Skip to main content

أقطاب متعددة.. أي ملامح للأحلاف الدولية في زمن الحرب على أوكرانيا؟

السبت 25 فبراير 2023

تشهد الساحة الدولية بشكل متسارع ودون أي مهادنة استقطابًا دوليًا يزداد حدة وشراسة، عنوانه التحالف والتنافس بين القوى الكبرى.

ملامح هذا الاستقطاب آخذة في الاتضاح والتبلور منذ مدة، أي أن شرارته سبقت بالتأكيد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا قبل عام. 

في غضون ذلك، يقول باحثون إن هذه الحرب في العلاقات الدولية لم تكن سوى شرارة لهذا الاستقطاب، وإن كانت مسؤولة عن تعميقه وتسريعه وجعله أكثر حدة.

برأيهم، هي أجواء الحرب البادرة بامتياز مع فرق بسيط مفاده وجود أكثر من رأسين لهذا الاستقطاب: الولايات المتحدة وحلفاؤها، مقابل روسيا والصين. 

فلا تخفي الإدارة الأميركية قلقها العميق من التقارب المتزايد بين بكين وموسكو، والذي يرى باحثون أن هدفه مواجهة توغل الولايات المتحدة والناتو في مناطق عدة من العالم؛ أبرزها شرق أوروبا وجنوب آسيا وشرقها علاوة على إفريقيا.

"ولّى بلا رجعة"

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال صراحة إن عهد الأحادية القطبية ولّى بلا رجعة، رغم مختلف المحاولات لبلورته. 

مقابل ذلك، تسعى دول غربية إلى استمالة قوى إقليمية ودولية صاعدة، غير أن السمة الكبرى لتحالفات واستقطابات القرن الحادي والعشرين، وفق خبراء في العلاقات الدولية، هي هشاشة الأحلاف الإقليمية والدولية ومرونتها.

يعني ذلك أن الولاء للحلف ليس مطلقًا ولا علاقة له بالإيديولوجيا، بل تحكمه المصالح الإستراتيجية والتكتيكية المتغيرة في كثير من الأحيان. 

ويفسر ما تقدم على سبيل المثال، أن تماسك الناتو يبدو أقل من حقبة الحرب الباردة في ظل وجود نزعات متمردة عدة في داخله، إحداها تركيا والأخرى أوروبية ما انفكت تطالب ببلورة هيكل دفاعي أوروبي محض.

"واقع يمثل المستقبل"

في هذا السياق، يلفت الباحث في معهد "كاتو" للدراسات دوغ باندو، إلى كل من العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، والعلاقة بين روسيا والصين من جهة أخرى.

ويشير في حديثه إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن "بكين وبالرغم من الحرب أوضحت بجلاء أن صداقتها مع موسكو لا تزال قائمة".

إلى ذلك، يوضح أن "واشنطن وأوروبا اندهشتا من أن دولًا أخرى لم تكن مستعدة لأن تتفق معهما".

ويذكر أن "الدول في جنوب العالم أظهرت أن لديها مجموعة خاصة من المصالح، ولن تسمح بأن يفرض عليها الاختيار بين الولايات المتحدة وأوروبا من ناحية، وروسيا أو أي دولة أخرى من جهة ثانية".

ويقول إن "هذا الأمر على واشنطن وبروكسل أن يعيشا ويتعايشا معه، لأنه يمثل المستقبل".

"تشكل أقطاب جديدة"

بدوره، يقول المحلل السياسي أندريه أونتيكوف إن "العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مستمرة، ولا نعلم كيف ستنتهي".

ويرى في حديثه إلى "العربي" من موسكو، أنه في حال انتصرت روسيا فسيعني ذلك إنهاء الهيمنة الأميركية، أي العالم أحادي القطب. ويشير إلى أنه في حال فشلت روسيا، فسيتم إثبات الهيمنة الأميركية بشكل كامل حول العالم.

ويسأل: "هل ستتجرأ الصين على سبيل المثال على بدء عملية عسكرية مشابهة في تايوان، في حال فشلت روسيا؟، بطبيعة الحال لا".

ويؤكد في الوقت نفسه أن بكين لا يمكن أن تسمح لواشنطن بأن تفرض على روسيا "الهزيمة الإستراتيجية" وفق قول أميركا، عازيًا ذلك إلى أن الصين ستكون - في حال فشلت روسيا - وحيدة أمام التحالف الواسع المؤلف من الولايات المتحدة والناتو.

ويضيف: نرى تشكل هذه الأقطاب الجديدة رويدًا رويدًا؛ التقارب الروسي مع الصين ومع دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية، مقابل هذا الحلف واسع النطاق وعلى رأسه الولايات المتحدة. 

"للهند القدرة على اتخاذ مسارها"

من جانبه، يتحدث الباحث السياسي محمود عاصم عن الموقف الهندي منذ الاستقلال، لافتًا إلى أنها لعبت دورًا كبيرًا في حركة عدم الانحياز، لكنها تضع الآن مصالحها الاقتصادية والوطنية أولًا. 

ويوضح في مداخلته عبر "العربي" من نيودلهي، أن "الهند في حالة الحرب الروسية الأوكرانية تقول دائمًا إنه لا بد للحل أن يكون سلميًا وعن طريق الحوار، وأن الحرب ليست هي الخيار".

ويذكر بما قاله رئيس وزراء البلاد في قمة شنغهاي بحضور الرئيس الروسي، من أن الحرب ليست هي الخيار، لافتًا في الآن عينه إلى أن نيودلهي اشترت النفط الروسي ونظام صاروخ "إس 400" من موسكو، رغم تهديدات واشنطن بفرض عقوبات.

ويؤكد أن لدى الهند الآن القدرة على اتخاذ مسارها على الصعيد الدولي، وعلى ألا تتحالف من أي من الأقطاب روسيا أو الولايات المتحدة.

المصادر:
العربي
شارك القصة