أعلنت إسرائيل إلقاء القبض على منفّذي عملية إلعاد، بعد مطاردة استمرت أيامًا وإشارات متواصلة لاستعداد بالاتجاه نحو التصعيد.
على الأثر، اقتحمت قوات الاحتلال قرية الرمانة في جنين بالضفة الغربية، بهدف تحديد منزل عائلتي المنفذين لهدمهما لاحقًا، وفق الإعلام الإسرائيلي.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت عزمه إنشاء حرس وطني مدني مهمته إحباط العمليات المماثلة لعملية إلعاد.
ولم تكن تصريحاته ذات طابع أمني فقط، إذ شملت أيضًا المسجد الأقصى والقدس بتأكيده أن القرارات بشأنهما ستتخذ فقط من قبل الحكومة الإسرائيلية.
ولفت إلى أن تل أبيب لن تأخذ في الحسبان أي حسابات أجنبية تتعلق بهذا الملف، باعتبارها "صاحبة القرار" في المدينة المقدسة التي تعتبر إسرائيل السيادة فيها ملكًا لها، وفق بينيت.
وجاء الرد الرسمي الفلسطيني من الرئاسة والخارجية، حيث شدد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على أن قرارات الشرعية الدولية تؤكد أن القدس الشرقية هي عاصمة لدولة فلسطين.
أما الخارجية الفلسطينية، فاعتبرتها اعترافًا إسرائيليًا رسميًا باستهداف المسجد الأقصى وباحاته والأوقاف الإسلامية الأردنية، وتكذيبًا لما ادعاه أكثر من مسؤول إسرائيلي بشأن حرص دولة الاحتلال على الوضع التاريخي القائم في المسجد الأقصى.
من ناحيتها، أكدت حركة حماس أن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي أمام الاعتداء على حقوقه، مشددة على أن التصريحات الإسرائيلية اعتداء وانتهاك للوصاية الهاشمية على المقدسات واستهتار بالمواثيق الدولية.
"إسرائيل تريد قبول الأردن بما تريده"
تعليقًا على التطورات، يشير محرّر الشؤون الإسرائيلية في "العربي الجديد" نضال وتد، إلى "قراءة إسرائيلية واضحة تعتبر أنه يكفي ما تقوم به إسرائيل، من وجهة نظرها، من حيث تمكين المسلمين والفلسطينيين من الصلاة في المسجد الأقصى".
ويلفت في حديث إلى "العربي" من أم الفحم، إلى أن إسرائيل تريد الآن من الدول العربية، وتحديدًا الأردن، أن يقبل بما تريده هي في المسجد الأقصى المبارك لتمكين جماعات يهودية من الدخول واقتحام المسجد، باعتبار أن هذا هو الوضع القائم الحالي، وأنه يكفي للأردن أن الحكومة الحالية أعادت سخونة العلاقات معه خلافًا لحالة التوتر وموقف الاستعلاء، الذي كان يتخذه بنيامين نتنياهو تجاه المملكة.
وبينما يرى أن الحكومة الإسرائيلية الحالية أكثر تطرفًا من نتنياهو، يؤكد أنها تتلاعب بعلاقاتها مع الأردن وتحاول أن تمن عليه بأن مسؤولين إسرائيليين قاموا برحلات حجيج إليه قبل وخلال شهر رمضان، وأن يكتفي بهذا القدر من الاحترام من حيث أن إسرائيل تلتفت إليه.
ويعتبر أن إسرائيل تريد القول للأردن إنها قد تقبل له بمكانة خاصة معينة في مسألة إدارة شؤون موظفي المسجد الأقصى في دائرة الأوقات الإسلامية التابعة للمملكة الأردنية، لكن في ما يتعلق بالسيادة الفعلية السياسية والدينية ومن يقرر متى تفتح أبواب القدس والمسجد الأقصى، فهي ستبقى متروكة لإسرائيل.
"إسرائيل لا تحترم دور الأردن"
بدوره، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قطر حسن البراري أنه لا يمكن فصل العلاقة الثنائية الأردنية ـ الإسرائيلية عن المسار الفلسطيني، لافتًا إلى أن ما يجري في الأراضي المحتلة ـ ومن بينها القدس ـ يؤثر بشكل مباشرة على هذه العلاقة.
ويذكر في حديث إلى "العربي" من الدوحة، بأن "الأردن لم يطالب بالسيادة على القدس"، موضحًا أن "المادة التاسعة من معاهدة وادي عربة تنص في الفقرة "ب" على احترام إسرائيل الدور الخاص القائم الحالي للأردن في إدارة شؤون المقدسات الإسلامية الموجودة".
ويوضح أن إسرائيل لا تحترم هذا الدور، وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها أن تعيد قواعد اللعبة مع الأردن. ويشير إلى أنها تحدثت عن تقسيم مكاني وزماني للمسجد الأقصى والأماكن المقدسة، وقامت بالاقتحام مرات عديدة.
ويضيف أنه في كل مرة تصبح العلاقات الأردنية ـ الإسرائيلية على المحك، "يستطيع الجانبان أن يصلا إلى تفاهم ما لا يحرج الأردن كثيرًا".
ويتدارك بالإشارة إلى أن التصريح الإسرائيلي هذه المرة موجه إلى المملكة الهاشمية، "كونها الدولة الوحيدة التي تمارس هذا النوع من الرعاية على المقدسات الإسلامية".
ويرى أن "إسرائيل لم تعد تعلي في الكثير من الأمور من شأن العلاقة الأردنية، إلا بما يضمن التبعية الأردنية لإسرائيل".
ويشير إلى أن إسرائيل تعتقد أن هناك تغيرات جيوسياسية في المنطقة، أهمها سيولة التحالفات والتي أخذت شكل التطبيع العربي، متوقفًا عند مقولة إسرائيلية مفادها أن "العرب لا يولون القضية الفلسطينية ذاك الاهتمام الذي يتحدثون عنه في العلن، وربما يشمل ذاك الكلام الأردن".
ويردف بأن "إسرائيل تعتقد بالتالي أنه بإمكانها أن تحرز الاختراقات في الساحة العربية وتقفز فوق الأردن، فبالتالي لم يعد بنفس الثقل في الإستراتيجية الإسرائيلية".
"الأردن في وضع ضعيف"
من ناحيته، يعتبر الباحث في المركز العربي في واشنطن أسامة أبو ارشيد، أن "الأردن في وضع ضعيف وليس في وضع قوي".
ويلفت في حديث إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن الأردن لا يتمتع بحق الوصاية فعليًا بل بدور خاص، خضع لإعادة تعريف عام 2015.
ويذكر بـ"هبة القدس حيث توسط وزير الخارجية الأميركية في حينه جون كيري، ووافق الأردن على واقع جديد في المسجد الأقصى؛ يقوم على أن العبادة تكون للمسلمين داخل الحرم الشريف، أو جبل الهيكل بحسب التعابير التي جاءت في الاتفاق، وأن حق الزيارة يكون لليهود".
ويرى أن "هناك تغيرات حدثت على الرعاية الأردنية أو الدور الأردني، بتوافق أردني إسرائيلي، وهذا ما يضع الأردن في موقف صعب".
ويشير إلى أطراف جديدة دخلت على معادلة القدس؛ الإمارات والسعودية، معتبرًا أن "هذين الطرفين يحاولان إضعاف الدور الأردني في القدس، لأن هناك التزامات أكبر نحو إسرائيل وإعادة تعريف العلاقات الجيوسياسية في المنطقة وإعادة رسم الخريطة الجيو-إستراتيجية".
ويضيف: نحن اليوم أمام واقع جديد يضع الأردن في وضع صعب جدًا، وللأسف لا أظن أنهم يملكون أوراقًا كثيرة، اللهم باستثناء هذه التحركات الفلسطينية الشعبية وحتى الفردية، التي تجعل من ثمن أي اعتداء أو انتهاك أو محاولة لتغيير الواقع داخل القدس والمسجد الأقصى تكلفتها عالية بالنسبة لإسرائيل".
وفيما يلفت إلى أن التعويل يصبح هنا على تدخل دولي أميركي جديد، يذكر بأن "الرئيس الأميركي جو بايدن سيزور إسرائيل الشهر المقبل، ويجري الحديث عن احتمال عقد قمة إقليمية تجمع بعض الزعماء العرب ضمن سياق الاتفاقات الإبراهيمية".