أحد أسباب قصر النظر.. كيف يضر التحديق بالشاشات بالعينين؟
أصبح استخدام الشاشات الإلكترونية نشاطًا يوميًا، فغالبًا ما تكون أعيننا مثبتة على شاشات الكمبيوتر والهواتف والتلفزيون المتوهجة لأجزاء كبيرة من اليوم، سواء للعمل أو الدراسة أو الترفيه.
لكنّ هذا الأمر الذي قد يبدو روتينيًا وبديهيًا، يمكن أن يترك آثارًا وتداعيات صحية كبيرة على العين، ما قد يفاقم مشاكل البصر، وفق ما تشير بعض الدراسات.
فما الذي يحذر منه الخبراء تحديدًا؟ وكيف يؤثر التحديث بالشاشات على العين؟ وهل من وسائل وقائية؟
سبب لقصر النظر
قد تكون الشاشات أحد أسباب قصر النظر، الذي يعد من أشكال ضعف النظر حيث يرى الشخص الأشياء القريبة بشكل جيد من دون أن يتمكن من رؤية الأشياء البعيدة بالكفاءة نفسها.
وفي هذا السياق، ينقل موقع "لايف سينس" عن نعمة غرباني مجرد، الأستاذ المساعد في جامعة برادفورد في بريطانيا، قوله:"لقد ولدنا طويلي النظر"، ما يعني أن الأطفال يميلون إلى رؤية الأشياء البعيدة بشكل أكثر وضوحًا من الأشياء القريبة.
ويضيف: "بينما ننمو، تستجيب أعيننا للبيئة البصرية والإشارات الجينية للوصول إلى الرؤية المثالية".
ويوضح أنه لدى الأشخاص الذين يعانون من قصر النظر، تفشل العين في إيقاف عملية التكيف هذه، و"تستمر العين في النمو في الطول"، مما يزيد من المسافة بين عدستها والشبكية الحساسة للضوء في الجزء الخلفي من العين.
كيف يؤثر التحديق بالشاشة على العين؟
يشير الأستاذ المساعد في جامعة برادفورد في بريطانيا إلى أن الانخراط بشكل متكرر في العمل عن قرب، بما في ذلك العمل الذي يستخدم الشاشات، هو عامل يمكن أن يؤدي إلى هذا التغيير الضار.
ويشرح أنه عندما نركز على شيء قريب، تنقبض عضلات العين الهدبية - التي تضبط شكل العدسة - مما يمنح العدسة شكلًا أكثر كروية لتركيز الصورة على شبكية العين.
ويمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام العضلات الهدبية إلى زيادة سماكتها، مما يضعف قدرة العين على ارخاء العدسة مرة أخرى واستعادة الشكل مسطح.
ويمكن أن يؤدي هذا إلى إطالة مقلة العين، مما يسبب تغييرات دائمة في بنيتها وقدرتها على تركيز الضوء على شبكية العين. فعند النظر إلى الأشياء البعيدة بعيون ممدودة، تنتهي نقطة تركيز الشخص "أمام" شبكية العين، مما يجعل الأشياء تبدو ضبابية.
وعندما نستخدم الشاشات، فهي عادة ما تكون قريبة من وجوهنا، ولهذا السبب يمكن أن يساهم الاستخدام المفرط للشاشات في تطور قصر النظر.
الأطفال عرضة للخطر
وما تجدر الإشارة إليه أنه يمكن أن يشكل استخدام الشاشة خطرًا أكبر على الأطفال، الذين لم تتطور أعينهم بشكل كامل بعد.
فقد وجد التحليل التلوي لعام 2021 لأكثر من 3000 دراسة منشورة في مجلة "لانسيت ديجيتال هيلث" (Lancet Digital Health) وجود علاقة مهمة بين الوقت الذي يمضيه الشباب أمام الشاشة وقصر النظر لديهم.
كما وجدت دراسة أخرى، نُشرت في مجلة "بي أم جاي أوبن" (BMJ Open) في عام 2022، أن زيادة استخدام الأجهزة الرقمية للتعلم عن بعد أثناء جائحة كوفيد-19 تسبب أو أدى إلى تفاقم الاضطرابات البصرية لدى الأطفال، بما في ذلك التقدم السريع لقصر النظر.
وكان الاختصاصي في الطب وجراحة العيون د. طارق الألوسي قد شرح في حديث إلى "العربي" من الرباط أن الصورة لا تتركز على سطح الشبكية في حالة قصر النظر. وأوضح أنه بالإضافة إلى التحديق في الشاشات فإن أسباب وراثية وأخرى مرضيية تسبب قصر النظر.
ويشير إلى أن قصر النظر الوراثي يظهر قبل سن الثلاث سنوات. ويؤكد أن العمل أمام الحاسوب قد يولد قصر نظر خفيف قد يتحول لمرض حاد.
خطر متفاقم
ويبدو أن مشكلة قصر النظر قد تتفاقم، فبحلول عام 2050، يمكن أن يعاني نصف سكان العالم من قصر النظر، وقد تصبح هذه الحالة سببًا رئيسيًا للعمى الدائم على مستوى العالم، كما تنبأت دراسة أجريت عام 2016 بناءً على مراجعة للدراسات حول الانتشار المتغير لقصر النظر.
ويمكن أن يسبب قصر النظر العمى الدائم لأنه عامل خطر لحالات العين الأخرى. وجدت دراسة أجريت عام 2019 في مجلة "كوميونيتي أي هيلث" (Community Eye Health) أن خطر الإصابة بالضمور البقعي قصير النظر - وهي حالة يمكن أن تؤدي إلى فقدان البصر بشكل دائم- يرتفع مع زيادة شدة قصر النظر.
كما يصبح انفصال الشبكية أيضًا أكثر احتمالًا بخمسة إلى ستة أضعاف لدى الأشخاص الذين يعانون من قصر النظر المرتفع مقابل قصر النظر المنخفض، مما يعني قصر النظر الشديد مقابل الخفيف.
وتوصي منظمة الصحة العالمية "WHO" بما لا يزيد عن ساعة واحدة يوميًا أمام الشاشات للأطفال دون سن 5 سنوات، وبعدم تعرض الأطفال الذين لم يكملون عامهم الأول للشاشات.