من المرتقب أن يزور وفد من المحققين الأوروبيين لبنان الشهر المقبل، للبحث في الملفات القضائية المتعلقة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة الملاحق بقضايا تبيض أموال وجرائم مالية في دول أوروبية.
وأفاد مصدر قضائي لبناني أن السلطات اللبنانية تبلغت من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ عبر كتاب رسمي، أن وفدًا قضائيًا من هذه الدول سيزور بيروت بين الأسبوع الثاني والثالث من الشهر المقبل.
وأوضح أن الوفد سيضم مدعين عامين وقضاة تحقيق ماليين أوروبيين لاستكمال التحقيقات في قضايا مالية مرتبطة بالحاكم رياض سلامة.
وأضاف المصدر القضائي أن لبنان يعتمد الآليات القانونية في التحقيق وأن أي مواجهة بين سلامة والمحققين يجب أن تخضع للقوانين اللبنانية.
وقبل أشهر، جمّدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية في إطار تحقيقات حول سلامة في قضايا تبييض أموال واختلاس في لبنان.
"جرائم مالية"
وفي هذا الإطار، أشارت مراسلة "العربي"، من بيروت جويس الحاج خوري إلى أن هناك اتفاقيات قضائية موقعة بين لبنان وعدد من الدول من بينها على سبيل المثال فرنسا، وهي إحدى الدول التي ستوفد محققين إلى بيروت الشهر المقبل، لمتابعة التحقيقات في ملفات وجرائم مالية كانت قد فتحت في عدد من العواصم الأوروبية.
وأضافت أن جهات قضائية لبنانية تعمل مع جهات أوروبية على ملاحقة رياض سلامة فيما يتعلق بالجرائم المالية.
وتابعت مراسلتنا أن الجانب اللبناني سيكون هو المخول على الأراضي اللبنانية بإجراء التحقيقات، مشيرة إلى أن هذه العملية بحسب الاتفاقيات الموقعة يمكن أن يحضرها محققون أوروبيون.
تقرير يتهم رياض سلامة بغسيل الأموال وممارسات فساد، التفاصيل 👇#لبنان pic.twitter.com/bGZPYOrmqO
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 3, 2021
وأردفت أن الأخبار التي يتم تسريبها عن أن المحققين الأوروبيين سيعملون بمعزل عن السلطات القضائية اللبنانية وبأن الرسالة التي وصلت إلى لبنان هي فقط رسالة تبليغ، ليست دقيقة بالمعنى القضائي أو القانوني، خصوصًا وأن لبنان لديه استقلالية فيما يتعلق بالتحقيقات المرتبطة بمواطنيه إن كانوا على الأراضي اللبنانية أو خارجها.
وتابعت مراسلة "العربي"، أن بعض الاتفاقيات الدولية ستسمح للمحققين الأوروبيين بالمشاركة في التحقيقات التي ستجري في لبنان، مشيرة إلى تكتم شديد في هذا الإطار من قبل المصادر القضائية اللبنانية.
قضية "رياض سلامة"
ويواجه سلامة شكاوى كثيرة ضده في لبنان ودول أوروبية، لكنه طالما نفى الاتهامات الموجهة إليه، معتبرًا أن ملاحقته تأتي في سياق عملية "لتشويه" صورته.
وتحقق سويسرا منذ نحو عامين بعمليات اختلاس أموال "تضر بمصرف لبنان" يُشتبه بوقوف سلامة وشقيقه خلفها وقُدرت بأكثر من 300 مليون دولار.
قوات الأمن تداهم منزل حاكم مصرف #لبنان رياض سلامة، بعد امتناعه عن المثول أمام القضاء pic.twitter.com/D9gTxr22o7
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) July 19, 2022
ومنذ يوليو/ تموز 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجه بداية الشهر الحالي لامرأة أوكرانية مقربة منه اتهامات بينها غسل أموال واحتيال ضريبي.
وفي 28 مارس/ آذار 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه بتهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".
وفي لبنان، يواجه سلامة قضايا عدة بينها تحقيق محلي بشأن ثروته بناء على التحقيق السويسري، إلا أنها لم تصل إلى أي نتيجة.
ورغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر بحقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهدًا في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو/ أيار 2023.
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي في 2019 وفقدان الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها، يتعرض سلامة لانتقادات حادة لسياساته النقدية باعتبار أنها راكمت الديون.
لكنه دافع مرارًا عن نفسه قائلًا: إن المصرف المركزي "موّل الدولة، ولكنه لم يصرف الأموال"، محملاً المسؤولين السياسيين مسؤولية الانهيار.