الجمعة 27 Sep / September 2024

عيد العمال في فرنسا.. صدامات بين الشرطة ومتظاهرين ضد إصلاح نظام التقاعد

عيد العمال في فرنسا.. صدامات بين الشرطة ومتظاهرين ضد إصلاح نظام التقاعد

شارك القصة

تقرير لـ"العربي" حول صدور قانون التقاعد الجديد في الجريدة الرسمية الفرنسية بعد توقيع ماكرون عليه وسط احتجاجات شعبية (الصورة: غيتي)
وقعت صدامات بين الشرطة الفرنسية ومتظاهرين ضدّ إصلاح نظام التقاعد نزلوا إلى الشوارع بمناسبة عيد العمال اليوم الإثنين.

نزل مئات الآلاف إلى شوارع فرنسا الإثنين بمناسبة عيد العمال للاحتجاج على إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس إيمانويل ماكرون، في تظاهرات تخللتها في باريس خصوصًا صدامات بين الشرطة ومتظاهرين.

وأفادت الأمينة العامة للاتحاد العمالي العام صوفي بينيه أن نسبة المشاركة "في هذا الأول من مايو/ أيار هي من الأكبر" في تاريخ عيد العمال في البلاد.

بدوره، اعتبر الأمين العام لـ"الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل" لوران بيرجيه أن "نسبة التعبئة كبيرة جدًا".

اضطرابات في حركة الملاحة

لكن هذه المشاركة، على أهميتها، تظل أقل بكثير مما كانت النقابات تعول عليه، إذ إنها كانت تترقب مشاركة أكثر من مليون ونصف المليون متظاهر في عموم فرنسا، وفق وكالة فرانس برس.

وإذا كانت نسبة المشاركين في تظاهرات عيد العمال هذه السنة أتت أكبر من السنوات السابقة، إلا أن الواقع أثبت أن "موجة التسونامي" البشرية التي كانت النقابات تتوقعها لم تتحقق.

وفي ستراسبورغ (شرق) قدرت الشرطة عدد المشاركين بـ8700 متظاهر، بينما قدرت النقابات أنهم 15 ألفًا، وفي ليل (شمال) تباين العدد بين 7300 متظاهر وفق الشرطة و15 ألفًا وفق النقابات.

وفي مرسيليا (جنوب) كان العدد 11 ألفًا وفقًا للشرطة مقابل 130 ألفًا وفقًا للنقابات، وفي تولوز (جنوب غرب) كان عدد المتظاهرين 13.500 وفقًا للشرطة و100 ألف وفقًا للنقابات، أما في كليرمون فيران (وسط) تراوح العدد بين 14 ألفًا وفقًا للشرطة و25 ألفًا وفقًا للنقابات.

وبحسب تقديرات السلطات، فإن ما بين 500 ألف إلى 650 ألف متظاهر نزلوا إلى الشوارع في عموم أنحاء البلاد، بينهم ما بين 80 و100 ألف متظاهر في العاصمة باريس حيث دارت صدامات بين الشرطة ومحتجين.

وشهدت حركة الملاحة الجوية اضطرابات، بسبب هذا اليوم الاحتجاجي الجديد مع إلغاء ما بين 25 و33% من الرحلات في عدد من أكبر المطارات الفرنسية.

ويتوقع أن تتواصل هذه الاضطرابات في مطار باريس-أورلي يوم الثلاثاء أيضًا.

"وحدة نقابية"

أما على الأرض، فلسان حال المتظاهرين كان تصميمهم على الاستمرار في الاحتجاج إلى أن يتراجع ماكرون عن إصلاحه المثير للجدل.

وقالت سيلين بيرتوني (37 عامًا) وهي أستاذة في علم الاقتصاد في جامعة كليرمون: إنها شاركت حتى اليوم في ستة إضرابات عن العمل احتجاجًا على هذا الإصلاح الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا.

من جهته، رأى الأمين العام لنقابة "القوى العاملة" (أف أو) فريديريك سويو أن "عيد العمال هذا العام يأتي في ظل وحدة نقابية، ولا شيء غير ذلك، وهذا أمر تاريخي"، وذلك وفق ما أوردت صحيفة "لو جورنال دو ديمانش".

صدامات بين الشرطة الفرنسية متظاهرين ضد إصلاح نظام التقاعد
صدامات بين الشرطة الفرنسية متظاهرين ضد إصلاح نظام التقاعد - غيتي

وتعود المرة الأخيرة التي خاضت فيها النقابات الثماني الرئيسية في فرنسا تحرّكًا مشتركًا، إلى العام 2009 في مواجهة الأزمة المالية العالمية. وقدر الاتحاد العمالي العام (سي جي تي) في حينه عدد المشاركين بمليون و200 ألف شخص، بينما اقتصرت تقديرات الشرطة على 456 ألفًا.

وفي 2002، نزلت النقابات إلى الشارع في مواجهة جان-ماري لوبن زعيم اليمين المتطرف الذي بلغ الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية. وراوحت تقديرات عدد المشاركين في تلك التحركات ما بين 900 ألف، ومليون و300 ألف شخص.

وفي العاصمة باريس انطلقت التظاهرة المركزية في قرابة الساعة 14:00 (12:00 توقيت غرينتش) من ساحة "لا ريبوبليك" باتجاه ساحة "لا ناسيون".

وكان نقابيون من مختلف أنحاء العالم أعلنوا عزمهم المشاركة في هذه المسيرة.

وفي أثينا شارك في تظاهرة عيد العمال المركزية وفد يضم حوالي 10 أفراد من الاتحاد العمالي العام الفرنسي، وذلك بدعوة من نقابة العمال اليونانية الشيوعية "بامي".

وقال ماتيو بول-ريدا وهو أحد المشاركين في هذا الوفد لوكالة فرانس برس: إنه "من أثينا إلى باريس، نحن نعاني من نفس المشاكل ونحن بحاجة لتنسيق كفاحنا لاستعادة ما سُلب منّا على مدار السنوات العشرين الماضية".

وتوقعت السلطات الفرنسية نزول ما بين ألف إلى ألفين من الأشخاص الذين يشكلون "خطرًا"، وفقًا لمصادر في الشرطة.

والإثنين، أصدرت المحكمة الإدارية في باريس بناء على مراجعة رفعتها منظمات تدافع عن الحريات الأساسية، ونقابات تمثل محامين وقضاة، حُكمًا صادقت بموجبه على قرار أصدرته محافظة باريس، ويسمح للشرطة باستخدام طائرات بدون طيار لمراقبة الحشود.

100 يوم من التهدئة

ويمثل عيد العمال هذا العام اليوم الثالث عشر من التحركات الوطنية الشاملة ضد تعديل نظام التقاعد المثير للجدل والذي لقي معارضة واسعة من شرائح مختلفة في المجتمع الفرنسي.

وقوبل تعديل ماكرون الذي ينص خصوصًا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا، باحتجاجات زادها غضبًا قرار الرئيس منتصف أبريل/ نيسان، تمرير التعديل بموجب آلية دستورية بدون طرحه على التصويت في الجمعية الوطنية لعدم توافر غالبية مؤيدة له.

ولا يزال الغضب حاضرًا في الشارع، كما في استطلاعات الرأي التي تظهر تراجعًا كبيرًا في شعبية ماكرون. إلا أن مصادر الحكومة الفرنسية تبدو راغبة في الاقتناع بأن ذروة التحركات المناهضة لهذا التعديل باتت وراءها، وبأن تظاهرات الأول من مايو قد تشكل إيذانًا ببدء طيّ هذه الصفحة.

وفي خطاب بعيد إقرار تعديل نظام التقاعد، تحدث الرئيس الفرنسي الذي أعيد انتخابه العام الماضي لولاية جديدة، عن مهلة "مئة يوم" للقيام بمشاريع جديدة والتهدئة بعد سلسلة تحركات احتجاجية في الأعوام الماضية.

والأربعاء، قدمت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن خريطة طريق لخطة التهدئة والتحركات من "مئة يوم"، تتضمن مجموعة واسعة من الإجراءات "الملموسة"، ليس بينها مشروع قانون للهجرة.

وأكد مكتب رئيسة الوزراء أنها تعتزم دعوة النقابات "الأسبوع المقبل"، في خطوة يبدو أنها قد تثير انقسامات.

وفي حين أعلن الأمين العام للاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل (سي أف دي تي) لوران بيرجيه أن نقابته "ستذهب للنقاش" مع بورن في حال تمت دعوتها، شددت الأمينة العامة للاتحاد العمالي العام صوفي بينيه على أن النقابات ستتخذ القرار "سويًا" بهذا الشأن صباح الثلاثاء.

وسعى الأمين العام لنقابة "القوى العاملة" (أف أو) فريديريك سويو الى التقليل من شأن هذه التباينات، مؤكدًا أنّ الوحدة النقابية "لم تضعف".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
Close