Skip to main content

الأفيون لتهدئتهم.. أغرب طقوس تربية الأطفال على مرّ التاريخ

الجمعة 19 يوليو 2024
أغرب نصائح تربية الأطفال في الماضي – "هيستوري فاكتس"

لا شك أن تربية الأطفال وظيفة شاقة منذ بزوغ البشرية، لكن بينما يمتلك الآباء والأمهات في عصرنا الحديث وسائل غير محدودة للحصول على موارد وأدوات تساعدهم في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات وغيرها، إلا أن النصائح حول تربية الأطفال كانت مختلفة وغريبة لقرون عديدة.

فقبل أن تصبح نصائح التربية أكثر انتشارًا خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين مع تطور الأبحاث والدراسات، كانت معظم النصائح حول رعاية الرضع والأطفال موجهة أخلاقيًا، لا علميًا.

ونتيجة لذلك، فإن هذه النصائح غالبًا ما تبدو غريبة أو حتى مثيرة للرعب بمقاييسنا المعاصرة، وذلك من إعطاء الأطفال الكحول إلى دهن جلد الرضع بالشحم وحرمان الأطفال الأكبر سنًا من الوجبات الخفيفة.

الأفيون يبعد الدموع

إعطاء الرضع الأفيون والكحول لتهدئتهم – "هيستوري فاكتس"

 في عصر قبل الطب القائم على الأدلة، كان الآباء والأمهات يعتمدون غالبًا على علاجات مشكوك فيها لعلاج الأمراض الشائعة للأطفال.

فوفق موقع "هيستوري فاكتس" كان يُعطى للرضع في القرن 19 لا سيما في الولايات المتحدة، مواد مثل شراب Stickney and Poor’s Pure  و Godfrey’s Cordial لتتخلص من الغازات وتهدئة ألم التسنين وعلاج العصبية غير المفسرة. أما المكونات السرية لهذه الشرابات فكانت: الكحول والأفيون. 

فقد كان مصنعو هذه الشربات يسوقون لها على أنها وسيلة لتهدئة الأطفال الصغار، ومساعدة للحفاظ على النظافة الفموية، وتخفيف الإمساك، وعلى أنها مناسبة للرضع حديثي الولادة. 

وبينما كان هذا التسويق النشط يستعرض صورًا مفرحة لأطفال سعداء مع الأمهات، إلا أن الشراب، الذي كان يحتوي على المورفين والكحول، تسبب في وفاة الآلاف من الأطفال قبل أن يتم حظره من قبل الجمعية الطبية الأميركية في أوائل القرن العشرين. 

كما أن الكثير من علاجات التسنين في تلك الفترة كانت تحتوي على الزئبق، على الرغم من أن إعطاءها يمكن أن يؤدي إلى "المرض الوردي"، الذي يسبب تغير لون الجلد، وحساسية الضوء، وتورم اليدين والقدمين، وفي الحالات الشديدة، أعراضًا عصبية.

"تهوية" الأطفال

وضع الأطفال في أقفاص على الشبابيك "لتعريضهم للهواء" – "هيستوري فاكتس"

عام 1894، وإلى جانب إعطاء النصائح حول الاستحمام وتغيير الحفاضات قدّم الدكتور لوثر إيميت هولت مفهوم "التعريض للهواء" للرضع في كتابه "رعاية وتغذية الأطفال". 

فقد كان هولت يعتقد بحسب "هيستوري فاكتس" أن الهواء النقي سيجدد وينقي الدم وأنه مهم جدًا للأطفال تمامًا مثل الغذاء، فاقترح أن يوضع الرضع في أسرتهم بالقرب من نافذة مفتوحة ابتداءً من عمر شهر واحد. 

وكان من الممكن تعريض الرضع للهواء الطلق في أي درجة حرارة كانت، شريطة أن يكون الطفل مجهّزًا بملابس مناسبة وألا تكون الرياح تهب في وجهه.

حتى أنه اقترح أن يوضع الرضع للنوم في الهواء الطلق داخل عرباتهم، مُصرًا على أن الأطفال الذين يفعلون ذلك يصبحون أقوى جسديًا من الأطفال الذين ينامون في الداخل.

وزعم أن هذه الطريقة "تُحسن الشهية، وتحسن الهضم، وتصبح خدي الطفل حمراء، وتظهر جميع علامات الصحة عليه بعد تعريضه للهواء".

وبدأت ممارسة "التعريض للهواء" تكتسب شعبية بعد ذلك، وفي أوائل القرن العشرين، بدأ الناس حتى في وضع الرضع داخل صناديق على الأسطح المسطحة. 

وظهرت أيضًا "أقفاص الأطفال" كوسيلة للآباء والأمهات الذين يعيشون في المدن لتوفير الهواء الطلق الضروري للرضع من داخل إطار مغلق معلق من نافذة.

التدريب على المرحاض في سن الـ4 أشهر

تدريب الأطفال على استخدام المرحاض في سن مبكرة جدًا – "هيستوري فاكتس"

 نصحت بعض الكتيبات التي انتشرت في الماضي الآباء بالبدء بتدريب أطفالهم على استخدام المرحاض في سن الأربعة أشهر فقط، أي تقريبًا قبل ثمانية أشهر من بداية تعلم الأطفال على المشي وقبل أكثر من عام لتوصيات تدريب استخدام المرحاض الحديثة.

 وهذا ما يطرح السؤال: بدون القدرة على المشي بنفسه إلى المرحاض، كيف تعلم الطفل بالضبط استخدامه؟ 

وفقًا لكتاب  Sadlers' The Mother and Her Child، كان ينصح أن يحضر الأهل المرحاض إلى أطفالهم حيث "تضع الممرضة أو الأم وعاءً في حضنها وتضع الطفل برفق وبعناية عليه".

وبهذه الطريقة، كان من المتوقع أن يكون الأطفال قادرين على التحكم في التبول بحلول عمر 8 أو 9 أشهر، وعند بلوغهم عامًا واحدًا كان يتوقع من الأطفال التخلص تمامًا من الحفاضات.

عدم إظهار العاطفة للأطفال

عدم تلقي الأطفال "الكثير من حب الأم" – "هيستوري فاكتس"

في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ ينظر للأطفال بشكل متزايد على أنهم كائنات بريئة ومعتمدة على أهلها بدلاً من كونهم كائنات بالغة صغيرة، إلا أنه رغم ذلك كان من غير المألوف أن يتلقوا الكثير من الحنان من والديهم. 

ففي بداية القرن العشرين، أعلن جون بي. واتسون عالم النفس الأميركي المعروف بدوره في تطوير مجال علم السلوك، أنه يجب على الأطفال عدم تلقي "الكثير من حب الأم".

ووجّه الأهل عام 1928 في كتابه "الرعاية النفسية للرضيع والطفل" بأن يُستقبل الأطفال بمصافحة في الصباح، وأنهم لا يُسمح لهم بالجلوس بحضن أهاليهم، ويجب ألا يتم عناقهم أو تقبيلهم، ما عدا قبلة خفيفة على الجبين عند وقت النوم.

واتسون لم يكن وحده من أتباع هذا المنهج في التربية الأميركية، فقد ذكر هولت أيضًا في كتابه المذكور سابقًا "رعاية وتغذية الأطفال"، إنه ليس مُستحسنًا الهز للرضيع، ووصفه بأنه "عادة يمكن اكتسابها بسهولة ولكن من الصعب كسرها، وهي تكتيك غير مفيد جدًا" لتهدئة الرضيع. 

وكان لدى العديد من "الخبراء" حينها نفس الرأي حيث نصحوا الأم بالتعامل مع الرضيع بأقل قدر مستطاع لئلا يصبح مدللًا، ونصحوا بالاكتفاء "بتحريك الرضيع من جانب إلى الآخر بين بين الحين والآخر، وتغذيته، وتغيير حفاضه، والحفاظ عليه دافئًا، وتركه بمفرده".

لا غداء ولا وجبات خفيفة 

السيطرة الكاملة للأهل على ما يأكله أطفالهم – "هيستوري فاكتس"

في أواخر القرن 19 وبداية القرن 20، كان ينصح على الأهل إعطاء أطفالهم وجبات "صارمة"، على أن تكون وجبات الخفيفة محدودة. 

فقد نقل موقع "هيستوري فاكتس" عن كتاب شافاس من عام 1868: "إذا كان يرغب الطفل في شيء ما لتناوله بين الإفطار والعشاء فليأخذ قطعة من الخبز الجاف".

ويتابع الكتاب: "إذا تناول الطفل وجبة غداء دسمة جدًا، وقال أريد المزيد أعطه ليشبع رغبته، قطعة من الخبز الجاف. لن يأكل من ذلك أكثر مما يفيده".

وبالمثل، نصح كاسل في "دليل المنزل" عام 1869 الآباء بعدم إطعام الأطفال بين الوجبات والالتزام بجدول زمني محدد، قائلًا إنه يجب ألا يتعرض الأطفال "لرؤية الطعام اللذيذ في أوقات غير مناسبة". 

وحتى اليوم، لا يزال الخبراء يشيرون إلى فوائد الروتين والجداول الزمنية في طفولتهم، حتى لو كانت الإرشادات حول أوقات الوجبات وعادات تناول الوجبات الخفيفة بعيدة كل البعد عن القواعد الصارمة في الماضي.

المصادر:
ترجمة
شارك القصة