رحاها منذ ست سنوات بين قوات الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي.

ونصّت المبادرة على وقف لإطلاق النار وفتح محدود ومشروط لمطار صنعاء وميناء الحُدَيدة وآلية لاقتسام العائدات الجمركية بين الحكومة والحوثيين، في عرضٍ قبِلت به الشرعية، ورحّب به المجتمع الدولي لكن رفضه الحوثيون، معتبرين السعودية "جزءًا من الحرب في اليمن، لا وسيطًا فيها".

إزاء ذلك، تُطرَح تساؤلات عن الحسابات التي ينطلق منها الحوثيون في رفضهم للمبادرة، وإلى أي مدى تشكّل المبادرة السعودية اعترافًا باستحالة الحل العسكري في اليمن، إضافة إلى الحسابات الإقليمية والتفاهمات الدولية التي رافقت المبادرة، فضلًا عن سيناريوهات الحل في اليمن في ظلّ احتدام الصراع ميدانيًا داخليًا، وتعدّد المسارات إقليميًا ودوليًا.

الردّ الحوثي على المبادرة السعودية لم يتأخّر

في التفاصيل، أكدت مبادرة الرياض التي تضمّنت في جزء منها تفعيلًا لاتفاق ستوكهولم، على بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي برعاية أممية، إضافة إلى فتح مطار صنعاء وإيداع إيرادات سفن المشتقات النفطية من ميناء الحُدَيدة في حساب مصرفي مشترك في البنك المركزي.

لكنّ الرد الحوثي الذي لم يتأخّر كثيرًا، اعتبر أنّ الطرح السعودي لم يأتِ بجديد، مشيرًا إلى أنّه يجب على الرياض وتحالفها إنهاء الغارات والحصار الاقتصادي على مناطقها قبل بدء أي مفاوضات سلام جديدة.

ولا ينفصل هذا عن الموقف الإيراني الذي جاء في ظاهره داعمًا لأي عملية سلام في اليمن، إلا أنّ طهران عدّدت في بيان لوزارة خارجيتها شروطها وحدّدتها من دون التعليق على المبادرة.

موقف إقليمي ودولي مرحّب بالمبادرة السعودية

وعلى عكس ذلك، جاء الموقف الإقليمي والدولي مرحّبًا بالمبادرة السعودية، بدءًا بالولايات المتحدة وبريطانيا، ووصولًا إلى غالبية عواصم الشرق الأوسط ودول الخليج، وكذلك الأمم المتحدة.

من جهته، توجّه المبعوث الأميركي الخاص باليمن الذي سبق وأن لمّح بضرورة إيجاد حل توافقي إقليمي لحل الأزمة، إلى الشرق الأوسط للضغط من أجل قبول خطة وقف إطلاق النار حسب بيان الخارجية الأميركية.

ويبدو أنّ هذه الجولة تأتي بالتنسيق مع المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث للقاء كبار القادة الإقليميين وقيادات من جماعة الحوثي؛ لمناقشة جهود التوصل لاتفاق سلمي.

مسارات السلام في اليمن.. محطات وتواريخ

وإذا كانت المبادرة السعودية تشكّل آخر فصول المسارات السياسية في اليمن، فإنّ هذه المسارات بدأت في عام 2011 بعد انتفاضة شعبية كبيرة ضد نظام علي عبد الله صالح. يومها، استطاعت المبادرة الخليجية بلورة اتفاقية سياسية بمشاركة دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية. وقد ضمنت المبادرة وقتها نظام نقل سلس للسلطة في اليمن، وانتهت فعليًا بانتخابات رئاسية جديدة عام 2012.

بدأت مشاورات الحوار الوطني منذ مارس 2013، وانتهت في يناير 2014، تحت إشراف رئيس البلاد المنتخب عبد ربه منصور هادي، وبمشاركة كافة المكوّنات السياسية الحزبية والمستقلة. وأعلِن في الجلسة الأخيرة عن وثيقة نهائية للحوار.

بعد انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية واندلاع الحرب في اليمن عام 2015 بين الحوثيين والقوات الحكومية، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون عن بدء محادثات جنيف بين الحوثيين والحكومة الشرعية.

إلا أنّ الحكومة المتمركزة في الرياض حينها رفضت، وتمسّكت بضرورة تطبيق القرار الأممي الرقم 2216 والذي يقضي بفرض عقوبات على قيادات في جماعة الحوثي.

نهاية العام نفسه، أعلن عن وقف إطلاق النار مع بدء محادثات جديدة في جنيف برعاية أممية. جرى تبادل للأسرى، إلا أنّ المعارك استمرّت في عدّة محافظات باليمن.

عام 2016، أعلِن عن بدء مفاوضات الكويت برعاية أممية، إلا أنها باءت بالفشل بسبب تمسّك الحكومة الشرعية بتنفيذ القرار الأممي 2216، وأيضًا بسبب تمسّك الحوثيين بتعديلات في قرار مجلس الأمن ووقف غارات التحالف الذي تقوده السعودية.

أواخر عام 2018، أفضت جولة جديدة من مفاوضات إحلال السلام في اليمن برعاية أممية إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين بوقف إطلاق النار سمّي "اتفاق ستوكهولم|، إلا أنه تعثّر.

المبادرة السعودية "جاءت بإيعاز أميركي"

ويعزو أستاذ التنمية الدولية وبناء السلام في معهد الدوحة للدراسات العليا موسى علاية أسباب المبادرة إلى تغيّر الإدارة الأميركية وتفاقم الأزمة الإنسانية داخل اليمن، إضافة إلى ارتفاع التكلفة المادية للحرب.

ويشير علاية، في حديث إلى "العربي"، إلى أن الحرب في اليمن حرب بالوكالة لقوى إقليمية مثل السعودية وإيران وغيرهما، لافتًا إلى أنّ المبادرة السعودية جاءت بإيعاز أميركي ونتيجة لقاءات سرية في عُمان.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ السعودية غير راغبة حقيقةً في إنهاء الحرب اليمنية وإنما تسعى لاستنزاف اليمن، مشدّدًا على أنّ الملفّ اليمني يُناقش ضمن الملفات الإقليمية لأن القوى اليمنية المحلية لا تقدر على ايجاد حل بحكم أنها كلها أدوات للقوى الخارجية.

"لا رغبة" لدى الحوثيين بالسلام في اليمن

من جهته، يعتبر الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أنّ السعودية غير قلقة من مواصلة الحرب، مشيرًا إلى أنّ السعودية تصرفت بصفتها حكمًا في الأزمة اليمنية رغم أن الحرب أصبحت عبثية ولم تحقق أهدافها المتمثلة في إعادة السلطة الشرعية.

ويرى التميمي، في حديث إلى "العربي"، أنّ الحوثيين "ليس لديهم رغبة في السلام"، معتبرًا أنّ "كلّ غرضهم هو السيطرة على اليمن، ولذلك فإن مبادرات السلام كلها ستفشل".

ويخلص إلى أنّ الحلّ الخارجي لن يكون حقيقيًا، "إذا لم يعد للدولة هيبتها وشرعيتها، وتمّ إنهاء دور الميليشيات".

الأزمة اليمنية عمرها 17 عامًا

أما رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام عادل الحميدي، فيرى أنّ الأزمة اليمنية عمرها 17 عامًا، مشيرًا إلى أنّ العامل المشترك فيها هم "الحوثيون".

ويوضح الحميدي، في حديث إلى "العربي"، أنّ سبب الأزمة اليمنية منذ 2004 حتى اليوم يتلخّص بإيران والحوثيين، وليس السعودية.

ويشدّد على وجوب إيجاد حلّ حقيقي، وليس مجرد هدنة، مشيرًا إلى أنّه "لا بدّ أن تمدّ السعودية الجيش اليمني بأسلحة متطورة".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة