الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

نقص الأدوية والرعاية الطبية.. أوجاع اللاجئين السودانيين تتفاقم في تشاد

نقص الأدوية والرعاية الطبية.. أوجاع اللاجئين السودانيين تتفاقم في تشاد

شارك القصة

وزير الصحة السوداني يتحدث لـ"العربي" عن واقع القطاع الصحي في ظل الحرب (الصورة: إكس)
تتوقع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يعبر 200 ألف نازح إضافي من السودان الحدود إلى تشاد، وسط غياب أفق الحل السياسي للأزمة في بلدهم.

وسط تواصل الحرب في بلدهم بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أربعة أشهر ونصف دون أفق لوقف القتال، تتواصل معاناة مئات آلاف السودانيين الذين فروا من الحرب إلى تشاد حيث وجدوا الأمان في أكواخ هشّة في مناطق صحراوية، لكنّهم باتوا أمام تحدٍّ لا يقلّ صعوبة هو إيجاد الرعاية الطبية والأدوية للبقاء على قيد الحياة.

في مدينة أدري في شرق تشاد الحدودية مع غرب السودان، يشكو المعمّر آدم موسى باخت الذي يقول إنه يبلغ من العمر 108 أعوام، من صعوبة إيجاد العلاجات الطبية التي يحتاج إليها.

معاناة كبيرة يواجهها الفارون من السودان

ويقول السوداني الذي ارتدى جلبابًا أبيض اللون: "أعاني من مرض السكري والربو... ولم أجد (حتى الآن) سوى حقنة لتسكين الآلام".

واندلع منذ 15 أبريل/ نيسان نزاع دامٍ بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أسفر عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص ونزوح 4,6 ملايين داخل البلاد وخارجها.

ولجأ نحو 200 ألف شخص غالبيتهم من النساء والأطفال والمسنّين، من السودان إلى مدينة أدري.

وبعدما اضطر كثيرون منهم إلى السير مسافات طويلة والمخاطرة بعبور الحدود مشيًا لبلوغ برّ الأمان، بات هؤلاء أمام تحدٍّ يومي هو تأمين متطلبات الحياة في ظل غياب مرافق الصرف الصحي واقتصار العناية الطبية على عيادات ميدانية.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة تزامنًا مع موسم الأمطار، يتعيّن على اللاجئين مواجهة الأمراض إلى جانب النقص في المواد الغذائية ومياه الشرب.

وأبدت منظمة أطباء بلا حدود قلقها من "تزايد حالات الإصابة بالملاريا مع موسم الأمطار في تشاد"، مشيرة إلى "تعرّض اللاجئين بشكل متزايد لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا".

نقص الأدوية

وأكد اللاجئ مزمل سعيد (27 عامًا) الذي تطوّع في المستشفى الميداني لمساعدة اللاجئين خصوصًا المسنّين والنساء والأطفال، استقبال من 100 إلى 300 مريض وأكثر يوميا لأن الأمراض كثيرة، وفق قوله.

وفي المستشفى الذي أقامته منظمات الإغاثة، وضعت الأسرّة البيضاء على الأرضية الرملية بشكل شبه متلاصق، بينما نصبت جدران مصنوعة من المشمع وسعف النخيل، واستحالت الأواني المعدنية معدات طبية. أما توافر الأدوية فهو رهن التبرعات والمساعدات.

وحذّر سعيد من أن عمل المستشفى الميداني مهدّد "بالتوقف لأن الدواء غير متوفر بصورة أساسية"، ومضى يقول: "نحتاج لدعم كامل بالنسبة للدواء".

لا توفّر السوق خارج أماكن استقبال اللاجئين بالضرورة ما هو مفقود داخلها، بل إن حظوظ إيجاد الأدوية متوازية نظرًا لأن تشاد هي ثالث أقل البلدان نموًا في العالم وفقًا للأمم المتحدة، ونظامها الصحي هشّ أساسًا.

وتحذّر المنظمات الإنسانية من مخاطر تزايد الأمراض وسط اللاجئين.

ورجحت "أطباء بلا حدود" ارتفاع هذا الخطر في غياب المياه النظيفة، حيث "يبدأ الناس في الاصطفاف للحصول على المياه من الساعة الثانية صباحًا".

وأشارت الطبيبة المتطوعة في عيادة مركز استقبال النازحين في أدري نور الشام الهادي إلى أن من أكثر الحالات التي تتردد عليهم هي حالات الملاريا والتهاب العيون وأمراض الجهاز التنفسي وأيضًا حالات سوء التغذية.

تتوقع المنظمة الدولية أن يعبر 200 ألف نازح إضافي من السودان الحدود إلى تشاد - اليونسيف
تتوقع المنظمة الدولية أن يعبر 200 ألف نازح إضافي من السودان الحدود إلى تشاد - اليونسيف

وأضافت الطبيبة التي تبلغ من العمر 28 عامًا "تحتاج هذه العيادة إلى توسعة لأن عدد المرضى كبير". إضافة إلى الأمراض، يشكّل سوء التغذية مصدر قلق رئيسيًا.

وقد حذّرت الأمم المتحدة من انتشار وفيات الأطفال داخل المخيمات، مشيرة إلى أن العشرات دون سنّ الخامسة قضوا بسبب سوء التغذية.

وأودى الجوع بـ500 طفل على الأقل داخل السودان منذ بدء النزاع الذي دفع "أكثر من 20 مليون شخص إلى جوع حاد"، وفق برنامج الأغذية العالمي.

وفي ظل الحرب الحالية، يؤكد العاملون في منظمات الإغاثة أنهم لم يتلقوا سوى ربع احتياجاتهم التمويلية.

نقص التمويل الدولي للسودان

وفي هذا السياق، ذكرت الأمم المتحدة أنها وافقت على تمويل إضافي بـ20 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في السودان الذي يشهد حربًا خلفت مئات القتلى وعشرات آلاف النازحين.

وضمن هذه الجزئية أكد وزير الصحة السوداني هيثم محمد إبراهيم، في حديث سابق لـ "العربي" من بورتسودان، يوم أمس الخميس، أن "عدد سكان السودان 42 مليون شخص وهم بحاجة إلى مساعدات طبية واستمرارها، لذلك فإن التقديرات المالية للنظام الصحي حتى نهاية العام الجاري تقدر بـ 60 مليون دولار لتغطية الحاجة المطلوبة".

وما يزيد الأمور سوءًا هو أن السواد الأعظم من اللاجئين السودانيين كانوا يعانون في الأساس من نظام رعاية صحية هش في إقليم دارفور الحدودي مع تشاد، حيث يعيش ربع سكان السودان البالغ عددهم نحو 48 مليون نسمة.

وحتى قبل حرب السودان، كانت تشاد تستقبل عشرات آلاف النازحين من الكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى 410 آلاف لاجئ من السودان انتقلوا إليها بعد اندلاع النزاع في دارفور عام 2003 والذي امتد لعقدين.

ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تجاوز عدد السودانيين الذين لجأوا إلى تشاد منذ بدء النزاع الحالي بين الجيش وقوات الدعم السريع، عتبة 380 ألف شخص.

وتتوقع المنظمة الدولية أن يعبر 200 ألف نازح إضافي من السودان الحدود إلى تشاد، في ظل غياب أيّ مؤشر على احتمال تراجع أعمال العنف في بلادهم.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - أ ف ب
تغطية خاصة
Close