وجدت اللاجئة السورية كوثر رسلان نفسها وحيدة، ولم يبق لها غير رضيعها المولود حديثًا، بعدما فصلها خفر السواحل القبرصي عن باقي أسرتها في عرض البحر، أثناء رحلة هروب من جحيم الحرب في سوريا ومعاناة الفقر في لبنان.
تكفكف اللاجئة السورية دموعها، وهي تقول إنّه لم يعد لديها "حيلة أخرى"، بعدما اختارت سلطات قبرص إعادة زوجها وطفليها إلى لبنان، وفصلها عنهم، غير آبهة بصرخات اللاجئين السوريين وخطر الغرق المحدق بهم على متن قوارب الموت.
وفي الوقت نفسه، تخوض كوثر التي كانت على وشك الولادة عندما حُرمت من أسرتها على سواحل جزيرة قبرص، معركة أخرى، حيث تناشد المعنيّين العمل على "لمّ الشمل"، وتقول: "لم نعد نستطيع العيش في لبنان، ولا في سوريا، ولا خيار آخر أمامنا".
باختصار، تموت كوثر أكثر من مرة وهي على قيد الحياة، مرّة عندما هجّرتها الحرب قسرًا من سوريا، وأخرى عندما طردها الفقر من لبنان، وموت ثالث وليس بالأخير عندما فُصِلت عن أطفالها في عرض البحر على حدود دول تقول إنّها سطّرت مواثيق حقوق الإنسان في العالم.
أسوأ مخيمات اللجوء في العالم
بحسب الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان يوسف سالم، فهذه ليست الحالة الأولى ولن تكون الأخيرة.
ويشير سالم، في حديث إلى "العربي"، من إسطنبول، إلى آلاف من اللاجئين السوريين يعانون في بقاع اللجوء، لافتًا إلى أنّ أسوأ مخيمات اللجوء في العالم اليوم تصنّف في الجزر اليونانية الخمس.
ويتحدّث عن انتهاكات تقع على كل من يركب البحر في قوارب الموت ويصل إلى ضفاف الجزر اليونانية، حيث يجد أنّ خفر السواحل اليونانية يقف له بالمرصاد ضمن عمليات صد عنيفة أوقعت عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى.
بحثًا عن كرامة إنسانية
ويشدّد على أنّ القانون الدولي نظّم وجود اللاجئين في مثل هذه الأوضاع، موضحًا أنّ الاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين لعام 1951 رفضت وحذرت ومنعت أن يتمّ إرجاع من يطلب اللجوء قسرًا.
ويعتبر استنادًا إلى ما تقدم، أنّ الاتفاق الذي جرى بين اليونان ولبنان هو اتفاق يخالف القانون الدولي، وبالتالي فهو اتفاق باطل، مشيرًا إلى أنّ عمليات اللجوء التي تحصل عبر قوارب الموت في البحر هي بحث عن كرامة إنسانية وعن فرصة أخرى.