Skip to main content

"ظروف كارثية".. سكان غزة يرتدون الملابس والأحذية ذاتها منذ أشهر

الأحد 18 أغسطس 2024
لقد كانت صناعة النسيج مزدهرة في غزة قبل بدء العدوان الإسرائيلي - غيتي

مع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عشرة أشهر، تتكشف مزيد من جوانب المعاناة الإنسانية لأهالي القطاع، ومنها مشاركة السكان للأحذية وارتداء الملابس ذاتها.

وبات العثور على ملابس ملائمة من أكثر الأمور تعقيدًا في القطاع المحاصر، حيث يواجه السكان البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة، ظروفًا إنسانية كارثية.

طفل ينمو في ذات الملابس

فقد اضطرت صفا ياسين، التي نزحت من مدينة غزة في شمال القطاع، إلى أن تُلبس طفلتها طقم الملابس الأبيض ذاته لأشهر.

تقول ياسين: "عندما كنت حاملًا، كنت أحلم باللحظة التي سأحتضنها فيها وألبسها ملابس جميلة... لكن مع الحرب لم أجد أي شيء للأطفال المواليد كي ألبسها إياه".

وتضيف السيدة البالغة 38 عامًا وتقيم حاليًا في منطقة المواصي بخانيونس في جنوب القطاع: "لم أتخيل يومًا أنني سأعجز عن إيجاد ملابس لطفلتي".

بات العثور على ملابس وأحذية جديدة أمرًا متعذرًا بغزة - غيتي

وتوضح بينما كانت تخبز في ظل حرارة الصيف المرتفعة: "وجدت بعض الملابس قبل نزوحنا، لكن أغلبها كان غير مناسب لحجم المواليد أو حتى لحالة الطقس الحالي".

وشددت إسرائيل حصارها على غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت، حيث بات دخول السلع مقيدًا ولم يسمح بوصول إلا القليل منها.

وتبذل فاتن جودة بدورها جهدًا كبيرًا لتوفير ملابس لطفلها آدم (15 شهرًا) الذي يرتدي طقمًا ضيقًا للنوم، لا يتناسب وحجمه الحالي، ولا يغطي ذراعيه وساقيه.

أما جودة (30 عامًا) فتؤكد أن طفلها "ينمو يومًا بعد يوم وملابسه التي كان يرتديها خلال أشهره الأولى صغرت عليه. لذا يحتاج إلى مقاسات أكبر ولكن لا شيء متوافرًا".

لقد كانت صناعة النسيج مزدهرة في غزة قبل بدء العدوان الإسرائيلي، وعرفت ذروتها مطلع تسعينيات القرن الفائت مع نحو 900 مصنع.

وكان قطاع النسيج يوظّف 35 ألف شخص وينتج أربعة ملايين قطعة ملابس ترسل إلى إسرائيل شهريًا.

"النساء يضعن الحجاب ذاته"

وتراجعت هذه الأرقام منذ عام 2007 مع فرض إسرائيل حصارها على قطاع غزة، حيث طال التراجع أيضًا ورش العمل بحيث تضاءلت في السنوات الأخيرة إلى نحو 100 يعمل فيها حوالي أربعة آلاف شخص وتصدّر شهريًا ما بين 30-40 ألف قطعة ملابس إلى إسرائيل والضفة الغربية المحتلة.

ومع حلول يناير/ كانون الثاني الفائت، قّدر البنك الدولي أن 79% من منشآت القطاع الخاص في غزة قد دمرت جزئيًا أو كليًا. وتسبّب انقطاع الكهرباء أيضًا في توقف المصانع التي كانت لا تزال قائمة.

في ظل شحّ المياه اللازمة لغسلها يسجّل انتشار للقمل في صفوف النساء - غيتي

أما كميات الوقود الشحيحة فتستخدم لتوفير احتياجات المستشفيات ومرافق الأمم المتحدة مثل المستودعات، ونقاط إمداد المساعدات، بالتالي، بات العثور على ملابس جديدة أمرًا متعذرًا.

وكتب المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني عبر منصة إكس: "خلال الأشهر العشرة الماضية، بعض النساء يضعن الحجاب ذاته".

ارتداء الملابس ذاتها طوال الوقت ليس مزعجًا فحسب، بل يشكّل خطرًا على الصحة. وفي ظل شحّ المياه اللازمة لغسلها، يسجّل انتشار للقمل في صفوف النساء.

"صلّحت حذائي 30 مرة"

ويقول أحمد المصري، الذي نزح من شمال القطاع نحو جنوبه مع بداية الحرب، إنه لا يملك "حذاء ولا ملابس ولا مأوى".

ويضيف الشاب البالغ 29 عامًا: "صلّحت حذائي 30 مرة... دفعت ثمن تصليحه عشرة أضعاف سعره" قبل الحرب. ويوضح: "حاولت أن أشتري لكن لم أجد".

حتى قبل العدوان الأخير، كان نحو ثلثي سكان قطاع غزة يعيشون في الفقر، ومع اندلاع العدوان وتردي الوضع الاقتصادي، اضطر كثيرون إلى بيع ملابسهم.

وضمن هذا السياق، يؤكد عمر أبو هاشم أن "سبل الحياة كلها مفقودة سواء أحذية أو ملابس أو أغذية، والأسعار مرتفعة جدًا".

نزح أبو هاشم (25 عامًا) من منزله في رفح على الحدود المصرية إلى خانيونس شمالًا، بدون أن يتمكن من حمل أي شيء معه.

ويقول أبو هاشم: "خمسة أشهر من النزوح، الملابس نفسها نغسلها ونرتديها مرة أخرى".

ويضيف: "أتشارك أنا وصهري الحذاء نفسه. ليس هناك أي أحذية متوافرة كي نشتري... أضطر للسير حافيًا وهذا ما يسبب الأمراض وانتشار البكتيريا".

المصادر:
أ ف ب
شارك القصة