مع الإعلان عن موعد الانتخابات الفلسطينية، التشريعية والرئاسية، عادت الأجواء التي سادت خلال الانتخابات الأخيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية، وتحديداً الخاصة بالرئاسة التي أجريت في عام 2005. خلال تلك الفترة شهدت حركة فتح انقساماً حادّاً بين مكوناتها القيادية، وخصوصاً مع تسريب القيادي الفتحاوي الأسير، مروان البرغوثي، نيته الترشّح للرئاسة، وهو ما أثار موجة عاصفة ضد البرغوثي من قبل قياديين أساسيين في الحركة، بعدما تم الاتفاق على أن يكون محمود عباس (أبو مازن) المرشح الوحيد للحركة. نتذكر في تلك المرحلة كيف تناوب مسؤولون في حركة "فتح"، ومن بينهم للمفارقة فاروق القدومي الذي يعد من المعارضين التاريخيين لأبو مازن ومسار أوسلو، ليحذروا البرغوثي من الترشح والتشكيك بنواياه.
المشهد نفسه يتكرّر اليوم، لكن بدرجة أكثر جدية، خصوصاً أن البرغوثي لم يسرب نيته الترشح للانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقررة في 31 يوليو/تموز من العام الحالي فحسب، بل أعلن ذلك صراحة، وزاد عليه التلويح بطرح قائمة "ظل" فتحاوية في الانتخابات التشريعية المقررة في 22 مايو/ أيار المقبل، في حال لم تستجب قيادة الحركة لشروطه التي حددها خلال لقائه مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، حسين الشيخ، الذي زاره في الأسر، وفي مقدمتها أن يشارك في وضع الأسماء في قائمة "فتح" التي ستترشح للانتخابات التشريعية. وبحسب ما ذكرت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، فقد كان لقاء الشيخ والبرغوثي عاصفاً، ما يوحي بأن الحركة ورئيسها لن يتجاوبا مع مطالب القيادي الفتحاوي الأسير.
المشهد، وإن كان مشابهاً لما حدث في 2005 من حيث الشكل، إلا أنه أشد خطورة بفعل التغييرات التي شهدتها الساحة الفلسطينية عموماً، والفتحاوية خصوصاً، خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، وفي مقدمها حالة الانقسام الفلسطيني المستمر والانشقاقات في حركة "فتح" التي يقودها القيادي المفصول محمد دحلان.